يذهب القوميون الهندوس إلى أنّ المسلمين والمسيحيين كانوا طيلة قرون يجبرون الهندوس على اعتناق ديانتهم. والآن بعد أن أصبح قومي هندوسي رئيس وزراء الهند، أطلقت جماعات هندوسية قومية حملة واسعة لاستدراج المسلمين والمسيحيين إلى اعتناق الهندوسية بدعوى أن هؤلاء دخلوا الاسلام واعتنقوا المسيحية بالاكراه.
&
إعداد عبد الاله مجيد: شهدت منطقة آغرا في كانون الأول (ديسمبر) مراسم اعتناق نحو 200 مسلم الديانة الهندوسية بالجملة نتيجة حملة اطلقها الجناح الايديولوجي لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي الذي كان مسؤولاً في الدائرة الايديولوجية للحزب حيث تتمتع بنفوذ واسع في صنع قراراته ورسم سياساته.

كما اعلن الجناح الايديولوجي خططاً لاستدراج آلاف المسيحيين الهنود إلى اعتناق الهندوسية واقامة مراسم العملية في يوم عيد ميلاد المسيح في 25 كانون الأول (ديسمبر).

خديعة

وأكد هنود "مغرر" بهم أنهم كانوا ضحايا خديعة استدرجتهم إلى اعتناق الهندوسية ونبذ ديانتهم الأصلية باغراءات اقتصادية ووعود بتقديم منافع مادية مختلفة. ولكن موهان بهاغوات زعيم الجناح الايديولوجي للحزب الحاكم أكد تصميمه على مواصلة الحملة بلا هوادة. وقال بهاغوات: "نحن سنعيد اولئك الذين ضلوا طريقهم"، مدعياً أن اعتناقهم الاسلام أو المسيحية لم يكن بارادتهم.

ويشكل الهندوس نحو 80 في المئة من سكان الهند البالغ عددهم 1.2 مليار نسمة،&في حين أن&المسلمين يشكلون زهاء 15 في المئة أو ما يقرب من 180 مليون مسلم، بينما&الباقون مسيحيون وبوذيون وقبائل اديفاسي وزرادشتيون.

ورغم العلمانية التي اعتمدها رئيس وزراء الهند الأول بعد الاستقلال جواهرلال نهرو اساساً للحكم، فإن اعمال العنف الديني كانت تندلع في الهند باستمرار والهوية الدينية تحدد انماط التصويت في احيان كثيرة. وتتهم جماعات هندوسية الأحزاب الوسطية بتملق الأقليات لكسب تأييدها وأصواتها.

حملة تقسيمية

وشجبت احزاب المعارضة حملة القوميين الهندوس لاستدراج المسلمين والمسيحيين إلى اعتناق ديانتهم بوصفها حملة تقسيمية وذات دوافع سياسية. وضمت احزاب المعارضة البرلمانية قواها في جبهة واحدة شلت مجلس الشيوخ الهندي بهدف الضغط على مودي لادانة الحملة علناً.

وقال المتحدث باسم حزب المؤتمر الوطني الهندي ابهيشك سنغفي في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز إن استدراج المسلمين والمسيحيين إلى الهندوسية بالحيلة "قضية وطنية خطيرة للغاية تهم الجميع لمعالجتها تحت قبة البرلمان إلا رئيس الوزراء".

وأسفر تعطيل البرلمان نتيجة احتجاج المعارضة على حملة القوميين الهندوس عن أجهاض اجندة رئيس الوزراء مودي في التغيير، وبذلك توجيه ضربة موجعة إلى مساعيه لانعاش الاقتصاد الهندي المتعثر.

ليس قويًا

وبدأت الأوساط السياسية الهندية تشعر بالقلق إزاء رفض مودي الدعوات المطالبة بإيقاف الحملة رغم شلل العملية التشريعية. وكتبت صحيفة ذي تايمز اوف انديا الصادرة بالانكليزية في افتتاحيتها يوم الثلاثاء "أن على رئيس الوزراء أن ينهي هذا السجال نهاية قاطعة ويعيد التركيز على ادارة الدولة".
&
وقال المعلق السياسي شيختار غوبتا انه مستغرب من رفض مودي استنكار حملة الضغط على المسلمين والمسيحيين لاعتناق الهندوسية رغم أن استنكارها ثمن متواضع لتحريك العملية التشريعية. واضاف غوبتا "أن رئيس الوزراء ليس قوياً بما فيه الكفاية لمنع هؤلاء العناصر من حملات الاستدراج إلى الهندوسية أو انه يفكر تفكيرهم ولا أدري أياً من هذين الخيارين اسوأ".

وكان مودي نفسه شخصية سياسية تقسيمية. وخلال توليه رئاسة حكومة ولاية غوجرات قُتل أكثر من 1000 شخص غالبيتهم مسلمون في اعمال عنف دينية شهدتها الولاية عام 2002. ولكنه فاز في الانتخابات الوطنية الأخيرة واعدًا بالتركيز على دفع عجلة النمو الاقتصادي مع التخفيف من نزعته القومية الهندوسية المتشددة.

تأييد مودي

ويؤكد قوميون هندوس أن حملة الضغط على المسلمين والمسيحيين لنبذ ديانتهم تجري بتأييد ضمني من مودي. وتساءل المتحدث باسم جماعة فيشفا هندو بارشاد الهندوسية القومية سورندرا جين "كيف تعرفون ان مودي يحاول وقف الحملة؟".

وأضاف في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز "أن المسيحيين والمسلمين اخوتنا واخواتنا في الدم وهم أُجبروا على اعتناق المسيحية والاسلام بالاغراء أو الحيلة. وإذا كان البعض يريد تصحيح خطأ اسلافهم فما الضير في ذلك؟".

وكان نحو 30 مسيحيًا اعتنقوا الهندوسية قبل ايام خلال مراسم استمرت اربع ساعات اقامها فرع جماعة فيشفا الهندوسية القومية في منطقة كوتشي بولاية كيرالا على ساحل الهند الجنوبي، حيث تنتشر الديانة المسيحية. وقال القيادي في الجماعة فنكاترسواران نارايان إن اعتناق الديانة الهندوسية كان في جانب منه نتيجة أزمة في الولاية سببها "لا تسامح الديانات الابراهيمية السامية".

ولكن الكاردينال جورج الينتشيري اسقف كنيسة سيرو مالابار في ولاية كيرالا قال في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز إن الحملة لاستدراج المسيحيين والمسلمين إلى الديانة الهندوسية حملة غريبة وتشيع الانقسام في ولاية كيرالا التي تتعايش فيها اديان مختلفة بوئام منذ زمن طويل.

وتساءل "لماذا يفعلون الآن ما لم يكونوا يفعلونه قبل عام؟"، في اشارة إلى تزامن الحملة مع مجيء حزب بهاراتيا جاناتا القومي إلى الحكم بزعامة رئيس الوزراء مودي.