جرت اليوم عملية اقتراع للسوريين المقيمين في الخارج، برز منها الإقبال الكثيف بالآلاف على السفارة السورية في لبنان، الذي يستضيف أكثر من مليون لاجئ. في وقت طالبت أمانة قوى 14 آذار اللبنانية حكومة بلادها إلى ترحيل فوري للسوريين المشاركين في الاقتراع.


أدى إقبال السوريين الكثيف على السفارة السورية في لبنان للتصويت ضمن انتخابات الرئاسة في الخارج إلى زحمة سير، وطالبت أمانة قوى 14 آذار اللبنانية حكومة بلادها بترحيل فوري للسوريين المشاركين في الاقتراع. وجرت اليوم عملية اقتراع للسوريين المقيمين في الخارج، برز منها الاقبال الكثيف بالالاف على السفارة السورية في لبنان، الذي يستضيف اكثر من مليون لاجئ.

توافد آلاف السوريين الى سفارة بلادهم في لبنان للادلاء باصواتهم في الانتخابات الرئاسية الاربعاء، ما تسبب بزحمة سير خانقة على الطرق واثار غضب اللبنانيين المتذمرين اصلًا من عبء مليون لاجئ سوري على بلادهم.

على الطريق العام المؤدي الى اليرزة شرق بيروت، حيث السفارة السورية، سار السوريون صفوفا طويلة تحت اشعة الشمس، بعدما حالت زحمة سير خانقة تسببت بها اعداد الحافلات والسيارات التي نقلتهم والاجراءات الامنية المشددة، دون وصول وسائل النقل الى قرب السفارة.

ومساء، استمر تدفق الناخبين مع طوابير من السيارات تنتظر على بعد حوالى عشرة كيلومترات من مبنى السفارة. وشاهدت مراسلة لفرانس برس حافلتين سياحيتين تحملان لوحتين سوريتين تقلان سوريين جاؤوا للادلاء باصواتهم.

وسار السوريون مسافات طويلة على الطريق المؤدية الى السفارة، كما قدموا في سيارات مكتظة وحافلات وشاحنات صغيرة "بيك آب"، رافعين صور الرئيس السوري "اسد العرب" و"تاج الوطن". وحملوا الاعلام السورية وعلم حزب الله اللبناني حليف دمشق، والمشارك في المعارك الى جانب قواتها النظامية.

وفي طرابلس بشمال لبنان، تظاهر مئات من سكان منطقة باب التبانة المؤيدة للمعارضة السورية ضد الانتخابات وانتقدوا السوريين الذين شاركوا فيها في لبنان.

14 آذار: لترحيل من صوّت
ودعت الامانة العامة لقوى 14 اذار المناهضة لدمشق الحكومة اللبنانية الى ان "ترحل فورًا" من شاركوا في الانتخابات، لافتة الى ان ما قاموا به يعتبر "استفزازا".

في العاصمة الاردنية، اصطف مئات السوريين منذ الصباح امام المدخل الرئيسي للسفارة السورية في منطقة عبدون (جنوب غرب عمان) وسط اجراءات امنية مكثفة.

وفي حين كان من المقرر ان تغلق صناديق الاقتراع في السفارات الساعة السابعة مساء اليوم (16:00 ت غ)، اعلنت اللجنة القضائية العليا للانتخابات "تمديد فترة الانتخابات لمدة خمس ساعات في جميع السفارات السورية التي تجري فيها الانتخابات، وذلك بسبب الاقبال الشديد"، بحسب ما نقلت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا".

ومنعت دول غربية وعربية عدة، ابرزها فرنسا والمانيا وبلجيكا ودولة الامارات العربية، تنظيم الانتخابات السورية على ارضها.
وتستعد المناطق التي يسيطر عليها النظام في داخل سوريا، لاعادة انتخاب الاسد لولاية ثالثة الثلاثاء المقبل.

وبحسب مقربين من النظام ومحللين، يبدو الاسد واثقا بانه أنقذ نظامه في مواجهة الحركة الاحتجاجية التي اندلعت ضده منذ ثلاثة اعوام، ولقيت دعما عربيا وغربيا للمطالبة برحيله.

وافاد الاسد من دعم غير محدود عسكريا واقتصاديا من حلفائه لا سيما روسيا وايران. والاربعاء، ذكرت صحيفة "كومرسانت" الروسية ان موسكو ستمنح النظام السوري مساعدة بقيمة 240 مليون يورو في العام 2014.

واعلنت وزارة الداخلية السورية الاربعاء ان عدد الناخبين السوريين الذين يحق لهم المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من حزيران/يونيو، بلغ اكثر من 15 مليون شخص داخل وخارج البلاد.

السفير السوري: الحشود أربكت 14 آذار
هذا واعلن السفير السوري في لبنان على عبد الكريم علي ان عدد الناخبين السوريين في لبنان الذين أدلوا بأصواتهم حتى مساء اليوم تجاوز الـ80 ألفا، مشيرا إلى أنه لا يوجد إحصاء دقيق حتى الآن. وقال عبد الكريم علي، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إنه تقرر تمديد فترة التصويت إلى مساء يوم غد بسبب ما وصفه بالإقبال الكثيف.

وأوضح أن تدافعا وقع بين الناخبين وقوى الأمن والجيش اللبناني نتيجة الإقبال الكثيف غير المتوقع، وتم احتواؤه، موجها الشكر إلى قوى الأمن والجيش اللبناني. وأشار إلى أنه رئيس لجنة الفرز في لبنان، وسيتم رفع النتائج بعد فرز أوراق الاقتراع إلى اللجنة في سوريا.
&
وفي حديث تلفزيوني، رأى السفير السوري تعليقا على مطالبة قوى 14 آذار "بترحيل السوريين الموالين للنظام السوري في لبنان والذين ظهر اليوم انهم غير مهددين أمنيا"، رأى ان هذا الامر "يدل على ارتباك وسوء تقدير كبير، فهذه الحشود التي شاركت في الانتخابات والأعداد أربكتهم، ويجب ان تكون دفعت هذه القوى لاعادة النظر في مواقفها"، معتبرا ان "هذا التصريح نقطة ضعف لهم، لا قوة، والدلالات اليوم كبيرة لسوريا وجيشها وشعبها وقيادتها".

ولفت علي الى "اننا كنا نتوقع ان يكون عدد المشاركين في الانتخابات السورية في لبنان كبيرا، ولكن ليس بهذا الحجم"، معتبرا ان "هذا الحجم من الاقبال له دلالة كبيرة وفاق التوقعات، وهو نعي للمؤامرة التي تعرضت لها سوريا واعلان لانتصار سوريا واندحار للمشروع الذي قادته الادارة الاميركية لتدمير سوريا وتمزيق نسيج المنطقة، وهو تعبير عن ان السوريين فخورون بجيشهم والانجازات الي حققتها سوريا".

واكد السفير السوري ان "هذه الحشود الهائلة التي جاءت من كل لبنان وعبّرت عن كل الجغرافيا السورية، تعبير عن ان سوريا قوية بما كانت تتمسك به من ثوابت وبمقدمتها الحفاظ على السيادة والكرامة والمقاومة ونصرة القضية الفلسطينية".

في باحة السفارة، قالت ميادة (31 عامًا) لوكالة فرانس برس وقد اصطحبت معها توأميها بالغين من العمر ثلاث سنوات، "هذا أجمل يوم بالنسبة إلينا، نريد رئيسنا (بشار الاسد) ان يبقى فوق راسنا، ولا نريد غيره. باذن الله واذن بشار، ستعود سوريا كما كانت". وقالت لمعان سيدو (50 عاما) وهي تنتظر الادلاء بصوتها "بوجود بشار، ستعود الحياة والاستقرار الى البلاد، وسيخرج الارهابيون".

كفانا إذلالًا
وتجمع مئات في الباحة الداخلية للسفارة، وهتفوا بصوت مرتفع وامام عدسات الكاميرا "بالروح، بالدم، نفديك يا بشار". الا ان الحزن والاحباط بدا جليًا على وجه آخرين. وقالت شابة محجبة رفضت كشف اسمها بصوت مرتجف وعينين دامعتين لفرانس برس "نريد ان نعود الى سوريا، كفانا اذلالًا".

واعلنت "اللجنة القضائية العليا للانتخابات" تمديد فترة الانتخابات في السفارات السورية لمدة خمس ساعات "بسبب الاقبال الشديد".

واراد الناخبون جعل يوم التصويت استعراض قوة لرئيس يواجه منذ اكثر من ثلاث سنوات مطالبة حثيثة بالتنحي، فيما ستكرس الانتخابات التي ستجري في الثالث من حزيران/يونيو داخل سوريا بقاءه. فرفعوا شارات النصر وهتفوا بحياة الرئيس.

داخل السفارة، بدت عملية التوصيت فوضوية. ووجب على كل مقترع ان يسجل اسمه قبل ان يتوجه الى غرفة وزع على مدخلها ملصق يضم صور المرشحين الثلاثة (الاسد وماهر حجار وحسان النوري). ولم يحمل معظم المقترعين أقلامًا لتدوين من يرغبون في التصويت له، ما حدا بالعديدين الى تمزيق صورتي المرشحين الآخرين على ورقة الاقتراع، ووضع صورة الاسد وحدها في المغلف قبل اسقاطه في صندوق الاقتراع.

حالات إغماء
وسجل تدافع كبير على المدخل. ولجأت القوى الامنية اللبنانية وامن السفارة الى الشدة في التعامل مع الناخبين. وسجلت حالات إغماء عدة. وقام رجال امن بتوزيع عبوات المياه البلاستيكية.

على الجسر المؤدي الى السفارة، قام عناصر فوج الاطفاء برش المياه على المتجمعين اسفل الجسر لمقاومة الحر. واتخذ الجيش اجراءات مشددة على طول الطريق المؤدي الى السفارة، وصادر كل ما يمكن ان يستخدم في اعمال شغب، بما فيها العصي الخشبية الصغيرة التي تثبت عليها الاعلام، وترك الاعلام لاصحابها.

واقفلت كل المنطقة المحيطة بالسفارة التي تشكل المدخل الشرقي لبيروت. وعلق الآلاف في سياراتهم في زحمة استمرت ساعات. كما شهدت مداخل بيروت الاخرى من الشمال والجنوب، زحمة بسبب عدد المواكب والحافلات المليئة بالسوريين القادمة من مناطق مختلفة في لبنان.

طلاب عالقون
وبثت الاذاعات اللبنانية نداءات من العالقين في الزحمة يناشدون فيها القوى الامنية فتح الطرق، لا سيما ان العديد من التلامذة الذين يفترض ان يقدموا امتحانات البكالوريا الفرنسية لم يتمكنوا من الوصول الى مراكزها.

وقالت سيرين (40 عاما) التي تعمل في صالة عرض مفروشات في الحازمية، "انا اسكن في الجمهور على بعد ربع ساعة من هنا، استغرقت الطريق اليوم ساعتين ونصف ساعة. لم ار مثل هذه الزحمة في حياتي. لا نريد هذه الفوضى في شوارعنا".

ويتذمر اللبنانيون من تقاسم اللاجئين السوريين معهم سوق العمل والموارد المحدودة اصلا في بلد يعاني ازمات اقتصادية وسياسية متلاحقة منذ سنوات، مع خلفية دائمة مرتبطة بالوضع السوري.

ومارست دمشق هيمنة واسعة على الحياة السياسية اللبنانية في الثمانينات والتسعينات. وانسحب جيشها من البلد الصغير في 2005 بعد ثلاثين سنة من الوجود، لكنها تحتفظ فيه بحلفاء على راسهم حزب الله، القوة السياسية والعسكرية النافذة.

قصة قرف لن تنتهي
وكالعادة، عبّر اللبنانيون عن سخطهم عبر نشر صور للزحمة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكتب احدهم تحت هاشتاغ #بهدلة، "قصة قرف لن ينتهي".

بينما استغل آخرون الحدث ليسخروا من واقعهم اذ ان مجلس النواب اللبناني عجز عن انتخاب رئيس خلال فترة الشهرين التي سبقت انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في 24 ايار/مايو.

فجاء في احد التعليقات "خايف بعد الفراغ الرئاسي وخلو قصر بعبدا (القصر الرئاسي القريب من السفارة السورية) من سكانه ان ياتي نازح سوري ويحاول استئجار جمهورية الموز".
&

&