تمكن فريق دولي يضم مئات العلماء من اكتشاف أسرار خردة الحمض النووي وفك شفرته، التي اعتبرت طويلًا أحد أكبر الألغاز في علم الوراثة.
أوضح العلماء في ما وصف بأنه أكبر اختراق في علم الوراثة منذ عشر سنوات، كيف أن مقاطع كاملة من الحمض النووي كان يُعتقد أنها بلا نفع، تشكل في الواقع quot;لوحة سيطرةquot; تتحكم بالجينات.
ومن المتوقع أن تؤدي الدراسة الى علاجات طبية جديدة بتحديد مناطق أساسية من الجينوم البشري تسبب امراضا مثل السرطان. كما رُبطت quot;مفاتيحquot; معينة بمئة مرض بينها مرض كرون وسكري الأطفال والشيزوفرينيا أو الانفصام.
ويقول العلماء إن 1 إلى 2 في المئة فقط من الجينوم البشري أو كامل المادة الوراثية المشفرة تحوي جينات تشكل تلك المقاطع من الحمض النووي التي تحمل تعليمات لإنتاج بروتينات تُبنى منها الخلايا. اما باقي الجينوم، وخاصة المناطق البعيدة عن الجينات، فكان يُعتقد في البداية انها بلا غرض وسُميت quot;خردة الحمض النوويquot;.
واكتشف العلماء في المشروع الجديد الذي سمي quot;اينكودquot; ان 80 في المئة من منطقة الحمض النووي الخردة تساعد في تحديد كيف تُنتج البروتينات وأين تُنتج. وتوصل العلماء بصفة خاصة الى اربعة ملايين منطقة تقوم بدور مفاتيح اضاءة خافتة لجينات منفردة تحدد درجة نشاط كل جين أو خموله.
وفي 30 بحثا نُشرت في ثلاث مجلات علمية أعد خبراء من 32 مؤسسة علمية في انحاء العالم خريطة مفصلة لأربعة ملايين مقطع من الحمض النووي تنظم عمل الجينات.
وكان العلماء بدأوا منذ عقدين يدركون انه لا بد ان تكون لمناطق quot;الخردةquot; في الحمض النووي وظيفة ما لأنها على ما يبدو تؤثر في استعدادنا للإصابة بالمرض. ولكن الباحثين قالوا انهم دُهشوا بعدد المقاطع التي لها دور فاعل في الجينوم البشري.
وقال رئيس المشروع الدكتور ايوان بيرني من جامعة كامبردج البريطانية انه في ما يتعلق بفكرة الحمض النووي الخردة quot;كنا دائما نعرف ان الأمر اكبر من جينات تشفر بروتينات، مفاتيح تقوم بتفعيلها او تعطيلها. ولكني حقا لم أكن اتوقع هذا العدد وهذه الكثافة من المفاتيح. فهي اشبه بالغابة، ليست مكانا منتظما بل مكان يضجّ بالحياةquot;.
ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن الدكتور بيرني ان رسم خريطة لطريقة عمل هذه quot;المفاتيحquot; سيمكن علماء آخرين من ان يفحصوا بامعان اكبر كيف يمكن للطفرات التي تحدث في كل قسم من الجينوم ان تؤدي الى المرض، وما ينطوي عليه ذلك من امكانية تطوير علاجات جديدةquot;.
وسوف تُستخدم نتائج البحث خلال السنوات الخمس القادمة لإعادة تصنيف امراض مثل السرطانات التي يمكن في احيان كثيرة تقسيمها الى أنواع فرعية حسب هويتها الوراثية. وستحدد الأهداف بعيدة المدى ما إذا كان بمقدور العقاقير المتاحة ان تكون مجدية في علاج امراض مختلفة وفي نهاية المطاف تطوير ادوية جديدة ذات أهداف أدق.
التعليقات