يواجه صالح مطلك، نائب رئيس الوزراء العراقي رئيس لجنة إغاثة اللاجئين العراقيين، الاستجواب برلمانيًا بتهم&الفساد في اللجنة التي خصص لها 500 مليون دولار لمساعدة حوالي مليوني نازح في قضية يتبادل سياسيون حولها اتهامات ومحاولات للتسقيط السياسي.


لندن: قالت هيئة رئاسة مجلس النواب انها قبلت طلب استجواب نائب رئيس الوزراء رئيس لجنة إغاثة وإيواء النازحين صالح المطلك، وانها بصدد التداول مع رئيس الوزراء حيدر العبادي لتحديد الموعد في جلسة مقبلة، ويعلن عنه بشكل رسمي.

وأوضحت انها استلمت طلب استجواب المطلك وعرضته على المستشارين القانونيين المختصين لغرض استيفاء البعد الشكلي والموضوعي وتركت فرصة لمعالجة المشاكل الموجودة وطالبت بالبيانات الداعية للاستيفاء فكانت نتيجة ذلك ان الرئاسة توصلت إلى أنّ الاستجواب مستكمل كل شروطه القانونية.

وأشارت إلى أنّ هذا الاجراء "يأتي احتكاماً إلى الدستور وعملاً بمتطلبات الممارسة الديمقراطية التي رسخها وأكد عليها وايمانًا من مجلس النواب بضرورة اداء واجبه الرقابي نيابة عن الشعب وحفاظًا على مكتسبات العملية السياسية التي تتطلب شفافية ووضوحا يضع الجميع في موقع المسؤولية لخدمة العراق"، كما قال المكتب الاعلامي للبرلمان في بيان صحافي تسلمت "ايلاف" نسخة منه الليلة الماضية عقب اختتام جلسة مجلس النواب.

خروقات قانونية

وجاء قبول استجواب المطلك بناء على طلب تقدم به النائب عن "ائتلاف جماهير العربية" مشعان الجبوري (الذي خاض الانتخابات الاخيرة على قائمة المطلك حليفا له) ووقعه اكثر من 50 نائبًا لتحديد موعد سريع لاستجواب المطلك علنًا بحضور وسائل الاعلام.

وقال الجبوري في مؤتمر صحافي انه سيقدم استقالته علنًا في حال عدم ثبوت تورط المطلك في صفقات مشبوهة. وأشار إلى أنّ "هناك صفقات مشبوهة بقرابة النصف مليار دولار من منحة النازحين،&كما يوجد&مسؤولون كبار متورطون فيها"، بحسب زعمه.

وكان مجلس النواب قد صوت بجلسته المنعقدة في الاول من الشهر الحالي على حل لجنة إغاثة النازحين التي يرأسها المطلك على خلفية شبهات فساد شابت العقود التي اجرتها اللجنة لتجهيز الخيم والكرفانات والسلة الغذائية للنازحين.

كما وافق المجلس على احالة الملف الخاص بلجنة اغاثة النازحين إلى هيئة النزاهة للتحقيق في شبهات الفساد وعلى توصيات بحلها لوجود حالات فساد في جوانب عدة بعملها مع تحويل مهامها إلى وزارة الهجرة والمهجرين والحكومات المحلية في المحافظات.

وأشار تقرير اللجنة البرلمانية إلى "وجود غموض في بعض الجوانب المتعلقة بطريقة التعامل مع الاموال المخصصة للنازحين وتسجيل خروقات قانونية بشأن الايفادات، كما أن اجراءات التسليف لم تجرِ وفقًا للقواعد الادارية بالاضافة إلى وجود شكاوى بشأن صرف المنح فضلاً عن انعدام الخدمات الطبية والصحية المقدمة من وزارة الصحة في مخيمات النازحين في اقليم كردستان، وهو ما يتعارض مع قرار الوزارة بفتح مراكز صحية للنازحين".

مشعان الجبوري يتهم... والمطلك يدافع

وتشير معلومات إلى أنّ هذه الحملة الداعية للاستجواب قد بدأت بعد أن رفض المطلك مؤخراً طلبًا قدمه ابن النائب مشعان الجبوري المدعو يزن، وشريك لبناني لتزويد مخيمات النازحين في محافظة دهوك الكردية بألف كرفان صناعة لبنانية بقيمة نصف مليون دولار للكرفان الواحد، وهو سعر وجدته لجنة المطلك أعلى بكثير من العروض الاخرى.. لكن مشعان ينفي ضلوع ابنه في تقديم أي عرض إلى اللجنة ويدعي أنه طلب من يزن مغادرة العراق والاشتغال في دول أخرى بعد ساعات من أداء القسم كنائب في البرلمان اواخر الشهر الماضي.

وقد اثارت اوساط مقربة من مشعان الجبوري ملاحظات ومخالفات كثيرة على أداء هذه اللجنة، ومنها أن رئيسها المطلك قد استعان بعدد من اقاربه وموظفين في مكتبه وعهد اليهم الاتصال بشركات الاغاثة وتوقيع عقود معها لشراء خيام وكرفانات ومستلزمات حياتية وخدمية بمبالغ كبيرة، وهو ما جعل المطلك في موضع اتهام.

لكن صالح المطلك وصف الاتهامات الموجهة للجنته بالفساد ومنها توزيع منحة المليون دينار على كل عائلة نازحة "بالكذب والتجني". وقال المطلك في تصريح صحافي في الخامس من الشهر الحالي "هذه الاتهامات فيها تجنٍ وكذب وليس من المعقول أن تطلق بهذا الاسفاف وطرح هذا الموضوع بهذه الطريقة". ولم يستبعد المطلك وجود حالات فساد بتوزيع المليون دينار للعوائل النازحة لكنها "ليست بالكبيرة كما اعلن عنها".. مدعيًا "وجود عملية تشويش باطلاق هذه التهم".. موضحًا أن لجنته "تضم وزراء وكوادر من وزارتهم".

معركة حول مقعد برلماني شاغر

وتشير المعلومات إلى أنّ الاتهامات المتبادلة بين الجبوري والمطلك تعود إلى الشهرين الماضيين حين حاول المطلك حرمان مشعان الجبوري الذي خاض الانتخابات الاخيرة في نيسان (أبريل) الماضي ضمن قائمة المطلك (العربية) من عضوية البرلمان بمنحها لمقرب له، بعد أن شُغر مقعد فاز به محافظ صلاح الدين السابق احمد عبد الجبوري لتعيينه وزير دولة للمحافظات في حكومة حيدر العبادي ليرشح الجبوري محله، بالعكس من رغبة المطلك الذي رشح للمقعد مرشحاً مقرباً منه هو احمد ناظم العزاوي ثم حدثت ملابسات قانونية في ايهما يستحق المقعد النيابي الشاغر رافقتها تدخلات ووساطات حسمت في النهاية لصالح مشعان بعد أن ضغط ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي على مفوضية الانتخابات واغلب المسؤولين فيها من حزب الدعوة لترجيح كفة الجبوري الذي فاز بالمقعد النيابي اخيرًا.

وقد ادت هذه التطورات إلى اصابة المطلك بأزمة قلبية حيث اجريت له مؤخراً في احدى مستشفيات العاصمة الاردنية عملية تنشيط للقلب نتيجة الارهاق الذي اصابه والاتهامات التي ترافقت مع رئاسته لتلك اللجنة ذات الميزانية العالية والاستعدادات لاستجوابه.

واذا ما تم هذا الاستجواب فسيكون الاول من نوعه لمسؤول حكومي رفيع منذ تشكيل الحكومة برئاسة حيدر العبادي ما يضع تعاون السلطتين التشريعية والتنفيذية الجديدتين في هذا الجانب في الاختبار باثبات جديتهما بمحاربة الفساد.

وكان العبادي أكد الاثنين الماضي انه "ماضٍ باجراءاته الاصلاحية لمكافحة الفساد الاداري والمالي في مؤسسات الدولة مع اتخاذ اجراءات للحد والقضاء على هذه الظاهرة"، وقال "اننا لن نتوانى في كشف المفسدين واقالتهم بعد التحقيق معهم وتقديمهم للمحاكم لأن ثروة البلد هي ملك للشعب ونحن امناء عليها ومن الضروري المحافظة عليها".&