رفع العلم السوري اليوم الاثنين في يبرود شمال دمشق، غداة استعادة نظام الرئيس بشار الاسد السيطرة على هذه المدينة التي كانت تعد من ابرز معاقل مقاتلي المعارضة في منطقة القلمون، بحسب ما اظهرت لقطات عرضها التلفزيون الرسمي.

يبرود: قال التلفزيون السوري الرسمي في شريط اخباري عاجل إن quot;ابطال الجيش العربي السوري يرفعون العلم السوري في ساحة وسط يبرودquot;.
وبث التلفزيون مشاهد تظهر ضباطًا من الجيش يرفعون علمًا كبيرًا على سارية في ساحة البلدة على وقع النشيد الوطني، قبل أن يؤدوا التحية العسكرية.

إهداء لنصرالله
وتحلق عشرات الجنود في الساحة رافعين بأيديهم شارة النصر، في حين بدت من بعيد صورة عملاقة للرئيس بشار الاسد مرفوعة على احد الابنية، واعلام سورية صغيرة مرفوعة على اعمدة الكهرباء في المدينة.
والساحة عبارة عن دوار واسع يتوسطه نصب يمثل مجسمًا للكرة الارضية مرفوعاً على اعمدة من الاسمنت.
وقال احد الضباط السوريين للتلفزيون اليوم quot;نهدي النصر للسيد الرئيس بشار الاسد وارواح شهدائنا، شهداء الجيش العربي السوري الابطالquot; واضاف quot;باذن الله من نصر الى نصرquot;.
وقال جندي quot;نحيط بيبرود منذ شهرquot; في اشارة الى بدء المعارك للسيطرة على مناطق وتلال محيطة بالمدينة. اضاف: quot;اليوم نسينا كل التعب. فرحة النصر تتغلب على أي تعبquot;.
كذلك، فإن السيطرة على يبرود أمر حيوي بالنسبة الى حزب الله الذي يقول إن السيارات المفخخة التي استخدمت في الهجمات الدامية التي طالت مناطق نفوذه في الاشهر الاخيرة في لبنان كان مصدرها هذه المدينة.
استراحة
وجلس ثلاثة من عناصر الجيش السوري في ساحة يبرود الرئيسية قرب مجسم للكرة الارضية مرفوع على اعمدة من الاسمنت، يستريحون بعد ساعات من استعادتهم السيطرة الاحد على هذه المدينة الاستراتيجية شمال دمشق.
وكان عناصر القوات النظامية وجيش الدفاع الوطني الموالي لها، مدعومين بعناصر من حزب الله اللبناني، سيطروا امس على يبرود التي تعد ابرز معاقل مقاتلي المعارضة في منطقة القلمون الجبلية قرب الحدود اللبنانية.
سير المعارك
ويروي الجنود سير المعارك، ووجوههم تعكس الارهاق والارتياح في آن، وقد وضعوا اسلحتهم جانبًا بالقرب من نارجيلة.
ويقول أبو عمار quot;كانت هذه المعركة الاصعب. وجب علينا بداية السيطرة على كل التلال المحيطة بالمدينة قبل أن نتمكن من استعادتهاquot;.
الى جانبه، يومىء ابو محمد برأسه ايجابًا، قبل أن يضيف quot;أترون المئات من الجنود الذين يجولون في هذه الساحة؟ كان القناصون (من المعارضين) اكثر من ضعف هؤلاء، وتوزعوا في كل مبنى ومنزل ومصنعquot;.
يتابع quot;كان الامر صعبًا بالفعلquot;.
ويوضح احد الضباط الميدانيين فضل عدم كشف اسمه، أن سيطرة القوات النظامية السبت على تلة مار مارون في يبرود، والتي كانت تضم مقرًا اساسيًا لمقاتلي المعارضة، شكلت نقطة تحول في سياق المعركة.
ويقول quot;السبت تقدمنا من الجهة الشرقية وصولاً الى المجمع الرياضي، والساعة العاشرة صباح الاحد (08,00 تغ) كان العمل منجزًاquot;.
وملأت جدران المجمع الخارجية شعارات كتبها المقاتلون المعارضون، كما رسموا عليها علم quot;الثورة السوريةquot; بألوانه الخضراء والبيضاء والسوداء، والذي تتوسطه ثلاث نجوم حمراء. ومن الشعارات quot;الجيش (السوري) الحر يحميناquot;، وquot;لن نركع الا للهquot;، وquot;يبرود الحرة ترحب بكمquot;.
آثار معارك واضحة
ولم يكن من الممكن رؤية أي مدني في هذه المدينة التي بلغ تعداد سكانها 30 الف نسمة قبل اندلاع النزاع السوري منتصف آذار (مارس) 2011، وشكل السنة نحو 90 بالمئة من السكان، في حين كانت البقية من المسيحيين.
وبدت آثار المعارك واضحة في يبرود، اذ تدلت الاشرطة الكهربائية من الاعمدة، وغطت الارصفة قطع من الزجاج المحطم والمتناثر. كما احدثت القذائف فجوات في واجهات الابنية، ودمر قصف الطيران سطوحها.
واستفاد الجنود السوريون والمسلحون الموالون لهم وعناصر من حزب الله، والذين ارتدوا ازياء عسكرية مختلفة، من الهدوء في المدينة، قبل استكمال هجومهم على مناطق لجأ اليها المقاتلون، وهي بلدات لا تزال تحت سيطرتهم في القلمون.
إلى رأس المعرة ورنكوس
ويقول احد القادة الميدانيين إن quot;المحطات المقبلة هي رأس المعرة، وفليطا، ورنكوسquot;، موضحاً أنه بعد استعادة هذه المناطق quot;ستكون الحدود اللبنانية مقفلة بشكل كامل، ولن يكون ممكناً للارهابيين (في اشارة الى مقاتلي المعارضة) أن يتسللوا عبرهاquot;.
وتشكل استعادة يبرود التي تعرضت للقصف طوال الشهر الماضي قبل اقتحامها، مكسبًا شديد الاهمية لنظام الرئيس بشار الاسد، بحسب الخبير الفرنسي المتخصص في الشأن السوري فابريس بالانش.
ويقول إن يبرود quot;آخر مدينة كان يسيطر عليها المقاتلون المعارضون في منطقة القلمون الجبلية. هي تقع على بعد اقل من عشرة كيلومترات من الطريق الدولية بين دمشق وحمص، وكانت تمثل تهديدًا لهذا المحورquot;.
كما تشكل السيطرة على يبرود اهمية كبرى لحزب الله الذي يقول إن الهجمات بسيارات مفخخة يقود غالبيتها انتحاريون، والتي استهدفت مناطق نفوذه في الاشهر الاخيرة، كانت تفخخ في هذه المدينة وتنقل عبر بلدة عرسال الحدودية في شرق لبنان، والمقابلة ليبرود.
ووقع آخر هذه التفجيرات ليل الأحد في بلدة النبي عثمان في منطقة البقاع (شرق) قرب الحدود السورية، وادى الى مقتل اربعة اشخاص.

المعارضة متهمة بالانسحاب
ويقول القائد الميداني السوري إن خلافات كبيرة وقعت بين مقاتلي المعارضة في الايام الثلاثة التي سبقت اقتحام يبرود، مشيرًا الى أن مجموعات مقاتلة ارادت الانسحاب لأن المعركة ستكون خاسرة، في حين تمسكت جبهة النصرة المتطرفة، بالقتال حتى النهاية.
وتداول جهاديون عبر مواقع التواصل الاجتماعي اتهامات لمقاتلي المعارضة بالانسحاب المفاجىء من يبرود، تاركين مقاتلي جبهة النصرة التي تعد الذراع الرسمية للقاعدة في سوريا، يقاتلون بمفردهم صباح الاحد.
وطوال يوم امس، كان يسمع في يبرود هدير الطائرات الحربية واصوات انفجارات بعيدة. وقال الاعلام الرسمي إن القوات النظامية كانت تستهدف مقاتلي المعارضة الذين فروا باتجاه بلدة عرسال ذات الغالبية السنية.
وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان أن سلسلة من الغارات الجوية على الطريق بين يبرود وعرسال، ادت الى مقتل ستة اشخاص بينهم طفلان.
اما في يبرود نفسها، فأمكن ايضاً سماع اطلاق رصاص، الا أنه كان هذه المرة صادراً عن اسلحة جنود سوريين، يطلقونه ابتهاجًا باستعادة المدينة.