بنغازي: صدت القوات الحكومية الليبية السبت هجوما مباغتا لميليشيات "فجر ليبيا" و"درع مدينة مصراتة الثالث" في محاولة للاستيلاء على ما يعرف بمنطقة الهلال النفطي أغنى مناطق البلاد بالنفط، بحسب ما أفاد مسؤولون عسكريون.

وقال العميد طيار صقر الجروشي قائد سلاح الجو في القوات الموالية للواء المتقاعد خليفة حفتر إن "هجوما مباغتا جرى السبت بعد تقدم ميليشيات فجر ليبيا ودرع مصراتة باتجاه منطقة الهلال النفطي عبر ثلاثة محاور". وما يعرف بمنطقة الهلال النفطي هي مجموعة من المدن بين بنغازي وسرت تحوي المخزون الاكبر من النفط إضافة إلى احتوائها على مرافىء السدرة وراس لانوف والبريقة الاكبر في ليبيا.

واذ دان البرلمان الليبي المنتخب في 25 حزيران/يونيو هذا الهجوم كأول رد فعل رسمي، اعتبر أن "الهدف من الهجوم على المنشآت النفطية هو الاستحواذ على الموارد التي تحتاجها فجر ليبيا لتمويل عملياتها الارهابية، كما فعلت نظيراتها في مناطق أخرى من العالم".

وقال البرلمان في بيان ليل السبت الأحد إنه "لم يخطئ حينما صنف هذه الميليشيات بالإرهابية تناغمًا مع قرارات المجتمع الدولي كون هذا الهجوم شاركت فيه إلى جانب ميليشيات فجر ليبيا كتائب من أنصار الشريعة بسرت ومصراتة". وادرج مجلس الأمن الدولي جماعة "انصار الشريعة" في ليبيا على لائحته السوداء الخاصة بالجماعات الارهابية وقرر فرض عقوبات عليها وعلى اعضائها ومناصريهم.

ونبه البرلمان الليبي المعترف به من الأسرة الدولية "المجتمع الدولي إلى خطورة الاستهانة بهذه العمليات التي قامت بها هذه الجماعات الارهابية"، داعيا الى "اخذ التطورات الاخيرة على محمل الجد وتقديم الدعم اللازم إلى الدولة الليبية في جهودها الرامية إلى بناء مؤسستها العسكرية لمواجهة الأرهاب استجابة لبيانات وقرارات الامم المتحدة ومجلس الامن".

واضاف صقر الجروشي أن "مقاتلات سلاح الجو الليبي ومروحياته أغارت على هذه القوات المتقدمة من مدينة سرت (500 كلم شرق العاصمة وتتوسط المسافة بين طرابلس وبنغازي) باتجاه مرفأ السدرة النفطي في بن جواد عبر الطريق الساحلي وطريق فرعي آخر خاص بمشروع النهر الصناعي إضافة إلى طريق صحراوي آخر". وقال ان "سلاح الجو نفذ العملية بدقة ونجاح، وخلف لدى هذه القوات المهاجمة خسائر كبيرة في الارواح والعتاد والآليات" بدون تقديم تفاصيل.

وأعلنت ميليشيات فجر ليبيا في وقت لاحق سقوط قتيلين والعديد من الجرحى في صفوفها، فيما قال الجيش إن خمسة من عناصره جرحوا خلال الاشتباكات. لكن لم يتسن الحصول على حصيلة دقيقة من مصدر مستقل. واوضح الجروشي وهو أحد قادة "عملية الكرامة" التي يقودها اللواء حفتر إن "الاشتباكات اندلعت في منطقة بن جواد، حيث ميناء السدرة 70 كلم شرق مدينة سرت بين الجيش وهذه القوات التي كانت تتمركز في سرت وتخطط لهذا الهجوم المباغت".

وميليشيات فجر ليبيا هي ائتلاف لإسلاميين يتحدر معظمهم من مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) سيطروا على العاصمة طرابلس منذ آب/اغسطس الماضي، ما اضطر البرلمان والحكومة المعترف بهما من الاسرة الدولية للجوء إلى شرق البلاد. ومنذ ذلك الحين أعادت هذه الميليشيات الحياة إلى البرلمان المنتهية ولايته وشكلت حكومة موازية لكنهما لم يلقيا اعترافا دوليا، وحاولت مرارا السيطرة على مختلف المواقع الحيوية والإنتاجية لليبيا لتحقيق مكاسب ميدانية.

وما يعرف بمنطقة الهلال النفطي الساحلية تعطل الانتاج فيها وتصدير النفط الخام لمدة عام قبل أن يستأنف في تموز/يوليو الماضي بعد اتفاق للحكومة مع إبراهيم الجضران الذي كوّن مجلسًا سياسيًا لاقليم برقة، وطالب بحكم ذاتي أوسع للإقليم الأغنى بالنفط. وكان المؤتمر الوطني العام وهو البرلمان المنتهية ولايته أصدر قرارا في العام 2013 يقضي بمهاجمة قوات من مدينة مصراتة لمنطقة الهلال النفطي وفك الحصار الذي فرضه الجضران ومجموعته بحجة وجود فساد.

وأطلقت ميليشيات فجر ليبيا على عملية زحفها باتجاه الهلال النفطي اسم "عملية الشروق لتحرير الحقول النفطية" قائلة إنها جاءت بتكليف من المؤتمر الوطني العام (البرلمان المنتهية ولايته). وقال النائب طارق صقر الجروشي عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب إن ميليشيات فجر ليبيا "تجاوزت صباح اليوم الحدود التاريخية لإقليم برقة" وهو أحد الاقاليم التاريخية الثلاثة لليبيا إضافة إلى طرابلس وفزان.

وأضاف أن الهجوم "جاء كمحاولة للاستيلاء على مرفأي السدرة وراس لانوف أكبر مرافئ النفط في البلاد، واللذين تبلغ طاقتهما الاستيعابية اكثر من نصف مليون برميل من النفط يوميا". واوضح علي الحاسي الناطق باسم غرفة حرس المنشآت النفطية أن "السلاح الجوي المتمركز بمطار رأس لانوف النفطي، استهدف عددا من المواقع والتجمعات التابعة لما يعرف بقوات فجر ليبيا في كل من بن جواد وقاعدة القرضابية الجوية في مدينة سرت" عصر السبت.

من جهته أعلن العقيد خالد ثابث الفقي آمر قاعدة القرضابية الجوية في سرت الموالية لميليشيات فجر ليبيا، أن "محطة الطائرات بالقاعدة تعرّضت لقصف خلف اضرارا مادية" بدون ان يحددها، لافتا إلى أن قصفا آخر استهدف كتيبة تاقرفت العسكرية في منطقة أبوهادي في سرت.

من جهة اخرى شنت مقاتلات حفتر غارات اليوم غرب العاصمة طرابلس على مواقع تتحصن فيها ميليشيات فجر ليبيا في محميتي صرمان و بئر الغنم بعد ساعات من زيارة رئيس الحكومة الموازية عمر الحاسي لتلك القوات التي تتأهب لمهاجمة كتائب الزنتان الموالية لحفتر وحكومة عبدالله الثني المعترف بها من الاسرة الدولية. وتشن القوات الحكومية بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر هجوما على بنغازي لاستعادة السيطرة عليها من ميليشيات اسلامية بينها "انصار الشريعة".

ويأتي هذا التصعيد بعد إعلان الأمم المتحدة أنها سترعى حوارا ثانيا بين أطراف النزاع الليبي في مطلع الأسبوع المقبل بغية حل الأزمة في البلاد التي تتنازع شرعيتها حكومتان وبرلمانان.
&