يختار أكثر من 52 مليون تركي رؤساء بلدياتهم ويعبرون في الوقت نفسه عن مواقفهم من الرجل الذي يحكم تركيا بلا منازع منذ أحد عشر عامًا.


أنقرة: بدأ الاتراك الادلاء بأصواتهم اليوم الاحد في انتخابات بلدية حاسمة للمستقبل السياسي لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي يواجه فضيحتي فساد وتنصت هاتفي. ودُعي 52.7 مليون ناخب الى التصويت لاختيار رؤساء البلديات في اقتراع بدأ عند الساعة الخامسة بتوقيت غرينتش في مناطق شرق البلاد ويفترض أن يستمر حتى الساعة 15:00 تغ.

ومنذ اسابيع يدور جدل سياسي حاد بين مؤيدي أردوغان الذين يرون فيه مهندس التنمية الاقتصادية المدهشة، ومعارضيه الذين ينتقدون ميوله التسلطية والاسلامية. ولخص اليوم الاخير من الحملة الانتخابية التي اتسمت بالعنف والحدة، هذه الانقسامات السبت.

فقد دعا أردوغان المتمسك بخطابه الهجومي والاستفزازي، انصاره الى توجيه quot;صفعة قويةquot; لخصومه الذين وصفهم quot;بالجواسيسquot; وquot;الخونةquot; الذين يتآمرون عليه، في الانتخابات البلدية التي ستكون نتيجتها حاسمة لمستقبله على رأس الدولة.

وهو يستهدف خصوصًا جماعة الامام فتح الله غولن الذي يقيم في الولايات المتحدة والمتهم باختراق الدولة وخصوصاً الشرطة والقضاء وباطلاق اتهامات بالفساد تطال حكومة أردوغان على الانترنت.

وبلغت هذه الحرب بين الحليفين السابقين اوجها الخميس بعد تسريب تسجيل لمضمون اجتماع quot;سري للغايةquot; تحدث فيه اربعة مسؤولين كبار عن تدخل عسكري في سوريا في ذروة الحملة الانتخابية. وردت الحكومة ورئيسها اللذان شعرا بالغضب من هذا التسريب، بعمليات اعتقال واجراءات استبدادية وخصوصاً حجب موقعي التواصل الاجتماعي يوتيوب وتويتر، مما اثار انتقادات حادة.

وفي ختام حملته في اسطنبول التي يأمل في أن يستعيدها من حزب العدالة والتنمية مع العاصمة انقرة، قال زعيم اكبر احزاب المعارضة حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار اوغلو quot;لقد عرضوا الجمهورية للخطر (...) إنهم يريدون التستر على الفساد ويريدون اخفاء السرقات التي اتهموا بهاquot;.

وبعد عشرة اشهر على الحركة الاحتجاجية الواسعة التي شهدتها تركيا الربيع الماضي، انتهز مئات الآلاف من الاشخاص هذا الشهر فرصة تشييع فتى اصيب بجروح قاتلة برصاص الشرطة، لينزلوا الى الشوارع من اجل المطالبة باستقالة quot;الديكتاتورquot; وquot;القاتل أردوغانquot;.

ومنذ اتهامه في اطار فضيحة فساد واسعة في كانون الاول (ديسمبر)، يواجه أردوغان الاقتراع في وضع ضعيف لكنه ما زال يتمتع بقواعد متينة في قلب الاناضول الدين والمتواضع.

ويتوقع أن يبقى حزبه حزب العدالة والتنمية الذي فاز في كل الانتخابات منذ 2002، اليوم الاحد، الحزب السياسي الاول في البلاد لكن باقل بكثير من الخمسين بالمئة التي حصل عليها في الانتخابات التشريعية في 2011.

والمنافسة تبدو حادة للفوز ببلدتي اسطنبول حيث يصوت 20 بالمئة من الناخبين، وانقرة، اذ ان سقوط أي من المدينتين في ايدي المعارضة سيشكل صدمة. وكرر أردوغان أن quot;من يفوز في اسطنبول يربح تركياquot;. وكان أردوغان في الماضي رئيساً لبلدية هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 15 مليون نسمة.

وقد يدفعه فوز كبير غير مرجح الى الترشح للانتخابات الرئاسية في آب (اغسطس) المقبل التي ستجرى للمرة الاولى بالاقتراع العام المباشر. اما تقلص الفارق مع المعارضة فسيقنعه بالعمل على البقاء على رأس الحكومة في الانتخابات التشريعية في 2015 مع تعديل في النظام الداخلي لحزبه.

وعلى كل حال، يبدو احتمال أن تسمح الانتخابات بتهدئة التوتر بعد انتخابات الاحد ضئيلاً. وقال برينتي ساسلي، الباحث في جامعة تكساس quot;سواء بقي أردوغان بعد 2015 أو لم يبقَ، الاضرار التي نجمت عن هذه الازمة هائلة ولا يمكن اصلاحها بسهولةquot;.

واضاف أن quot;سياسة الخوف والتآمر تبدو راسخة في الحياة السياسية التركية اليوم اكثر من أي وقت مضىquot;.