أظهرت المذبحة التي وقعت بمدينة أسوان وسقط فيها 24 شخصًا، هشاشة الأمن في مصر، لاسيما أن شهود عيان قالوا إن قوات الشرطة لم تتدخل في المعارك للفصل بين أطراف النزاع،وانتظرتحتىسقوطالقتلىوالجرحى.فيماكشفت تقارير الوفاة الصادرة من مصلحة الطب الشرعي، أن 14 قتيلاً، لقوا مصرعهم ذبحاً من العنق قبل الوفاة. كما أظهرت الحادثة أن الاسلحة النارية صارت منتشرة بين المصريين على نطاق واسع.

القاهرة: تعيش مدينة أسوان في جنوبي مصر، حالة من الذعر والهلع، جراء إحتدام مشاعر العداء والثأر بين أبناء قبيلتي بني هلال ذات الأصول العربية، والدابودية ذات الأصول النوبية، ورغم فرض حالة حظر التجوال في منطقة السيل الريفي بأسوان، إلا أن الأجواء يشوبها الهدوء الحذر، لاسيما بعد وقوع مناوشات جديدة بين الطرفين أسفرت عن مقتل شخصين آخرين، ليرتفع عدد القتلى إلى 26 شخصاً.
وقال شهود عيان لـquot;إيلافquot; إن الأوضاع في تلك المنطقة لن تشهد إستقراراً على المدى القريب، متهمين جهاز الشرطة في مصر بالتراخي والتقصير ما أدى إلى سقوط 26 قتيلاً. وأوضح عمر البدري، وهو صحافي من أهالي أسوان لـquot;إيلافquot; أن قوات الجيش متواجدة بكثافة في منطقة السيل الريفي، مشيراً إلى أنها فرضت حظر التجوال، في محاولة منها لإحتواء الموقف. وأضاف أن الأحداث وقعت في أعقاب كتابة مجهولين عبارات مسيئة للطرفين على سور إحدى المدارس، ما أدى إلى إندلاع مناوشات بينهما تطورت سريعاً إلى اشتباكات بالأسلحة النارية.
ولفت البدري إلى أن الأهالي في منطقة السيل يتهمون جهاز الشرطة بالتقصير، لاسيما أن الإشتباكات الأولى بين الطرفين أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص، ولم تتدخل الشرطة للفصل بين الجانبين، مشيراً إلى أنه كان يجب على قوات الأمن تكثيف تواجدها في المنطقة، وعقد اجتماعات مع كبار القبيلتين، من أجل حقن الدماء والتوصل إلى حل للأزمة بينهما.
واتهم البدري جماعة الإخوان المسلمين بالتورط في الأزمة، مشيراً إلى أنه لا يمكن فصل زيارة وفد من النوبة إلى مقر حملة عبد الفتاح السيسي، منذ أيام قلائل عن الإشتباكات التي وقعت في منطقة السيل. وأفاد بأن الجماعة أرادت ضرب اسفين بين أهالي النوبة والسيسي، من أجل ضرب شعبيته هناك. ولفت إلى أن التحقيقات أظهرت أن مدرّسًا إخوانيًا هو من كتب العبارات المسيئة على جدران المدرسة.
وساهم انتشار الأسلحة النارية بكثرة بأيدي المصريين في تطور الموقف وزيادة أعداد الضحايا، لاسيما أن الإشتباكات استخدمت فيها الأسلحة الآلية، وقالت تقارير مصلحة الطب الشرعي إن 14 قتيلاً تعرضوا للذبح قبل الوفاة، وبسبب غياب الأمن إستغاث الأهالي بالشرطة والجيش معاً.
ويلقي الناشط النوبي بكر علي، باللائمة على جهاز الأمن والمحافظ معاً في تفاقم الأزمة وارتفاع أعداد القتلى، وقال لـquot;إيلافquot; إن الأحداث وقعت بسبب مشكلة عائلية، وأوضح أن المشكلة بدأت عندما تحرش شاب بفتاة، واندلعت اشتباكات أدت إلى مقتل ثلاثة أشخاص، ولفت إلى أن هناك تقصيراً أو تباطؤاً من جهاز الشرطة ومحافظ أسوان في التعامل مع الأزمة، لاسيما أن كليهما وصلت إليه بلاغات بما يحدث، وأن الطرفين يتحفزان لبعضهما البعض.
ونفى أن تكون جماعة الإخوان المسلمين ضالعة في إشتعال الفتنة بين القبيلتين، مشيراً إلى أن الأحداث ليست لها أية أبعاد سياسية، بل يمكن حصرها في المشاكل القبلية أو العشائرية. ونبه إلى أنه يمكنه الجزم بأن الأحداث وقعت بسبب خلافات ثأرية قديمة، وقال إن أهالي أسوان معروفون بالطيبة، وأنهم بعيدون عن الخلافات الثأرية، إلا في حالات فردية.
وتوقع ألا تهدأ الأوضاع في القريب العاجل، بسبب كثرة الدماء التي أريقت من الجانبين، مطالباً الحكومة بالتدخل بكل ثقلها في الأزمة، وعقد إجتماعات للتصالح بين الطرفين، وفرض شروط قاسية عليهما، مع الأخذ في الاعتبار عدم التهاون في انفاذ القانون على الجناة.
مجزرة بشعة
وفي تقريرها لها حول الأحداث، أدانت المنظمة المصرية لحقوق الانسان ما وصفته بـquot;المجزرة البشعة التي حدثت بين عائلتي الدابودية والهلايل بمنطقة السيل الريفى بأسوان، والتي وصلت ضحاياها الى 26 قتيلاً ما بين طلق ناري وذبح بالاسلحة البيضاء، اضافة الى أكثر من 50 مصاباًquot;.
وأضافت: تعود الوقائع الى يوم الاربعاء الماضي عندما كتب بعض الطلاب من عائلة الدابودية بعض العبارات المسيئة على جدران مدرسة الثانوية الصناعية التي يدرسون بها ضد عائلة الهلايل، تطعن في شرف الأسرة ولكي يردوا على تلك الألفاظ الجارحة قاموا بتجميع بعض الشباب من خارج المدرسة ثم هجموا على المدرسة واقتحموا السور إلا أن الطلبة قاموا بالتصدي لهم بالطوب وطردوهم من المدرسة، وتوقفت الدراسة منذ ذلك اليومquot;.
وتابعت: quot;قام شباب عائلة الهلايل بالتجمع عقب صلاة الجمعة الماضية، وأطلقوا الرصاص الحي على كافة الخارجين من المسجد من عائلة الدابودية، مما تسبب في مقتل ثلاثة أشخاص واصابة ما يقرب من 23 شخصاً آخر، تم نقلهم الى مستشفى أسوان العام. وقد أدى ذلك الى تجمع عائلة الدابودية للأخذ بالثأر لضحاياهم واستغلوا الوقت الذي انشغل فيه كبار شيوخ البلد لرأب الصدع، وهجموا على منازل الهلايل في الساعات الأولى من صباح السبت واستمر إطلاق النيران حتى شروق الشمس، وفي حوالى الساعة الثامنة قام الهلايلة بإشعال النيران في منزل لشخص ينتمى للنوبيين. ووصلت حصيلة الاشتباكات بين الهلايل والنوبيين الى 24 قتيلاً، إضافة الى إصابة أكثر من 50 شخصاً واحتراق حوالى 16 منزلاً، مما يؤكد أن انتشار الأسلحة في ذلك المكان أمر سلبي خطير يبعث على القلقquot;.
واعتبرت أن quot;الجريمة البشعة تنتهك أسمى الحقوق ألا وهو حق الحياةquot;، وألقت باللوم على الجهات الأمنية بالتسبب في تفاقم الأزمة، وقال: quot;كان من الممكن تدارك الامر قبل تفاقمه إذا حدث تدخل سريع من الجهات الامنية التي كان يجب أن تكون متواجدة، فور وقوع المشاجرة لاحتواء الازمة وعدم تصاعدهاquot;، مطالبة الحكومة بـquot;وضع حد لانتشار تجارة الاسلحة بعد أن توغلت عمليات القتل انقاذاً لارواح المصريينquot;. وقال حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة أن ما حدث بأسوان هو أمر غير مألوف لأبنائها ذوي العادات والتقاليد والأخلاق العريقة، مشيراً إلى أنها فتنة يجب وأدها في مهدها بالبحث السريع عن أسبابها وحلها.
فيديو يظهر نقل الجثث خلال الحادث

فيديو ما بعد الحادث