ما يميز الكثير من سكان أميركا الجنوبية ان حبهم للفن ينعكس على شوارع وأزقة وأحياء مدنهم وبلداتهم، فيحولونها الى لوحات فنية جميلة،.


نهى أحمد من سان خوسيه: تعكس تلك الظاهرة حبهم للفن والألوان وطبيعة بلادهم التي تتمتع بشمس على مدار العام وكثرة الازهار والحيوانات التي لا يمكن مشاهدتها في بلدان أخرى. ولقد تحولت مدن بالكامل الى متاحف في الهواء الطلق يقصدها السياح بالأخص هواة التصوير الذين يحولون بدورهم صورهم الفوتوغرافية الى لوحات تباع أحيانا بأسعار خيالية، واحدى هذه المدن هي ويلمستاد عاصمة كوراكاو وهي واحد من جزر الانتيل التي أسسها الهولنديون في القرن الـ17 وعدد سكانها لا يتجاو الـ125 ألف نسمة.

فالى جانب شاطئها الجميل وصفاء مياهها وأشعة شمسها اللطيفة يخال من يزورها انه في معرض لأشهر الرسامين. فالمدينة من جزئين: اوتراباندا وبوندا يفصلهما ممر يؤدي الى المرفأ، بينما واجهات منازلها الصغيرة ملونة بكل الالوان الزاهية المفرحة. فكل مالك يختار اللون الذي يحلو له فيطلو الجدران الخارجية كما النوافذ والابواب، شرط ان تكون الألوان زاهية. واذا ما وجدت حديقة صغيرة فيكون منظر البيت كلوحة فنية رائعة.

وتعود هذه العادة حسب الرواية الشعبية الى ان احد الحكام الهولنديين كان يشكو من مرض عيون فامر بان يطلى كل بيت بلون مختلف كي لا ينزعج من انعكاس أشعة الشمس، لكن اتضح فيما بعد انه كان صاحب مصنع طلاء.

وسرق سحر العاصمة الارجنتينية بوينوس اريس حي لا بوكا الواقع في شرقها، ويشتهر اليوم ببيوته المتعددة الألوان بعد ان تحول الى مكان سياحي. فسكان هذا الحي الفقير قرروا قبل بضعة اعوام تجميل منظر بيوتهم المبينة من صفيح السفن فدعموها بألواح خشبية وطلوها، وزاد جمالها لوحات صغيرة رسمها فنانون مغمورون.

صور فلاحو القهوة
ورغم مساحتها تجمع بلدة غواتابيه في كولومبيا كل انواع الفنون من الرسم وحتى التماثيل التي تجسد فلاحي القهوة والمزارعين، لذا فان كل بيت فيها لوحة فنية منفردة، لان كل فرد استنفد طاقته من أجل جعل بيته الاجمل، ومن يتمكن من صعود السلم الحجري وارتفاعه 200 متر من بيادرا ديل بينول القريبة يجد نفسه امامه لوحة فنية رائعة لبيوت البلدة وساحتها.

ولا تقل موهبة سكان بلورينخا وهي ضاحية بمدينة سلفادور دي باهيا بالبرازيل الفنية عن غيرهم، فمع انها غنية بالمعالم التاريخية الا انهم أضافوا اليها لوحات رسمها أصحاب المواهب فتحولت الى مدينة متحف تجمع كل أنواع الفنون الانسانية وحولوا الساحة التي كان المستعمرون البرتغال يعاقبون الافارقة في زمن العبودية الى مكان يزخر بالفنون الجميلة وأزقتها تحولت الى متاحف صغيرة.
هافانا ليست مدينة السالسا فقط

ومع ان الكثير من مباني العاصمة الكوبية هافانا متداعية وبحاجة الى ترميم فان الفنانين فيها استغلوا كل زاوية لابراز موهبتهم الفنية لشد السياح، لان بلادهم كما يقولون ليست فقط رقصة السالسا والسيجار الهافاني، وعلى السائح زيارة احياء مثل بينار ديل ريو وسانتياغو دي كوبا بعد ان تحولت الى معرض خاص على وقع الموسيقى. ولمحبي الجدرانيات يمكنهم السفر شرقا الى وادي موغوتيس( موغوتيس فالي) لمشاهدة اقدم فنون الهنود الحمر سكان البلد الاصليين مرسومة على جزء من جبل صغير.

وعند الحديث عن مدينة فالبارايسو يجب الحديث عن الشاعر المعروف بابلو نيرودا الذي ارد سكانها بعد وفاته تحويلها الى متحف يحمل اسمه الى جانب متحف الفنون الجميلة. والمدينة كلها متحف، ففي الازقة والسلالم لوحات تحمل تواقيع الكثير من فناني العالم، ومن يريد مشاهدة المدينة من فوق علي استخدام المصعد الكهربائي الذي يصل الى مدخل متحف البحر.

ومن يبحث عن الاجواء الرومانسية عليه التوجه الى سان خوان القديمة في بورتو ريكو المطلة على البحر الكاريبي. فبيوتها تعكس أناقة العالم القديم وأجواء احتفالية دائمة، بالاخص الجزء المطل مباشرة على البحر الذي يطلق عليه لبعض اسم" قطعة حلوة ذات طعم مميز".