فيما أكّد العراق وقطر اليوم أن علاقاتهما ستشهد انفتاحًا واسعًا خلال الأيام المقبلة مع إعادة فتح السفارة القطرية في العراق، واعلن رئيس البرلمان العراقي عن إعداد مشروع قانون يحلّ هيئة المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث ويحيل قضاياها إلى القضاء.



لندن: في أطار مباحثاته التي يجريها في العاصمة القطرية، والتي بدأت الاثنين الماضي، بحث رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري مع رئيس الوزراء وزير الداخلية القطري عبد الله بن ناصر آل ثاني الخميس طبيعة العلاقات بين البلدين حيث أكدا أن هذه العلاقات ستشهد انفتاحا واسعا خلال الايام المقبلة.
كما جرى بحث الملف الأمني في العراق وتداعياته، وفي هذا الإطار شدد الجبوري على ضرورة التضامن العربي مشيرا إلى وجود التزامات متبادلة بين العراق وأشقائه العرب تقضي بتقديم جميع أشكال الدعم لتجاوز التحديات الحالية كما نقل عنه بيان صحافي لمكتبه الاعلامي تلقت "إيلاف" نسخة منه .
كما أجرى الجبوري قبل ذلك سلسلة &لقاءات مكثفة مع عدد من القيادات والمسؤولين القطريين من بينهم &رئيس مجلس الشورى محمد الخليفي ووزير الخارجية خالد العطية حيث تمخضت اللقاءات عن جملة من النتائج من بينها عزم الدوحة على&فتح سفارتها في العراق قريبا.
&
ويقوم الجبوري بزيارته الحالية للدوحة، وهي الاولى لمسؤول عراقي رفيع إلى الدوحة منذ عدة سنوات لاجراء مباحثات تهدف إلى تصفية أجواء العلاقات الملبدة باتهامات العراق للبلد الخليجي بدعم الإرهاب ومساندة المعارضين العراقيين للنظام اضافة إلى مناقشة الاوضاع في المنطقة وجهود دولها لمواجهة خطر تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" والتنسيق بين البلدين في تبادل المعلومات الاستخبارية لمواجهة خطر التنظيم.&
وكان الجبوري قام خلال الشهر الماضي بزيارات إلى السعودية والكويت والأردن حيث &نقل علاقات بلاده مع هذه البلدان إلى مرحلة متقدمة جديدة وارسى علاقات برلمانية تقوم على التعاون مع المؤسسات البرلمانية ومجالس الشورى فيها.
وكانت قطر وعدت العراق في السادس من الشهر الماضي بفتح صفحة جديدة من التعاون البناء في مختلف المجالات، وخاصة الأمنية منها وأكدت انها تفتح قلبها قبل أبوابها للمسؤولين العراقيين واتفق البلدان على تشكيل لجنة للتعاون الأمني المشترك والبدء بمرحلة تعاون مبنية على العمل المشترك والمشاركة الفعالة في مكافحة الإرهاب والتصدي للفكر المتطرف.&
وجاءت المحادثات العراقية القطرية هذه والتأكيد على البدء بتعاون أمني مشترك في وقت ظلت فيه العلاقات بين البلدين تشهد أزمات مستمرة بسبب اتهامات مسؤولين عراقيين ونواب وكتل سياسية لقطر بدعم الإرهاب في العراق. وفي آذار الماضي اتهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي قطر والسعودية بدعم المقاتلين الذين يواجهون سلطاته في عدد من المحافظات العراقية، وقال ان هاتين الدولتين الخليجيتين تقدّمان الأموال لتجنيد مقاتلين في الفلوجة.
&
مشروع قانون يلغي هيئة اجتثاث البعث ويرحّل قضاياه للقضاء
وعلى صعيد آخر، أعلن رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري اليوم عن إعداد مشروع قانون ينتهي إلى حل هيئة المساءلة والعدالة وإحالة الملف على القضاء .
وشدد الجبوري خلال اجتماعه بالدوحة مع ابناء الجالية العراقية في قطر على ان العراق يجب ان يعود ليأخذ دوره المعهود ليس على المستوى المحلي أو الاقليمي فحسب وانما على المستوى الدولي ايضا.
وأضاف ان "بعض الدول طمعت بالعراق بسبب سوء الادارة ورسالتنا التي نحملها للجميع لا تتدخلوا بشؤوننا مثلما لا نحب لأنفسنا ان نتدخل في شؤونكم فقد آن لهذا البلد ان يستقر ويصنع قراره بنفسه".
وأكد "من حق أهلنا علينا ان نحيطهم علما برؤية الساسة للإنتقال إلى مرحلة أفضل عما هي عليه"، موضحا ان جهودا تبذل لأجل تجاوز كل الانسدادات التي حصلت خلال الفترة السابقة وإقناع المحيط العربي برغبة العراق الجادة بالتعاون في ضوء التحديات التي تواجهها المنطقة برمتها وعلى وجه الخصوص التحدي الأمني ونتائجه وتداعياته .
&
واشار إلى ان الأزمات التي مر بها العراق كانت نتاجا لأخطاء عديدة وان الاتفاق الذي تشكلت بموجبه الحكومة الحالية كان جزءا من علاج تلك الأخطاء وجسّد رغبة في اصلاح حقيقي شامل وفق مبدأ إحداث تغيير حقيقي في السياسة الداخلية العراقية التي تجمع العراقيين، ولا تفرقهم ونحن بانتظار اتمامه.
وقال الجبوري "وضعنا عدة بنود نستطيع في ضوئها ايجاد قدر أكبر من المصالحة الوطنية الجامعة أبرزها تشكيل الحرس الوطني وملف التوازن ومشاركة الجميع في اتخاذ القرار بالاضافة إلى قضية المساءلة والعدالة وقانون العفو العام الذي لا نقصد به الأبرياء بل اولئك الذين لم يحاكموا وطالت فترة التحقيق معهم أو الذين افرج عنهم، وما زالوا قيد الاحتجاز وهو ما يحاكي القرار الأخير لرئاسة مجلس الوزراء بهذا الصدد", موضحا ان " الاجتماع الأخير الذي عقدته الرئاسات الثلاث للجمهورية والبرلمان والحكومة الاسبوع الماضي تناول تقديم مشروع قانون ينتهي إلى حل هيئة المساءلة والعدالة وإحالة الملف على القضاء". وتنفيذا لذلك فقد باشرت الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة مع مجلس القضاء الاعلى النظر قبل ايام في التعديلات المقترحة على قانون الهيئة بما يحقق العدالة المجتمعية وفقا للدستور .
&
وكان الرئيس العراقي فؤاد معصوم قد اعلن نهاية آب (أغسطس) الماضي عن&اتفاق على انهاء ملف الاجتثاث خلال عام واحالته على القضاء ودعا خلال اجتماعه مع وفد من هيئة المساءلة والعدالة (لاجتثاث البعث) برئاسة رئيس الهيئة وكالة باسم محمد يونس البدري إلى مراجعة وتعديل القانون بما ينسجم وتحقيق التسامح وتجاوز الماضي في اشارة إلى امكانية التخفيف من اجراءاته التي اعاقت لفترات اعادة تأهيل حوالى مليوني عراقي انتسبوا إلى الحزب او ارغموا على الانتماء اليه من قبل سلطات النظام السابق.
واشار معصوم إلى ان "الهيئة أنشئت لمرحلةٍ انتقالية وحان الوقت لإجراء مراجعة وتعديل بعض الفقرات في قانونها".. مشيراً إلى ضرورة أن يكون مبدأ هيئة المساءلة والعدالة في عملها هو التعامل مع جميع الملفات وبشكل عادل ومتساوٍ، لما لهذه الهيئة من ظروف مرحلية تستدعي النظر والمراجعة فضلا عن أن يكون عملها بعيداً عن الإنتقائية والإعتبارات السياسية ويستفيد من مبادئ العدالة الانتقالية" كما نقل عنه بيان رئاسي اطلعت على نصه "أيلاف".
&
وطالب معصوم كادر هيئة المساءلة بأن يقدموا ورقة عن موضوع هذه المراجعة وطبيعة التعديلات كونهم يعملون في المؤسسة منذ مدة وعلى معرفة بكل القوانين التي تحتاج إلى مراجعة الفقرات وتعديلها مع ضرورة إبقاء الملفات باعتبارها جزءاً من الذاكرة العراقية. وشدد على ضرورة مراجعة التجارب السابقة لدى الشعوب الاخرى وإمكانية تبني بعض المواقف التي تنسجم والحالة العراقية التي اعتمدت التسامح وتجاوز الماضي دون أن تتأثر العدالة بذلك لتأسيس مرحلة تحافظ على النسيج الإجتماعي للشعب العراقي.
وتشير المادة الاولى من قانون اجتثاث البعث الذي اصدره الحاكم الأميركي المدني السابق بول بريمر بعد سقوط النظام السابق عام 2003 ثم تم تعديله عام 2008 وتغيير اسمه إلى قانون المساءلة والعدالة إلى تعريف عضو حزب البعث بأنه "كل شخص انتمى لحزب البعث وأدى يمين الولاء له" .. وفي مادته &السادسة يقرر القانون ان اعوان النظام هم الأشخاص من المنتمين إلى حزب البعث، أو المنتسبين إلى الأجهزة القمعية، والمتعاونين معهم" .
وكان الرئيس الأميركي باراك اوباما قد اشار في خطاب له الشهر الماضي إلى اجتثاث البعث عقب اجتماع مع مجلس الأمن القومي لدراسة الاوضاع في العراق وسوريا على ضوء سيطرة الدولة الاسلامية على مناطق شاسعة من البلدين. واضاف إن "دراسة قوانين كاجتثاث البعث واعطاء الناس فرصاً للانخراط بوظائف حكومية ومع إستراتيجية حكومية صحيحة يمكن أن نحقق تقدمًا على مستوى الأمن في العراق".
وفي التعديل الذي اجري على قانون الاجتثاث تم رفع الحجز عن دور البعثيين واتيح لهم بيع دورهم أو شراء دور ومنحهم استحقاقاتهم التقاعدية وإعادة عدد من العسكريين السابقين إلى الجيش العراقي الحالي.
جدير بالذكر أن قانون المساءلة والعدالة هو التسمية الجديدة التي اطلقت على قانون اجتثاث البعث الذي اصدره الحاكم المدني الأميركي بول بريمر والذي تولى إدارة العراق بعد اجتياحه عام 2003 حيث
شكّلت في ضوء القانون حينها هيئة اجتثاث البعث التي ترأسها أحمد الجلبي زعيم حزب "المؤتمر الوطني العراقي" وتحولت تسميتها إلى "هيئة المساءلة والعدالة" بعد إقرارها في البرلمان العراقي عام 2008.
&

&