سارة لم تكن تعلم أين تتجه عندما اكتشفت أنها حامل. كان هذا في شهر مايو/آيار العام الماضي، وكانت تبلغ 23 عاما عندما كانت في آخر سنة من دراستها الجامعية، وتعمل في مقهى لتأمين تكاليف انتقالها من بلدتها الصغيرة الأيرلندية إلى دبلن. وكان ينتظرها في المدينة صديقها ومنحتها التدريبية. لم تكن سارة مستعدة لأن تصبح أمّا، ولم يفلح نظام تحديد النسل. فجلست في غرفة نومها، وبدأت في البكاء الشديد. وقالت سارة وهي تذرف الدموع أثناء تناول الشاي في دبلن الأسبوع الماضي: "شعرت بالوحدة الشديدة". وأضافت: "قد ترغبين في اتخاذ خطوة في وقت ما، لكن لم يكن لدي أي فكرة عما هي الخطوة التالية. وفي الطابق السفلي من المنزل كان والداها الذان يفترض أنهما سيجبراها على الاحتفاظ بالطفل. وعندما حاولت إثارة مسألة الإجهاض من الناحية النظرية، قالا لها إنه "قتل، قالا لي هذا، وهذا ما حدث." وتفرض أيرلندا حظرا شبه كامل على الإجهاض، بما في ذلك الحالات الناتجة عن سفاح المحارم وتشوهات الجنين القاتلة، ومعاقبة أي شخص يقبل على ذلك بالسجن 14 عاما. وفي وقت مبكر من الثمانينيات، دفع رجال الدين الكاثوليك في البلاد باتجاه إضافة حظر الإجهاض إلى الدستور، خشية إمكانية إباحته عن طريق المحاكم. ومُرر التعدل الثامن عام 1983، ومنح الجنين حقا متساويا في الحياة كأمه، ليُجَرم الإجهاض فعليا في جميع الحالات. ويُتوقع إضراب عدد كبير من النساء في مختلف أنحاء أيرلندا يوم الأربعاء، وارتداء ملابس سوداء، والخروج في تظاهرات للمطالبة بإلغاء التعديل الثامن. واستوحيت فكرة مجموعة حقوقية، أطلقت على نفسها "سترايك فور ربيل"، من احتجاجات مشابهة في بولندا العام الماضي. وقالت الناشطة أوفي فرانسيس، من سترايك فور ربيل: "علينا أن نُسمعهم صوتنا." ولا يزال تأثير الكنيسة الكاثوليكية حاضرا بقوة في البلاد، ويعتنق الكثيرون في أيرلندا أفكارا ذات جذور دينية عميقة عن الحق في الحياة. وبسبب إمكانية الخضوع للمحاكمة، خلقت الكنيسة مناخا لا يتيح سوى للقليلات التحدث علانية حول تجاربهنّ. وطلبت سارة عدم استخدام اسمها الحقيقي. كانت سارة "مذعورة من إخبار أحد" أنها تخطط للإجهاض. وفي النهاية، وجدت دعما عبر الوسيلة التي يقصدها آلاف الناس في مثل موقفها سنويا، وهي رقم لشبكة دعم الإجهاض، ومقرها المملكة المتحدة. وقالت سارة: "أردت فقط شخصا ما للتحدث إليه". ويسافر ما يُقدر بنحو 3500 امرأة أيرلندية إلى الخارج للإجهاض سنويا. وغالبا ما يسافر هؤلاء إلى إنجلترا، ويكنّ في أحيان كثيرة في ظروفة حرجة. وثمة خياران للنساء اللائي لا يتحملن تكاليف الانتقال، وهي نحو 2000 جنيه إسترليني للسفر والإقامة وإجراء العملية، أو ممن لا يستطعن البقاء بعيدا عن العمل، الأول هو تناول حبوب الإجهاض غير القانونية المباعة على الإنترنت، أو الخيار الثاني وهو الولادة. ومن بين ثلاث سيدات تتناولن الأقراص يوميا، سيشعر بعضهن بالخوف من الذهاب إلى الطبيب في حالة حدوث مضاعفات. وجمعت سارة وصديقها مدخراتهما، واقترضا مبلغا آخر ليصل إجمالي المبلغ 200 جنيه استرليني، وتحملت شبكة دعم الإجهاض باقي التكلفة، ووفرت لها شخصا متطوعا للتواصل سيقابلها في مطار ليفربول. وأشار استطلاع للرأي أجرته صحيفة ذا أيريش تايمز، الأسبوع الماضي، إلى أن النساء اللائي في مثل ظروف سارة ربما ينتظرن طويلا لممارسة حق الاختيار. فثمة حاجة إلى تغيير الدستور. وطبقا للاستطلاع، فإن الغالبية في البلاد يفضلن تشريع استثناءات فقط لحالات الاغتصاب، وسفاح المحارم، وحالات الأجنة القاتلة. وقالت روث كوبنغر، النائبة البرلمانية الأيرلندية، التي دافعت لسنوات عن حق الإجهاض لجميع النساء: "هذه هي قضية الحقوق المدنية لجيلنا." لكن محاكمتين أجريتا حديثا في شمال أيرلندا خلقتا مناخا من الخوف بشأن توزيع أقراص الإجهاض في الجنوب. فأي شخص يقوم بتقديم عقاري الإجهاض، وهما "ميثوتريكسيت" و"ميسوبروستول"، لأي امرأة حامل يتحمل نفس العقاب، وهو السجن 14 عاما. وفي يوم ممطر في دبلن، كانت تقف جماعة أخرى تدافع عن حق المرأة في الإجهاض، بالقرب من شارع أوكونيل، تطلق على نفسها "روزا أيرلند"، ويقومون بتوزيع مطويات ويبعون الأساور لجمع الأموال. وعلى بعد نحو 90 مترا من الطريق الذي يقف فيه متطوعو "روزا"، تقف جماعة أخرى متحدية المطر لنشر رسالتها. إنها جماعة "يوث ديفينس" التي تعد واحدة من أكبر جماعات الدفاع عن الحق في الحياة في أيرلندا. ويمسك متطوعو "يوث ديفينس" لافتات على الطريق السريع المزدحم بالسيارات لإظهار رسوم تصويرية لأجنة مجهضة. وأقصى ما ذهب إليه الجدل بين الفريقين هو مقارنة الإجهاض بالعبودية والهولوكوست، أو القتل العمد. وعلى جانب الطريق السريع تقف مؤسسة "يوث ديفينس"، إيد نيك ماثونا، وهي تشير إلى صور الأجنة المجهضة. وقالت: "هذه الصور تعكس حقيقة الإجهاض، لكن وسائل الإعلام الرئيسية لن تظهرها، فاضطررنا إلى ذلك." وتدافع "يوث ديفينس" عن الإبقاء على القانون الحالي وأحكام السجن التي تتفق معه. وتقول إيد نيك إن إتاحة الإجهاض لضحايا الاغتصاب بمثابة وضع "ضمادة صغيرة على جرح غائر... إنه حل سريع ولا يحل أي شيء." وأنشأت الحكومة الأيرلندية "جمعية شعبية" من 99 شخصا، جرى اختيارهم بصورة عشوائية، للسماع إلى شهادات الجماهير بشأن القضية قبل طرح أي توصيات حول محتوى أسئلة الاستفتاء. وقبل إصدار أي قرار، سيتعين إحالته إلى مجلس العموم الأيرلندي، الذي سيقرر ما إذا كان الاستفتاء بشأن إباحة الإجهاض لكل النساء، أو للبعض فقط.
- آخر تحديث :
التعليقات