قتل ثلاثة أشخاص في اشتباكات بين قوات الأمن المصرية وأنصار مرسي، فيما استمر أنصار الإخوان في تظاهراتهم اليوم الجمعة، ضد ما يعتبرونه "إنقلابًا عسكريًا". في وقت أشار تقرير حقوقي إلى انخفاض الإحتجاجات الطلابية في الجامعات المصرية التي أكد أن معظمها سلمي، متهمًا قوات الأمن بالتسبب بوقوع عنف داخل الجامعات.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: تأتي تظاهرات جماعة الإخوان برغم قانون التظاهر، الذي يحظر التظاهرات في مصر، إلا بتصريح مسبق من وزارة الداخلية، وهو القانون الذي تسبب بمنع تظاهرات التيار المدني، بينما لم ينجح في الحد من تظاهرات مؤيدي مرسي. بينما رأى تقرير حقوقي أن 96% من الإحتجاجات الطلابية في الجامعات المصرية سلمية، متهمًا قوات الأمن بالتسبب بوقوع عنف داخل أسوار الجامعات.

ولقى ثلاثة أشخاص مصرعهم اليوم أثناء مصادمات بين قوات الأمن المصرية وأنصار جماعة الإخوان المسلمين. وقال مصدر أمني لـ"إيلاف" إن القتلى سقطوا في مواجهات بين قوات الشرطة وأنصار جماعة الإخوان، التي وصفها بـ"الإرهابية".

في القاهرة والفيوم
وأوضح أن قوات الأمن تصدت للتظاهرات التي خرج بها أعضاء الجماعة في القاهرة ومحافظات عدة أخرى، وقطعوا خلالها الطرق، وأحرقوا الممتلكات العامة والخاصة، مشيرًا إلى أن منطقة عين شمس شهدت تظاهرات وأعمال شغب من قبل الإخوان، وسقط فيها قتيلان بالرصاص. وأفاد بأن قتيلًا ثالثًا سقط في محافظة الفيوم، أثناء أعمال العنف التي قام بها الإخوان، وتصدت لها قوات الأمن.

وأعلن حزب الحرية والعدالة المنحل، الذي يعتبر الذراع السياسية للإخوان، عن مقتل أحد أعضائه. وقال في بيان له، الجمعة، إن الطالب عمر محمود عبدالعزيز خبيري، 17 عامًا، قتل "إثر إصابته بطلقات نارية في البطن أثناء مشاركته في مسيرات رافضة للسلطة، في قرية دفنو التابعة لمركز إطسا في الفيوم، ضمن فعاليات "قاوموا النظام"، التي دعا إليها "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، واتهم الحزب قوات الشرطة بقتله. وقال إن الممارسات الإسبتدادية "لن تمنع حراك الثورة".

ووقعت مصادمات دامية بين قوات الشرطة والإخوان في منطقة عين شمس في القاهرة، بعد خروج أنصار الجماعة في مظاهرات ترفض ما تعتبره "الإنقلاب العسكري". كما شهدت مدينة حلوان تظاهرات مماثلة، ووقعت اشتباكات بين الجانبين. استخدم فيها أنصار الإخوان الشماريخ والألعاب النارية والزجاجات الحارقة، بينما ردت قوات الأمن بقنابل الغاز والرصاص.

وتظاهر الإخوان في منطقة الهرم في الجيزة، وقطعوا شارع الهرم، ووقعت مشادات مع الأهالي. كما شهدت منطقة العمرانية مواجهات بين الإخوان والمارة، بسبب قطع الشوارع، وتنظيم تظاهرات، رفعوا خلالها صورًا للرئيس السابق محمد مرسي، وعلم مصر، إضافة إلى شعار رابعة الأصفر.

تراجع الاحتجاجات
في السياق عينه، قال تقرير صادر من مؤشر الديمقراطية، وهو مركز حقوقي معني برصد الإحتجاجات في مصر، إن شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، شهد انخفاضا عدديا واضحا في الاحتجاجات الطلابية مقارنة بأكتوبر 2013. وأوضح أن 209 احتجاجات طلابية نفذها طلاب مصر خلال شهر أكتوبر بمتوسط 7 إحتجاجات يومية. تصدرها طلاب الجامعات، الذين نفذوا 185 إحتجاجًا خلال الشهر، تلاهم طلاب المرحلة الثانوية العامة بـ 11 احتجاجا، في حين نفذ طلاب معاهد التمريض 5 احتجاجات، تلاهم طلاب المعاهد العليا بـ 4 احتجاجات، وجاء في ذيل القائمة الطلاب الحاصلون على الثانوية بـ 3 احتجاجات، تلاهم طلاب شهادات المعادلة باحتجاجين، ثم طلاب المرحلة الابتدائية بإحتجاج واحد.&

وبالمقارنة الكمية مع الاحتجاجات الطلابية خلال تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي 2013، يلحظ التقرير انخفاضًا عدديًا واضحًا في الإحتجاجات الطلابية. وأضاف التقرير أن الاحتجاجات شملت 25 جامعة، منهم 23 جامعة مصرية، وجامعتان دوليتان، وتصدر طلاب جامعات الأزهر المشهد الاحتجاجي، بعدما نفذوا 50 احتجاجًا، تلاهم طلاب جامعة القاهرة، الذين نفذوا 21 احتجاجًا، بينما تصدرت جامعة حلوان الترتيب الثالث، بعدما شهدت 17 احتجاج، في حين شهدت جامعة الإسكندرية 15 احتجاجًا.

وتساوت جامعات عين شمس والزقازيق والإسكندرية بـ 9 احتجاجات لكل منهم، في حين شهدت جامعات المنصورة 8 احتجاجات، والمنيا 7 احتجاجات، وأسيوط 6 احتجاجات، وطنطا 5 احتجاجات، وشهدت الجامعة الألمانية إحتجاجين، في حين شهدت نظيرتها الأميركية احتجاجًا واحدًا.

ولفت التقرير إلى أن الإفراج عن الطلاب المعتقلين وعودة المفصولين هما مطلبا الإحتجاجات الرئيسان، للطلاب، بنسبة 92.8%. وجاء المطلب الخاص بالتنديد بالإجراءات الأمنية المشددة في المركز الثاني بـ10 احتجاجات، في حين تلاه الاحتجاج على مقتل طالب الإسكندرية بـ 5 إحتجاجات، وجاءت المطالب الخاصة بالالتحاق بمعاهد وكليات التمريض بـ 5 احتجاجات، ومطالب جامعية أخرى، مثل الإعتراض على اللوائح الطلابية أو طلب الإلتحاق بالمدن الجامعية أو فتح باب التحويل الورقي للجامعات.

النصرة للسلمية
وذكر التقرير أن 96% من إحتجاجات الطلاب انتهجت مسارات سلمية، مضيفًا أن الطلاب نظموا 69 تظاهرة، مثلت نسبة 33% من الوسائل الإحتجاجية، تلتها المسيرات الإحتجاجية، التي مثلت 27% من الوسائل الإحتجاجية التي انتهجها الطلاب في 56 احتجاجا، فيما نظم الطلاب 52 وقفة احتجاجية مثلت 25% من الوسائل الإحتجاجية، فيما شهدت الجامعات 12 سلسلة بشرية، ونظم الطلاب 9 حالات قطع طريق، إضافة إلى 4 حالات إضراب عن الدراسة و3 حالات تجمهر، الأمر الذي يشير إلى أن الطلاب انتهجوا في احتجاجاتهم 95.7% طريقة ووسائل سلمية، بينما مثلت وسائل العنف 4.3% من وسائل الإحتجاج.

ووفقًا لمؤشر الديمقراطية، فإنه رغم البدايات الاحتجاجية السلمية في معظمها، إلا أنها انتهت بأعمال عنف بين قوات الأمن والطلاب، بشكل جعل الحرم الجامعي في مصر يشهد 81 حادث عنف خلال تشرين الأول/أكتوبر، تصدرهم فضّ قوات الأمن لـ 19 تظاهرة طلابية، كان معظمها لم يشهد عنفًا أو إحتكاكًا، ولكن الأمن قرر الفضّ لمخالفة فكرة التظاهر للتشريعات والقرارات التقييدية الأخيرة التي تبنتها الإدارة المصرية، مما نتج من هذا العنف ضد الحق في التظاهر إثارة للطلاب وحدوث 10 اشتباكات بين قوات الأمن والطلاب.

الاشتباكات بين أفراد شركة فالكون المتعاقدة على تأمين 12 جامعة والأمن الإداري وبين الطلاب جاءت كثاني الحالات المتصدرة لأشكال العنف، حيث شهدت الجامعات المصرية 15 حالة اشتباك بين أفراد الشركة - الأمن الإداري والطلاب، تمثلت أسباب معظمها في مشاحنات عند تفتيش الطلاب، وكانت كلها لأسباب خاصة بتعنت الشركة ضد الطلاب وعدم مراعاتها لمسؤوليات الطلاب الجامعية، بينما تمادت الشركة في حالتي إعتداء من قبل أفرادها على إعلاميين، وحالة اعتداء على أحد أفراد الأمن الإداري.

خسائر مادية
وكانت نتائج كل تلك الإشتباكات والإعتداءات على الشركة، وقوع 9 حالات تدمير للبوابات الإلكترونية للشركة وخسارة الشركة لما يقارب مليون ونصف مليون في أول أسبوع دراسي، إضافة إلى خسارة جزء من سمعتها الأمنية، بعدما أقام بعض الطلاب معرضًا بما حصلوا عليه من ملابس أفراد الشركة وأجهزتها كحصيلة للاشتباكات، الأمر الذي جعل فالكون وحدها تتورط في 27 حادث عنف في الجامعات المصرية.

مثلت الإشتباكات الواقعة بين الطلاب المنتمين والمناصرين لجماعة الإخوان وبين الطلاب المناصرين للدولة، واحدة من مؤشرات العنف المهمة، بعدما شهدت الجامعات 5 حالات اشتباك، سواء كانت اعتراضًا منهم على تصويرهم لبعض التظاهرات أو لاعتراضهم على الهتافات المناهضة للجيش، وهو ما أدى إلى تلك الاشتباكات، وهو ما يرى المؤشر أنه جانب خطير تبناه العديد من الإدارات المصرية، حيث مواجهة الطلاب بمجموعات طلابية أخرى مؤيدة، ولكنها تنتهج العنف مثلما لعب الإخوان الدور نفسه وقت حكم الرئيس الراحل أنور السادات ضد قوى اليسار أو من يرتدون قميص عبد الناصر، تلك السياسة لا تخلق سوى المزيد من العنف داخل الجامعات والمزيد من التطرف في العمل الجامعي والسياسي، لذا وجب على الإدارة الحالية اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لوقف هذا الشرخ بين الطلاب والتصدي لأي محاولة من أي طالب لسلب زميله حرية التعبير والرأي مهما كان أسلوبها، وأن يترك الأمر كله للإدارة الجامعية.

علاقة تكاملية
وأكد التقرير أنه كلما تعاظم التقييد الأمني والمواجهات الأمنية مع الطلاب، ارتفعت حدة أعمال العنف والإشتباكات، مشيرًا إلى أن التعاقد مع شركات أمن خاصة مثل فالكون والزجّ بقوات الأمن من الشرطة والجيش لمواجهة التظاهرات الطلابية قد أفضى إلى مزيد من الخسائر البشرية و الإقتصادية. وطالب مؤشر الديمقراطية بضرورة إعادة النظر في تعاقدات فالكون، وكذلك الإنسحاب التدريجي لقوات الأمن من الجامعات حتى الوصول إلى مرحلة عدم بقاء سوى الأمن الإداري، لأنه طالما بقيت قوات الأمن طالما بقيت أعمال الشغب والعنف والاحتكاكات.

ودعا المركز الدولة المصرية إلى ضرورة إشراك الطلاب بشكل واضح وفعال في وضع حزمة من اللوائح والتشريعات الجديدة المنظمة للعمل الجامعي مع ضرورة إعادة النظر في كل التشريعات والقرارات الحالية بشكل يتخذ من منح الحرية أساسًا، ويعكس ثقة الإدارة في الطالب، ويعمل على دعم المسارات السلمية والفعالة التي يستطيع الطالب بها ممارسة كل أنشطته التنموية والسياسية والجامعية داخل أسوار الجامعة، عوضًا من الاستمرار في سياسة لن تجدي سوى في خلق حالة من مواجهات الشوارع أو شكلًا من أشكال الكر والفر والمواجهات المستمرة مع الطلاب.