تظاهر آلاف من أنصار رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر، بينهم وزراء ونواب، في عدد من المدن العراقية اليوم ضد المالكي، معتبرين تصريحاته ضد زعيمهم كاذبة، ومؤكدين أن الصدر خط أحمر، متهمين إياه باختلاق الأزمات.. فيما بحث رئيس البرلمان مع رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير سبل إيصال المساعدات الإنسانية إلى أهل محافظة الأنبار الغربية والنازحين منها.


أسامة مهدي: انطلقت في مدن بغداد والبصرة والنجف وكربلاء اليوم تظاهرات للصدريين، شارك فيها الآلاف، حاملين صور الصدر وشعارات تندّد بتصريحات رئيس الوزراء نوري المالكي ضده، وتؤكد أن quot;الصدر خط أحمرquot;.

وقام المتظاهرون بحرق صور المالكي، بعدما أنزلوها من الشوارع والأماكن العامة المعلقة فيها.. وحاول قسم من المتظاهرين مهاجمة مقار حزب الدعوة بقيادة المالكي، لكن قوات الأمن منعتهم من ذلك، غير أنهم حطموا لوحات إعلانية تحمل صوره وهاجموا مقر حزب الدعوة تنظيم العراق بقيادة نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي.

مطالبة المالكي بالاعتذار
وطالب المتظاهرون، الذين كان بينهم وزراء ونواب صدريون وشخصيات عشائرية وأكاديميون ورجال دين وطلبة معاهد وكليات، المالكي بالاعتذار عن تصريحاته الأخيرة إلى قناة فرنسية السبت الماضي، والتي قال فيها إن مقتدى الصدر quot;حديث على السياسةquot;، وquot;لا يعرف أصول العملية السياسية، والدستور لا يعني شيئًا عند مقتدى الصدر، وهو لا يفهم قضية الدستورquot;. وأشار المالكي إلى أن وصف الصدر له بالدكتاتور quot;لا يستحق الرد لكونه رجلًا لا يعرف شيئًا، وهو حديث على السياسة، ولا يعرف شيئًا عنهاquot;.. موضحًا أن quot;الصدر لا يعرف شيئًا عن الدستور وضوابطه غريبة عليهquot;.

وفي كربلاء، قال النائب الأول لمحافظ كربلاء جاسم الفتلاوي إن التجاوز على الصدر أمر في غاية الخطورة ومرفوض، لكونه يمثل عودة إلى الدكتاتورية. وفي البصرة، قال الناطق الرسمي باسم مجلس الأمناء عقيل عبدالحسين كلمة، جاء فيها أن المالكي يطل علينا quot;ليعلن للعالم إفلاسه السياسي، وليفك لنا شيفرات أسباب التدهور الاقتصادي، ويحلل لنا دواعي فشله الإداري، ويميط اللثام عن برنامجه لإيصال العراق إلى المجهولquot;.

أما في النجف فقد أشار النائب حسين الشريفي في تصرح صحافي إلى أن المالكي يقول إن الصدر لا يعرف شيئًا عن العملية السياسية، ولكننا نتساءل عن أية عملية سياسية يتحدث المالكي: عن سياسته الفاشلة في إدارة شؤون البلاد، التي أوصلت العراق إلى هذا الوضع، أم سياسة الكذب والمكر والخداع التي ينتهجها أم سياسة خلق الأزمات بين الحين والآخرquot;.

تلميذ الشيطان
وأمس، هاجم قيادي صدري المالكي ردًا على تصريحاته ضد الصدر، واصفًا إياه بتلميذ الشيطان، وأنه قد دق بهجومه الإسفين الأخير في نعش ملكه الزائل.

وقال خطيب جمعة الكوفة حازم الأعرجي quot;قبل عشر سنين، وفي مثل هذه الأيام تقريبًا، خرج علينا شيطان الاحتلال الحاكم بريمر (بول بريمر الحاكم المدني الأميركي السابق للعراق) ليقول (إن مقتدى الصدر خارج عن القانون)، فصفق له بعض الساسة في ذلك الوقت، لكن كلمة الحق التي نطق بها مقتدى الصدر قد زلزلت بريمر وأسياده آنذاك، حين أجابه بالقول (أي قانون تقصد.. إن كان قانون أميركا، فغاية الفخر لي ولآل الصدر أن أخرج عليه، وإن كنت تقصد قانون الله، فأعتقد بأنك لا تفقه منه شيئًا)quot;.

معروف أن هناك عداء بين التيار الصدري وحزب الدعوة، حيث كان زعيمه المالكي قد قاد القوات الأمنية في مهاجمة جيش المهدي، التابع للصدر في مطلع عام 2008، راح ضحيتها العشرات من القتلى والمصابين، وتبع ذلك إعلان الكتلة البرلمانية الصدرية تعليق مشاركتها في اجتماعات مجلس النواب.

ماورير يبحث أوضاع نازحي الأنبار
بحث رئيس مجلس النواب العراقي في بغداد اليوم مع رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير وسائل إيصال المساعدات الإنسانية إلى أهل محافظة الأنبار الغربية والنازحين منها.

وناقش الجانبان دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في النزاعات والأزمات التي يشهدها العالم، حيث أكد النجيفي أن اللجنة تحظى باحترام دولي وتقدير عال نظرًا إلى جهودها في تقديم الخدمات والمعونات العاجلة إلى المنكوبين والمهجرين في مواقع النزاع وفترات الأزمات، لافتًا إلى أهمية استمرار اللجنة في بذل الجهود والدعم الإنساني المتواصل في المنطقة، لا سيما في سوريا والعراق، بعد تزايد وتيرة العنف، وخصوصًا في العراق، خلال الفترة الأخيرة. كما نقل عنه مكتبه الإعلامي في بيان صحافي تلقته quot;إيلافquot;.

وشدد على أهمية تهيئة حملة إغاثة عاجلة لما يقرب من (800 ألف) مواطن نزحوا من محافظة الأنبار، وهم في أمسّ الحاجة إلى المساعدات والمعونات، بعدما اقتصر دعم الحكومة العراقية على نزر يسير جدًا.

من جانبه أكد ماورير أن برنامج اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتركز على المصابين في مناطق الاشتباك وتلبية الاحتياجات الطارئة كنقص المياه والخدمات وتلوث البيئة.

وقبيل مغادرته بيروت متوجّهًا إلى بغداد في وقت سابق اليوم، ناشد رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير المتقاتلين في محافظة الأنبار العراقية السماح بإدخال المساعدات الإنسانية والخدمات الطبية إلى المحافظة. وقال quot;نناشد جميع المشاركين في القتال حقن دماء المدنيين والسماح للقائمين على تقديم المساعدات الإنسانية وأفراد الخدمات الطبية بأداء مهامهم في أجواء آمنةquot;.

وأكد بالقول quot;يحتاج السكان العراقيون العاديون، لا سيما في المناطق النائية من البلاد، مواجهة عواقب النزاع الماضي وأعمال العنف، التي ما زالت تندلع، مثل تلك التي وقعت أخيرًا في محافظة الأنبارquot;. وأضاف quot;قدَّمَت اللجنة الدولية منذ اندلاع الأزمة الأخيرة في الأنبار مساعدات إلى ما يربو على 52000 نازح كانوا في أمسّ الحاجة إليهاquot;.

ومن المقرر أن يلتقي ماورير خلال زيارته للعراق، التي تستمر أربعة أيام، مسؤولين عراقيين ونازحين عراقيين، ويشهد بنفسه سير المشاريع، التي تهدف إلى مساعدة الناس في المناطق المعرّضة لأعمال العنف. وتشهد محافظة الأنبار (100 كلم غرب بغداد) منذ أواخر العام الماضي قتالًا بين القوات العراقية ومسلحين مناهضين للحكومة، ينتمون إلى العشائر، وآخرين من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، الذين يسيطرون على أجزاء من الرمادي عاصمة المحافظة، وعلى كل أنحاء الفلوجة واحدة من أكبر مدن المحافظة.