باريس: راى محللون ان غياب دعم بري لمساندة ضربات الائتلاف الجوية ضد جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية وتردد تركيا في التدخل عسكريا، من العوامل التي ساهمت في تقرير مصير مدينة كوباني في سوريا على الحدود مع تركيا.

والتقدم الاخير لمقاتلي الدولة الاسلامية في سوريا والعراق تم ببطء لكن بوضوح امام انظار الدول ال60 المشاركة في الائتلاف الذي تشكل لمحاربة هذا التنظيم، بقيادة الولايات المتحدة. وفي حين رفعت اعلام التنظيم الاثنين في شرق كوباني بات واضحا ضعف حملة الضربات الجوية.

وقال ماريو ابو زيد المحلل في مركز كارنيغي للشرق الاوسط ومقره بيروت "في هذه المرحلة فات الاوان لانقاذ مدينة كوباني". واضاف "تمدد قوات الدولة الاسلامية في كوباني دليل جديد على ان حملة الغارات الجوية لا تحقق اهدافها لتدمير القدرات العسكرية لتنظيم الدولة الاسلامية".

والضربات الجوية الاميركية لم تنجح في وقف تقدم الجهاديين نحو المدينة بعد محاصرتها لثلاثة اسابيع ما ادى الى لجوء 190 الفا من سكانها الى تركيا. وطالب المقاتلون الاكراد بمساعدة دولية اكبر وازدادت الانتقادات لاخفاق الائتلاف الدولي وتركيا في وقف الهجوم على المدينة.

واتفق المحللون على انه في غياب تعاون مع قوات برية لتنسيق افضل للضربات الجوية، يصعب على الائتلاف وقف تقدم الجهاديين الذين يسعون الى السيطرة على شريط حدودي متصل من الاراضي على طول الحدود التركية-السورية.

وصرح مايكل كلارك مدير معهد رويال يونايتد سرفيسز لوكالة فرانس برس "لا اعتقد ان احدا كان متوهما في هذا الخصوص". واضاف ان الغارات الجوية نجحت في عرقلة حرية تحرك مقاتلي الدولة الاسلامية وارغمتهم على تغيير مخططاتهم "لكن بالتأكيد لا يمكنها القضاء عليهم".

وتابع ان "الطريقة الوحيدة للقضاء على تنظيم الدولة الاسلامية هو نشر قوات مماثلة على الارض". وقال انه "اصبح من المستحيل تقريبا" تأمين دعم جوي خشية وقوع ضحايا في صفوف المدنيين بعد ان دخلت قوات الدولة الاسلامية الى بعض احياء كوباني حيث تدور حرب شوارع طاحنة مع المقاتلين الاكراد لانقاذ المدينة.

واوضح كلارك ان الخيار الوحيد لانقاذ كوباني احدى المدن الكردية الرئيسية في سوريا هو اما بارسال على وجه السرعة المزيد من الاسلحة الثقيلة الى الاكراد او بنشر تركيا الدبابات التي حشدتها على الحدود.

واضاف كلارك "من وجهة النظر العسكرية القوات التركية قادرة على طرد مقاتلي الدولة الاسلامية من كوباني اذا قررت اجتياز الحدود". ودعا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الثلاثاء الى التعاون لشن عملية برية من دون ان يقترح ارسال قوات تركية.

وخلال محاصرة مدينة كوباني طرحت تساؤلات حول استعداد تركيا لمساعدة الاكراد. ويخوض حزب العمال الكردستاني نزاعا مسلحا منذ العام 1984 دفاعا عن حقوق اكراد تركيا، اوقع حتى الان ما لا يقل عن 45 الف قتيل.

وكان البرلمان التركي اجاز الاسبوع الماضي للحكومة الانضمام الى حملة الائتلاف الدولي لكن لم يتم حتى الان الاعلان عن خطة للتدخل عسكريا. وقال كلارك "هناك العديد من الاسباب التي تدفع بالاتراك الى لعب دور المتفرج. اولا سيتدخلون في بلد اخر وثانيا سيساعدون اقلية كردية هم على خلاف معها".

وقالت ارين ماري سالتمان الباحثة الكبيرة في مركز كويليام ومقره لندن ان على تركيا "المترددة" ودول اسلامية وشرق اوسطية ارسال قوات برية لوقف تقدم جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية. وصرحت لوكالة فرانس برس "كلما زاد عدد دول الشرق الاوسط المشاركة في حملة محاربة الدولة الاسلامية كلما تراجعت مصداقية دعاية التنظيم في اقامة دولة اسلامية لكافة المسلمين".

واضافت ان عديد قوات الدولة الاسلامية ليس كبيرا لدرجة "لا يمكن لجيش نظامي الانتصار عليها". وتابعت "لهذا السبب انه وضع يثير الصدمة لانه سمح لهم بالاستيلاء على اراض واسعة في سوريا والعراق في ظل حكومات غير مستقرة".

وحذرت من انه في حين يركز الائتلاف اهتمامه على كوباني قد يسعى مقاتلو الدولة الاسلامية الى التقدم في ضواحي بغداد مشددة على ان المطار خارج العاصمة العراقية يعد "موقعا استراتيجيا سيستهدفه تنظيم الدولة الاسلامية قريبا".

وقالت كلارك بشأن الجهود الدولية للقضاء على تنظيم الدولة الاسلامية "ستسوء الامور قبل ان تتحسن لان الائتلاف الدولي غير موحد سياسيا (...) ليس متينا كما تبدو الامور".

&وفي الاثناء اذا نجح الجهاديون في الاستيلاء على كوباني فان وصولهم المباشر الى الحدود التركية سيعرض استقرار باقي اوروبا للخطر كما قال ابو زيد. واضاف ان تنظيم الدولة الاسلامية قد يحارب "لبيع النفط والغاز في السوق السوداء" ويسعى لتمكين ناشطيه من التسلل الى تركيا واوروبا.