لم يُقدم الثوار السلميون على إشعال الثورة السورية سوى لأنهم حالمون بالحرية والكرامة وبسوريا جديدة، بعد سقوط الاحزاب السياسية في وعود التغيير والاصلاح، وبقاء حزب البعث العربي الاشتراكي في السلطة وعدم الانفتاح على الآخرين إلا شكليًا، ما أدى إلى حالة تململ وتحفز نحو التغيير خلال سنوات مضت.

خرج الشباب الثوري السوري من كل المؤطرات السياسية، إذ خذلت أغلب الأحزاب الشباب الثائر في معركته مع النظام السوري الديكتاتوري.
وعمل الشباب في الثورة خارج أي أطر تنظيمية سياسية وكان النداء للحرية، ولم يكن هناك ناظم أو حاضنة معينة، مع التهديد الذي تعرضوا له، ومع مغادرة اغلب الشباب إلى الدول المجاورة، ليس هربًا من قصف إنما من ملاحقة النظام لهم أولًا وملاحقة داعش بعد تشكيلها وسيطرتها على عدة مناطق في المدن السورية.
ولم يجد الشباب السوري أمامه الا التشرد والضياع، وهذا ما استغله بعض السياسيين، وذابت تلك الطاقات عبر دخولهم عن غير قناعة ضمن اطر سياسية مختلفة عن قناعتهم السياسية والفكرية، اذ نجد الكثير من الشباب اليساري قد عمل ضمن مؤسسات اسلامية لا عن قناعة إنما من أجل لقمة الخبز وحاجته الاستهلاكية، بعد هيمنة تيارات إسلامية على الثورة من بدايتها وبذل الكثير من المال السياسي لاستقطاب الشباب الناشط، وهذا ما جعل الثورة تتجه للأسلمة.
أحرقوا المراكب
بيّن الناشط مهند الفياض لـquot;إيلافquot; حالة الاستقطاب السياسي التي نالت من بعض النشطاء. وقال: quot;غالبية الشباب الذين شاركوا بالحراك الثوري بعد العديد من المضايقات التي تم ارتكابها بحقهم من قبل الفصائل الدينية وجدوا أنفسهم مضطرين للخروج من مدنهم، خصوصًا أولئك الذين ينتمون للمناطق، والتي يطلق عليها اسم مناطق محررة، وحين خروجهم لم يجدوا آمالًا كانوا يعلقونها على المعارضة الرسمية، فتم استقطابهم من قبل أجنحة متناقضة، من الاخوان المسلمين أو اليسار الشيوعي المعارض تاريخيًاquot;.
وأضاف: quot;أحرقوا بشكل لا إرادي غالبية المراكب خلفهم، عداكَ عن الذين بايعوا الكتائب مضطرين لاستمرار بقائهمquot;.
واعتبر أن المراهنة تبقى على ذلك التيار الذي نبذ السلاح وأعلن رفضه له منذ البداية، quot;والواقع يتكلم بنفسه ليخبر عن عودة التيار السلمي إلى المشهد بقوة، ودلالة ذلك حملات الاعتقال المنظمة من قبل النظام أو الفصائل المسلحة التي تعلن نفسها مناهضة لنظام الأسد، وهذا دليل واقع على قوة هذا التاريخ وصحة رؤيتهquot;.
ثورة حرية
وشدد الفياض على أنه ضمن هذا الوضع تستجد عدة رؤى، ومنها عودة الرهان على هذا التيار السلمي خاصة أمام سقوط التيارات المسلحة في فخ عدم تطبيق رؤية الثورة بقيام فكرة الدولة التعددية الديمقراطية المدنية، وهي التي قدم لأجلها آلاف الشهداء والمعتقلين،الذين ما زالوا تحت أسر النظام و تهديده، أو تلك الظاهرة الجديدة المتمثلة في اعتقالهم وتصفيتهم وملاحقتهم من قبل التيارات الدينية المسلحة، إنه مشهد مؤلم يتشابه في الصورة ويختلف في المنفذين المتفقين على ما يبدو على عدم قيام الدولة المنشودة من قبل التيارات المدنية الشعبيةquot;.
وتقول الناشطة منى فريج لـquot;إيلافquot; إن المال السياسي مفسدة الشباب وضياع الفكر الثوري، quot;واستقطاب الأحزاب للشباب أخرج الثورة عن مسارها الصحيح وغيّر لونها، وهناك الكثير من الذين دخلوا إلى تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام سعيًا وراء لقمة الخبزquot;.
واعتبرت أن أغلب من يملك المال السياسي هو من التنظيمات الدينية، ما غيّب الفكر الليبرالي الحر عن الثورة واعطاها طابع الاسلمة، علمًا أن الثورة السورية ليست ثورة اسلامية بل ثورة حرية وكرامة.