قال مندوب بريطانيا الدائم لدى الأمم المتحدة إن الوضع في أنحاء منطقة الشرق الأوسط يثير لدينا جميعًا القلق العميق، فقد تصاعدت أعمال العنف والأزمات الإنسانية لتحيط بملايين الأبرياء.
نصر المجالي: قال السفير البريطاني السير مارك ليال غرانت في افتتاح جلسة النقاش في مجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط، الثلاثاء، إنه من المؤسف جدًا سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في الأزمة الحالية في غزة.
وحثّ غرانت كلا الطرفين على بذل كل المستطاع لتهدئة الوضع وتجنب سقوط المزيد من الجرحى والقتلى بين الأبرياء، مؤكدًا أن من حق إسرائيل العيش من دون الشعور بخوف مستمر على أمنها، لكن من حق أهالي غزة أيضًا العيش بسلام وأمان.
وأدان السفير البريطاني الهجمات الصاروخية على إسرائيل واستهداف المدنيين فيها، ما يشكل انتهاكًا لكل القوانين والأعراف الإنسانية. "كما نشجب رفض حماس لجهود وقف إطلاق النار حتى الآن. وعلى كل من لديه نفوذ يمارسه على حماس أن يفعل ذلك لحملها على إنهاء إطلاق الصواريخ والموافقة فورًا على وقف إطلاق النار".
وقال إننا نؤيد تمامًا حق إسرائيل باتخاذ إجراء متناسب للدفاع عن نفسها من الهجمات الصاروخية العشوائية ومحاولات التسلل إلى إسرائيل عبر الأنفاق. ولكن غرانت دعا إلى ضرورة حماية أهالي غزة، فقد وصل عدد الضحايا المدنيين حتى الآن إلى 600 قتيل. مشيرًا إلى أن العملية العسكرية في الشجاعية يوم الأحد تسببت بتكاليف إنسانية فظيعة. وقال إنه يجب على إسرائيل بذل كل ما في وسعها لتجنب سقوط ضحايا بين المدنيين، وممارسة ضبط النفس ووضع نهاية لهذا الوضع.
الجهود المصرية
ورحّب السفير غرانت بالجهود المصرية الرامية إلى تأمين التوصل إلى وقف إطلاق النار. ونشجع مصر على مواصلة جهودها، كما نشجع الآخرين على العمل معها عن قرب.
كما أشاد بالتزام الأمين العام للأمم المتحدة بالمساعدة في تأمين التوصل إلى وقف إطلاق النار، بما في ذلك بزيارته للمنطقة، إلى جانب جهود الأمم المتحدة الرامية إلى وقف إطلاق النار لإيصال المساعدات الإنسانية، ورحب بدعم الرئيس الفلسطيني محمود عباس لوقف إطلاق النار فورًا.
وقال السفير البريطاني إن مئات الآلاف من المدنيين المغلوبين على أمرهم يعانون معاناة شديدة نتيجة هذه الأزمة، بينما هم لا يتحملون أي مسؤولية عن إطلاق الصواريخ "وقد تشرد ما لا يقل عن 100,000 من أهالي غزة نتيجة الصراع. كما يعاني مئات الآلاف من نقص المياه والصرف الصحي والكهرباء".
وأعلن غرانت عن تقديم المملكة المتحدة 3 ملايين دولار من المساهمات الجديدة لمساعدة الأونروا على توفير مساعدات إنسانية طارئة لما يفوق 84.000 شخص يسعون إلى المدارس لتكون مأوى لهم، كما ستعجّل بدفع 4 ملايين دولار لمنظمة الصليب الأحمر الدولية لتوفير رعاية صحية طارئة وإصلاح آبار المياه الأساسية وشبكات المياه التي دمرها القصف الجوي.
وقف اطلاق النار
وأشار السفير البريطاني إلى أن الوضع مألوف بشكل كئيب، فهذه ثالث عملية عسكرية كبيرة في غزة خلال ست سنوات، ولا بد وأن تكون الأولوية هي للتوصل إلى وقف إطلاق نار دائم ينهي دائرة العنف.
وقال إنه لا بد وأن يعالج اتفاق وقف إطلاق النار المسببات الكامنة وراء الأزمة، وأن يكفل تنفيذ كل من قرار مجلس الأمن رقم 1860 واتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012.
ودعا غرانت إلى تكثيف الجهود للسيطرة على الوضع الأمني وفتح اقتصاد غزة. ويجب أيضًا عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة. مؤكدًا أن الأمر لن يكون سهلًا "ولكن بدونه من المرجح أن نشهد تكرار هذه الأزمة".
من جانب آخر قال السفير البريطاني في كلمته أمام مجلس الأمن إنه لا يسعنا أن ننسى بأن العنف الفظيع مازال مستمرًا في أنحاء أخرى من الشرق الأوسط. فوحشية النظام السوري التي لا هوادة فيها، هيأت البيئة التي سمحت للتطرف العنيف أن يتمكن، وما يحدث في سوريا ليست، ولم يكن يومًا، له صلة بالإرهاب. بل إنه يتعلق بالمطالب المشروعة للشعب السوري ورغبته في الحصول على حقوقه الأساسية من حرية وكرامة. لكن نظام الأسد يرد على هذه المطالب بوحشية فظيعة.
وجهة الجهاديين
وقال السفير غرانت إن سوريا الآن الوجهة الأولى للجهاديين من أي مكان في العالم. والعنف بدأ ينتشر إلى خارج الحدود السورية. علينا أن نكون واضحين: الأسد ليس هو الرد على التهديد الإرهابي - بل إنه مسبب له. وأشار إلى أن تقدُّم هؤلاء المتطرفين العنيفين في المنطقة يؤكد ضرورة دعم الجماعات السورية المعتدلة في سوريا. فهذه الجماعات المعتدلة هي القوات الوحيدة التي تقاتل المتطرفين ووحشية الأسد.
وأضاف السفير البريطاني أن مجلس الأمن اتخذ خطوة كبيرة للمساعدة على تخفيف بعض من الأهوال التي يواجهها المواطنون السوريون. وبتبنّي قرار مجلس الأمن رقم 2165 سوف يحصل الكثير من السوريين قريبًا على المواد الغذائية والإمدادات الطبية التي هم بحاجة ماسة إليها.
وقال إنه من الضروري أن ترسل الأمم المتحدة سريعًا بعثة للمراقبة كي يتسنى البدء بدخول المساعدات عبر هذه المعابر الحدودية الإضافية "ونرحب بتأكيدات الائتلاف الوطني السوري والجيش السوري الحر بأنهم سوف يطبقون القرار 2165 للمساعدة على وصول المساعدات إلى من هم بحاجة ماسة إليها".
حل سياسي
وتابع السفير غرانت إننا نعلم بأن الحل الدائم للأزمة السورية يكون عبر التوصل إلى حل سياسي. ونرحب بتعيين الممثل الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا ونحث كل الأطراف على العمل الوثيق في ما بينهم تجاه عملية سياسية بقيادة سورية.
وأشاد بالائتلاف الوطني السوري لانتخابه أخيرًا رئيسه الجديد، هادي البحرة "وسنواصل، إلى جانب شركائنا، تقديم الدعم العملي والفني والسياسي إلى الائتلاف". وأكد أن سوريا لن تشهد سلامًا مستقرًا إلا عند محاسبة المسؤولين عن الأعمال الوحشية، وفي ذلك السياق، نرحب بقرار مجلس حقوق الإنسان الأخير، وسنواصل العمل لضمان تحقيق العدالة للضحايا، بما في ذلك من خلال المحكمة الجنائية الدولية.
أعمال داعش الوحشية
وأدان السفير البريطاني في كلمته الأعمال الوحشية التي ارتكبها تنظيم داعش الذي توسع بسيطرته على مناطق في غرب وشمال العراق، متسببًا بنزوح حوالى 650.000 شخص.
وأعرب عن قلقه البالغ للأحداث التي وقعت في الموصل خلال عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة، حيث إن تهديدات داعش للمسيحيين خصوصًا، الذين يعيشون في الموصل منذ حوالى 2.000 سنة، هي تهديدات مروعة. وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة إن الاعتداءات المنهجية ضد المدنيين بسبب دينهم أو معتقدهم تعتبر جريمة ضد الإنسانية.
وقال إن تنظيم داعش يشكل تهديدًا كبيرًا على المواطنين والأمن والاستقرار وسلامة أراضي الدولة، وكذلك على المنطقة ككل. وأكد السفير غرانت أن أهم عامل وحيد يحدد ما إذا كان العراق سوف يتجاوز هذا التحدي هو الوحدة السياسية فيه. وبالتالي من الضروري تشكيل حكومة جديدة ممثلة للجميع بأسرع وقت ممكن.
وختم سفير بريطانيا كلمته بالإشادة بجهود ممثل الأمين العام الخاص للعراق، نيكولاي ملادينوف، كما حث الساسة العراقيين على ضمان تعيين رئيس جديد ورئيس وزراء جديد بأسرع وقت ممكن.
&
التعليقات