تتمثل مهمة العصب التائه في المعدة في قياس مدى توسع المعدة وخلق شعور بالشبع في الدماغ. وربما يؤدي تحفيزه إلى خلق الشعور بالشبع لدى البدناء، وبالتالي تقليل أوزانهم.

إيلاف من برلين: يبدو أن فكرة تحفيز أو كبح العصب التائه في الحرب على البدانة، المنتشرة في العالم بشكل مقلق، ليست جديدة. إلا أن العلماء الأميركيين توصلوا إلى تحفيز العصب بوساطة أصغر جهاز ممكن، وحققوا أفضل النتائج في التجارب على فئران المختبر البدينة.

ففي مطلع سنة 2015 أجيز في الولايات المتحدة أول جهاز من نوعه يوقف العصب التائه عن العمل، ويزيد الشعور بالشبع في الدماغ. يطلق هذا الجهاز موجات صوتية عالية، تقطع الصلة العصبية بين المعدة والدماغ تمامًا.

مشكلة هذا الجهازهي حجمه الكبير نسبيًا، وحاجته إلى بطاريات كبيرة نسبيًا أيضًا، وهي بطاريات تحتاج شحنًا بين فترة وأخرى. كما لم يكن تأثيره كبيرًا. وفي التجارب السريرية على بشر يعانون من بدانة مرضية، نجح الجهاز في خفض أوزان المرضى بمعدل 8.5%. ونشر التقرير آنذاك في مجلة JAMA.

الاختلاف بين الطريقتين واضح، فالأولى تعتمد على وقف نشاط العصب التائه في المعدة، في حين أن الطريقة الثانية (الجديدة) تعتمد على تحفيز العصب. كما إن الطريقة الجديدة لا تحجب عمل العصب التائه بالكامل، لأن هذا العصب يغذّي القلب والكبد أيضًا.

جهاز يعمل بلا بطارية
كتب الباحث زودونع وانغ وفريق عمله من جامعة ويسكونسن، في ماديسن، في مجلة "نيتشر كوميونيكيشن"، إنهم طوّروا محفزًا للعصب التائه يقلّ حجمه عن سنتمتر واحد، ولا تزيد مساحته السطحية عن ثلث مساحة عملة السنت المعدنية.

الجهاز المصغر عبارة عن مولِّد منمنم يحول طاقة الاحتكاك في المعدة إلى طاقة كهربائية يتزود بها في عمله. يقيس الجهاز الاحتكاك مع جدران المعدة التي تتمدد بفعل الطعام في المعدة، وهو التمدد الذي يخلق توسعه الشعور في الشبع في الدماغ.

يقول العلماء الأميركيون إن الجهاز في المعدة غير محسوس بسبب صغر حجمه، كما إنه يغذي نفسه بطاقة تبلغ 40 ميكروواط، وهي طاقة تكفي لتحفيز العصبين الأساسيين المتفرعين عن العصب التائه.

فقدان 38% من الوزن في ثلاثة أشهر
اعتبر وانغ نتائج تجاربه على الفئران واعدة، لأنها ساعدت الفئران السمينة على تقليل أوزانها. ونجح الجهاز في العمل والتواصل بدون الحاجة إلى بطاريات أو مصدر طاقة خارجي.

تم تثبيت محفز العصب التائه على الجدار الخارجي للمعدة، بينما ثبتت أقطابه الصغيرة قرب نهاية المريء على فرعي العصب التائه الأمامي والخلفي. ويعمل الجهاز حال دخول الطعام إلى المعدة، ثم يتوقف تلقائيًا بعد انتهاء وجبة الطعام.

أثبتت التجارب على الفئران أن جهاز تحفيز العصب التائه قلل كمية الطعام التي يتناولها الفأر عادة. فقدت الفئران 35% من أوزانها بعد مرور 18 يومًا على التجارب، وارتفعت هذه النسبة إلى 38% بعد مرور 12 أسبوعًا.

يخطط فريق العمل من ويسكنسون لتجارب باستخدام محفز العصب التائه في حيوانات كبيرة، لمعرفة العلاقة بين كبح جماح العصب التائه والشعور بالشبع في أجساد كبيرة. ولا يخطط فريق العمل لتجارب سريرية على البشر في الوقت الحالي، بحسب التقرير في "نيتشر كوميونيكيشن".

بديل من العمليات الجراحية
في زمن الانفلات الوزني (البدانة) يمكن أن تكون طريقة تحفيز العصب التائه بديلًا من العمليات الجراحية، خصوصًا أن زرعه في المعدة لا يحتاج عمليات جراحية كبيرة.&

إذ يشير تقرير مركز رصد البدانة الألماني في هامبورغ إلى أن ملايين الألمان فقدوا السيطرة على أوزانهم، ولم يبق أمامهم غير الخضوع إلى مبضع الجراح كي يخلصهم من هذه المشكلة "الثقيلة".&

وتجد شركات التأمين الصحي نفسها مضطرة لتحمّل تكلفة هذه العمليات، لأن تكلفة رعاية البدناء الصحية على الشركة، وعلى حياة المرضى أنفسهم، وخيمة. إذ يعيش البدين 3 سنوات أقل من مثيله الرشيق كأدنى تقدير.

يلجأ مفرطو البدانة، الذين يشكلون 25% من المجتمع الألماني تقريبًا، بحسب تقرير اتحاد شركات التأمين الصحي، يلجأون أكثر فأكثر إلى العمليات الجراحية، التي تمتد بين تصغير حجم المعدة وشد الحزام على المعدة بهدف تقليصها، أو نفخ بالونات في معداتهم بغية تقليل شهيتهم للطعام.

وتنظر شركات التأمين الصحي بعين القلق إلى هذه الظاهرة، لأن الميل نحو علاج السمنة بالجراحة ارتفع بنسبة 64% بين 2008-2013، ومن المنتظر أن يرتفع أكثر. وارتفعت تكلفة هذه العمليات، في الفترة نفسها، من 2 مليون إلى 4.6 مليون يورو.