في الوقت الذي تشكو فيه العراقيات من الوزن الزائد شأن الكثير من النساء العربيات، إلا أن ما يميز حالتهن أنهن لا يمتلكن الفرصة والوقت لتخفيف وزنهن الزائد بسبب عدم قدرتهن على ممارسة الرياضة بصورة منتظمة، حيث تعرقل العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية أداء ذلك بصورة فعلية، إضافة الى قلة الوقت بسبب الأسرة والأطفال، وعدم توفر مرافق رياضية حقيقية تمكّن النساء من أداء التمارين التي تساعد على تخفيض الوزن واستعادة اللياقة الجسدية، يضاف الى ذلك كله الأكلات الدسمة التي تحضرها المرأة في المطبخ العراقي.

وبسبب الوزن الزائد الذي تعانيه المرأة العراقية، لاسيما ربات البيوت، فإن انتشار ارتفاع ضغط الدم نتيجة السمنة والتغذية غير الصحية، يمثل خطرا حقيقيا يتربص بمعدلات الأعمار، بحسب الطبيب كاظم شاكر، الذي يبدي قلقا من الحالة الصحية الجماعية نتيجة عدم ممارسة الرياضة والإفراط في الأكل.

100 كيلوغرام

أم عصام (50 سنة) لم تعد قادرة على المشي بصورة طبيعية بسبب وزنها الزائد ( 100 كيلوغرام) ، وقلة نشاطها وعدم ممارسة الرياضة البدنية. وتشكو أم عصام من ارتفاع ضغط الدم بشكل مستمر، ورغم محاولاتها في التقليل من وزنها لكن ذلك لم يسفر عن شيء .

ولم تفلح محاولاتها في ممارسة الرياضة المنزلية، بسبب ضيق الوقت والعناية بأبنائها الخمسة، إلا أنها حاولت الاستعاضة عن قلة الحركة بالحمية المفرطة، حيث نجحت في التقليل من وزنها نحو ثمانية كيلوغرامات، كما تناولت حبوب التخسيس لكنها لم تستطع الاستمرار بصورة دائمة، فعاد وزنها الى الزيادة من جديد.

شيماء حسين (35 سنة) موظفة، يبلغ وزنها الآن (90 كيلوغراما) ، تنتقد عدم فسح المجتمع المجال للفتاة لكي تمارس التمارين الرياضية بغية تخفيف الوزن.

وتتابع شيماء: ليس ثمة مركز لياقة بدنية مناسب يمكن أن أمارس فيه التمارين الرياضية، ففي شارع فلسطين ثمة مركزان للياقة قريبان من مسكنها، لكنها لا تجرؤ على الذهاب بمفردها بسبب التواجد الذكوري الكثيف هناك، والنظرات المريبة التي ينظر فيها البعض اليها وهي تمارس التمارين، ما اضطرها الى الاعتكاف في البيت وممارسة الرياضة المنزلية، لكن النتائج ليست بالمستوى نفسه كمراكز الرياضة حيث تتوفر الأجهزة وأصحاب الخبرة الذين يقدمون نصائحهم الى الزبائن .

شفط الدهون

وقبل ثلاث سنوات أجرت زهراء العبيدي عملية شفط دهون في أحد المستشفيات الأهلية، لكن ذلك لم يكن إلا حلا موقتا، حيث ما لبث أن ترهل جسدها من جديد بسبب الأكل المفرط وقلة الحركة .

وتروي العبيدي كيف أن التخلّص من الشحوم بالشفط ليس بحل طالما توفرت أسباب السمنة، وان الإنخفاض التدريجي في الوزن هو الطريقة الأمثل بحسب نصيحة الأطباء لها .

وتعتقد الباحثة الإجتماعية أمل الدروبي أن اكثر النساء العراقيات يفشلن في تحقيق حلم الرشاقة، بسبب الظروف الاجتماعية والبيئية. وتفيد العبيدي أن الكثير من النساء يرغمن أنفسهن على برامج غذائية لفترة معينة لكن ذلك لا يصمد أمام ظروف عدم الاستقرار ونقص الخدمات وإمدادات الكهرباء، حيث يتطلب التخسيس وضعا نفسيا مستقرا .

الطبيبة زينب جعفر تؤكد حرصها على نشر الوعي بين النساء اللواتي يترددن عليها، إذ إن أغلب الأمراض اللواتي يعانين منها هي بسبب السمنة. وتتابع: الأخطر من ذلك هو التدخين المنتشر بين النساء السمينات ما يزيد من احتمال إصابتهن بالسرطان ايضا .

الناشطة النسوية إيمان الحجازي حزينة، لأن المسحة الجمالية لبعض النساء العراقيات طوتها الأجسام البدينة وquot;الكروشquot; المتدلية حتى بين فئة الشباب.وفي أحد الحوارات مع وفد نسائي اوروبي، انتقدت نساء اوروبيات بدانة النساء العراقيات، معتبرات أنه أمر يبعث على القلق بحسب الحجازي. وتعترف بعض النساء انهن لم يمارسن الرياضة طيلة حياتهن.

التقاليد المحافظة

أميمة حميد والتي يبلغ وزنها 90 كغم، ترجع أسباب عدم ممارستها الرياضة الى الخجل، والتقاليد المحافظة. ولا تُولي التربية المنزلية والمدرسية في العراق اهتماما كبيرا بالرياضة، ما يساهم بشكل كبير في تأخر الرياضة النسوية ، وانحسار المشاركة الوطنية في المسابقات الدولية والإقليمية الرياضية .

وترى مدرسة التربية الرياضة زينب خميس أن أغلب التلميذات والطالبات لا يحبذن ممارسة الرياضة ويحاولن قدر الإمكان التخلص من حصص الرياضة، بل هناك تلميذات يحرم عليهن أهلهن المشاركة في حصص الرياض المدرسية .

وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية الى أن انتشار السمنة بين النساء في العالم العربي، يتركز في الخليج بضمنه العراق و في مصر. وتقترح زينب تعميم الاندية الرياضية الخاصة بالنساء ونشر الوعي بأهمية الرياضة، وإعطاء اهتمام أكبر للرياضة البدنية في التربية المنزلية والمدرسية. وكانت العادات الاجتماعية العراقية الى وقت كبير ترى في المرأة المكتنزة اللحم والشحم والدهن اجمل واكثر صحة من المرأة النحيفة ، وهو اعتقاد شائع ما زال البعض يؤمن به الى الآن .