أشعلت مجموعة من الفتاوى والدعوات الدينية ماراثون الانتخابات الرئاسية في مصر، إذ أتت مناصرة للمرشح المشير عبد الفتاح السيسي.


أحمد حسن من القاهرة: رغم تعهد المؤسسة الدينية في مصر بالوقوف بشكل حيادي، إلا أن دار الإفتاء كانت أول الجهات الدينية التي أصدرت فتوى رسمية تحث فيها الناخبين على الخروج للتصويت يومي 26 و27 أيار (مايو)، على اعتبار أن ذلك واجب ديني. وطالبت دار الإفتاء الناخب باختيار الأفضل لصالح مصر، ما اعتبره المراقبون للمشهد السياسي تلميحًا واضحًا من جانب دار الإفتاء بالدعاية لصالح المرشح عبد الفتاح السيسي.

لأنه لا يدخن!

وخرجت فتاوى أخرى لصالح السيسي من جانب قيادات الدعوة السلفية وحزب النور السلفي، إذ طالب الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، الشعب المصري باختيار السيسي، لأنه لا يدخن السجائر ومتدين ويحافظ على الصلاة وقراءة القرآن، في حين أرجع حزب النور سبب اختيارهم للمشير بشكل أساسي لمحاربته الفكر الشيعي في مصر.

لم تتوقف الفتاوى على المؤسسات الرسمية فقط، بل خرج عدد من رجال الدين وأزهريين بمجموعة من الفتاوى للدعاية للسيسي، فقال الدكتور عبد الحليم منصور، رئيس قسم أصول الفقه بكلية الشريعة جامعة الأزهر، في تصريحات صحفية: "لا يجوز صلاة الاستخارة على اختيار السيسي لقيادة البلاد، فهي معدومة الفائدة، لأنه أعلى من منافسه حمدين صباحي شأنًا وحبًا لدى الشعب"، في حين ساوى أزهري آخر السيسي بالأنبياء الذين ينقذون الأوطان والأمم من الضياع، مطالبًا جميع علماء الأزهر بحث الناخبين للتصويت لصالح المشير على اعتباره من أولي العزم، وأشار إلى أن هناك شروطًا يجب توافرها في المرشح الرئاسي، منها أن تكون لديه قدرة على قيادة البلاد، وأن يكون قادرًا على تفعيل برنامجه الانتخابي ولديه تأييد شعبي، ومن صفاته أيضًا القوة والأمانة وهي صفات متوفرة في السيسي.

تحريم إخواني

وشهدت الأيام الماضية ولأول مرة من فوق منابر الزوايا ومساجد الجمعيات الشرعية ظهور عدد من الدعوات لمشايخ ورجال دين محسوبين على جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية تحث الناخبين على تحريم التصويت لصالح المشير، معتبرين أن التصويت له بمثابة تعاون معه على الإثم والعدوان وتضييع للأمانة وخداع في الشهادة وكتمان للحق وإظهار للباطل، في حين خرجت دعوى دينية أخرى تحث الناخبين على انتخاب المرشح حمدين صباحي على اعتباره مرشح شباب الثورة الحقيقي وقادر على عودة الحق للشهداء.

وفي إطار دعم السيسي، كشفت مصادر مقربة من حملة المشير لـ"إيلاف" أن هناك حملة واسعة سوف يقودها شخصيات دينية مشهورة، أزهرية وسلفية، للدعاية للمشير قبل غلق فترة الدعاية الانتخابية عبر المساجد والبرامج التلفزيونية مدفوعة الأجر، ومن أبرز الشخصيات الدينية الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وبعض أعضاء مجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء المسلمين.

حملة صباحي ترفض

وانتقد الدكتور وحيد عبد المجيد، عضو الحملة الانتخابية للمرشح حمدين صباحي، قيام المؤسسة الدينية ورجال الدين بالأزهر بالدعاية للمرشح السيسي، قائلًا: "تضمنت البرامج واللقاءات التلفزيونية في القنوات الفضائية الكثير من الأفكار والآراء التي أخذت شكل الفتاوى الدينية من قادة الرأي الديني وكبار الشيوخ وعلماء الدين، بضرورة وأهمية اختيار المرشح الرئاسي الذي يحمل مشروعًا لحماية مصر ويحقق النهضة للمصريين، وهناك من يروج بتدين المشير، وفي الوقت نفسه يدعون إلى عدم انتخاب مرشح رئاسي آخر منافس.

وانتقد صمت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية تجاه هذه التجاوزات، مؤكدًا في الوقت نفسه توقع حملة صباحي ما يحدث من تجاوزات، حيث أنها نفس تجاوزات الانتخابات السابقة فمازالت موجودة ولم نتعلم من الماضي شيئًا.

وأكد أن حملة صباحي لا تحتاج للجوء إلى رجال الدين أو منابر المساجد في الدعاية لصباحي، "كما نرفض أي فتاوى من جانب الإخوان أو غيرهم تصب لصالح صباحي، بل نحتاج إلى ترك فرصة الاختيار الحر للناخب دون تأثير".

توظيف صريح للدين

أكد محمد علوي، عضو حركة تمرد وحملة المشير السيسي، أن الحملة أكدت أكثر من مرة عبر بياناتها رفض الفتاوى التي تدعو للمشير ولا يسأل عنها إلا قائلها، "فمشاركة بعض الشخصيات العامة من رجال الدين في حملات الدعاية للمشير تأتي لأنهم مواطنون يؤيدون البرنامج الانتخابي للسيسي، ولم يطلب منهم المشاركة من جانب الحملة أو الفريق، رغم الاعتراف بأن إعلان رجال الدين عن تأييدهم للمشير ليس عيبًا، فهم مواطنون لهم حرية التعبير عن موقفهم والبحث عن مصالح الوطن".

ويرى الدكتور علي أبو الحسن، رئيس لجنة الفتوى الأسبق، أن تشبيه دار الإفتاء للتصويت في الانتخابات بأنه "فرض" شأن الصلاة والصيام أمر غير مقبول، "وهو توظيف صريح للدين في أمور السياسة، وهذا حرام وإثم كبير لمن يصدر تلك الفتاوى السياسية، خصوصًا إن كان يصدر من أشخاص غير مؤهلين أصلًا".

وطالب رجال الدين وخاصة الأزهريين البعد عن تلك المهاترات السياسية، وعدم الترويج لأحد المرشحين، وأن يضع كل منهم رأيه في الصندوق الانتخابي فقط، "حتى لا يرتاب المواطن في رجل الدين ويفقد ثقته فيه، وثقة المواطن في رجل الدين هي أهم ما يتمتع به".