أنقرة: تستمر المعارك محتدمة الجمعة في محيط مدينة كوباني (عين العرب) السورية الحدودية مع تركيا التي يدافع عنها مقاتلون سوريون اكراد لمنع تنظيم "الدولة الاسلامية" من اقتحامها، في وقت وعدت تركيا ببذل "ما بوسعها" لمنع سقوط ثالث اكبر المدن الكردية في سوريا.

وقال رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو في مقابلة بثتها شبكة هابر-ايه تي في "لا نريد سقوط كوباني (..) سنبذل كل ما في وسعنا حتى لا تسقط"،& وذلك بعدما اعطى البرلمان التركي الضوء الاخضر للجيش بتنفيذ عمليات عسكرية ضد مقاتلي تنظيم "الدولة الاسلامية" في سوريا والعراق. وردا على الموقف التركي، سارعت دمشق اليوم الى اعتبار "النهج المعلن للحكومة التركية (..) انتهاكا لميثاق الامم المتحدة، الذي ينص على احترام السيادة الوطنية للدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية"، و"عدوانا موصوفا على دولة هي عضو مؤسس في منظمة الامم المتحدة".

وتبدو تركيا قلقة من تطورات الوضع في كوباني الواقعة على حدودها، والتي تسببت المعارك في محيطها بنزوح 186 الف شخص على الاقل عبر الحدود التركية، بحسب السلطات. وشهدت المدينة الجمعة "القصف الاعنف" منذ بدء الهجوم في اتجاهها في 16 ايلول/سبتمبر، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وارتفع إلى أكثر من ثمانين عدد القذائف التي أطلقها تنظيم "الدولة الاسلامية" على المدينة منذ الصباح. بينما افاد المرصد عن استمرار المعارك العنيفة على الجبهات الشرقية والغربية والجنوبية للمدينة.

وشاهدت صحافية في وكالة فرانس برس في منطقة تركية حدودية صباحا دخانا اسود كثيفا فوق المدينة التي يحاصرها مقاتلو تنظيم "الدولة الاسلامية". وقال المرصد السوري ان "وحدات حماية الشعب دمرت هذا الصباح آليتين تابعتين لتنظيم الدولة الاسلامية على بعد اقل من كيلومترين جنوب شرق كوباني".

ورغم تقدم المسلحين المتطرفين خلال الساعات الماضية، لم ينفذ التحالف الدولي بقيادة واشنطن اي غارات على مواقع تنظيم "الدولة الاسلامية" في محيط كوباني. بل افاد بيان للقيادة العسكرية الاميركية عن تنفيذ ست غارات الخميس والجمعة استهدفت مواقع للمسلحين المتطرفين في جنوب محافظة الحسكة (شمال شرق) وجنوب شرق دير الزور (شرق سوريا) وشمال الرقة (شمال) حيث اصيب معسكر تدريب ومصفاتا نفط يشكلان مصدر تمويل للتنظيم، اضافة الى هدف في محافظة حلب (شمال).

وتقع كوباني في محافظة حلب، لكن الغارات لم تشمل مناطق المعارك في محيطها. ومنذ يوم امس، بات المسلحون المتطرفون على بعد كيلومترين او ثلاثة من الجهة الغربية للمدينة، وعلى بعد مئات الامتار من جهاتها الشرقية. وطالب مسؤول كردي محلي ادريس نحسان بمساعدة دولية "في هذه المعركة ضد الارهاب" وباسلحة وذخائر. وقال "نحن ندافع عن كوباني. نحن (نقاتل) وحدنا".

وقال برهان اتماكا الذي شهد المعارك قبل وصوله الى المركز الحدودي التركي مرشد بينار "انها مجزرة ترتكب امام اعين العالم باسره". واضاف ان "العالم يبقى صامتا في وقت يتعرض الاكراد الى مجزرة". وتتيح السيطرة على مدينة عين العرب لتنظيم "الدولة الاسلامية" التحكم بشريط حدودي طويل وواسع محاذ لتركيا. ومنذ بدء الهجوم استولى تنظيم الدولة على نحو سبعين قرية في محيط مدينة عين العرب.

وسيطر التنظيم منذ حزيران/يونيو الماضي، بفضل عشرات آلاف المقاتلين الذين جندهم في المنطقة او استقدمهم من الخارج، على مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا ومناطق واسعة في العراق المجاور. وقد تمكن الجمعة من السيطرة على مناطق عدة في قضاء هيت في محافظة الانبار بعد معارك دامت يومين مع قوات الجيش والشرطة. ويقع قضاء هيت على بعد 150 كلم غرب مدينة بغداد.

ولا تزال الاجزاء المهمة في المدينة، وبينها الطريق الرئيس الذي يربط القضاء بمدينة تكريت، والطريق الاخر الذي يؤدي الى معبر القائم الحدودي، بيد الجيش. وما زالت الجهة الثانية من القضاء ايضا بيد ابناء عشائر البو نمر التي تساند القوات الامنية. وتعد هيت احدى ابرز المناطق التي يسعى التنظيم الى السيطرة عليها، من اجل قطع الامداد على قضاء حديثة الاستراتيجي الذي يضم احد اكبر السدود في البلاد.

وحاول التنظيم مرات عدة فرض سيطرته على حديثة التي تساند عشائرها قوات الجيش، لكنه فشل في ذلك. في مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية، دعا مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز ال الشيخ قادة الدول الاسلامية الى ضرب تنظيم "الدولة الاسلامية" من دون ان يذكره بالاسم "بيد من حديد". وقال في خطبة الجمعة في جبل عرفة حيث يحتشد حوالى مليوني مسلم لاداء مناسك الحج "دينكم مستهدف، أمنكم مستهدف، عقيدتكم مستهدفة".

واضاف "ابتلينا بأمة سفكوا الدماء وقتلوا النفس المعصومة وقدموا بها تمثيلا سيئا لا يمثل إسلاما (...) هؤلاء اعظم شأنا من الخوارج، هؤلاء إجراميون انتهكوا الأعراض وسفكوا الدماء ونهبوا الأموال وباعوا الحرائر ولا خير فيهم". واعلنت استراليا الجمعة انضمامها الى التحالف الدولي لتنفيذ غارات جوية على تنظيم "الدولة الاسلامية" في العراق، الى جانب الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا. في حين تشارك دول عربية في التحالف لضرب مواقع التنظيم في سوريا ايضا.

وفي السياق نفسه، تقدم رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر الجمعة بمذكرة امام البرلمان تلحظ ارسال مقاتلات الى العراق ستشارك طوال ستة اشهر في الضربات الجوية التي تستهدف مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية. وسيصادق البرلمان رسميا الاثنين على هذه المذكرة في تصويت شكلي كون حزب هاربر يتمتع بغالبية كبيرة في مجلس العموم. وكرر وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل ان المعركة "جهد مستمر صعب وطويل الامد".