تتصاعد الحملة الدولية للحد من تفشي وباء إيبولا، بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن هذا التفشي أكبر مما تفصح عنه التقارير، مؤكدة أن الفيروس لا ينتقل بالهواء.

بيروت: قدرت منظمة الصحة العالمية أن حجم تفشي وباء إيبولا اكبر بكثير مما كان يعتقد، بينما اعترفت دول أفريقية عدة بأنها غير قادرة على تطويق انتشار الفيروس بوسائلها الخاصة. وقالت المنظمة في بيان إن الموظفين الموجودين في مواقع انتشار الوباء يرون أدلة على أن أعداد الاصابات المسجلة وأعداد الوفيات تظهر أن تقييم حجم انتشار الوباء يقل بكثير عما هو عليه في الواقع.

واضاف البيان: "يتواصل تفشي فيروس ايبولا في غرب أفريقيا، حيث سجلت 1975 اصابة و1069 وفاة في غينيا وليبيريا ونيجيريا وسيراليون".

لا ينتقل عبر الهواء

وقالت المنظمة إنها تنسق الجهود من أجل رفع مستوى الاستجابة الدولية للتصدي للوباء، مع الدعم الفردي من دول مختلفة ومن هيئات مراقبة الامراض ومن الوكالات التابعة للامم المتحدة. وفي الوقت عينه، أفادت المنظمة& بأنه لا داعي لإلغاء الرحلات الجوية إلى دول غرب أفريقيا، التي ينتشر فيها الفيروس، مشيرة إلى أن مخاطر انتشار المرض في الطائرات قليلة جدًا.

وأوضحت إيزابيل نوتال، مديرة المكافحة العالمية في المنظمة في مؤتمر صحفي عقدته بمكتب الأمم المتحدة بجنيف، أن احتمال انتقال الفيروس أثناء السفر بالطائرات منخفض جدًا. واضافت أن الفيروس لا ينتقل عبر الهواء والماء بل عبر السوائل من أجسام المصابين بالفيروس.

ولفتت نوتال إلى ضرورة أن لا يُسمح بسفر الأشخاص الذين تكون درجة حرارة جسمهم مرتفعة خلال الكشف عنهم في نقاط التفتيش عبر المسح الضوئي في المطارات، مؤكدة أن انتقال الفيروس يكون عبر الاتصال المباشر مع المرضى، مشيرة في الوقت نفسه أنه غالبًا لا يتمكن المصابون بالفيروس من السفر.

الأمم المتحدة ستوفر مساعدات غذائية

وأعلن برنامج الاغذية الدولي التابع للامم المتحدة ان المنظمة الدولية ستوفر المساعدات الغذائية لمليون شخص في المناطق التي ينتشر فيها مرض ايبولا في غرب افريقيا. وصرحت المتحدثة باسم البرنامج في غرب افريقيا فابيان بومبي لوكالة فرانس برس "بناء على طلب من منظمة الصحة العالمية والحكومة المعنية، فإننا نقوم بإعداد مساعدات لتقديمها لنحو مليون شخص".

كسر السلسلة

وكان الرئيس الاميركي باراك أوباما أجرى الخميس محادثات مع نظيرته الليبيرية ايلين جونسون سيرليف، ومع رئيس سيراليون ارنست باي كوروما، لطمأنتهما بشأن دور خبراء المراكز الاميركية لمراقبة الامراض والوقاية منها، الذين ارسلوا إلى البلدين لمساعدة السلطات.

واعلنت وزارة الخارجية الاميركية إجلاء عائلات موظفيها الدبلوماسيين وقائيًا من فريتاون. واعترف بريما كارغبو، مسؤول الخدمات الطبية في سيراليون، خلال اجتماع للبرلمان، قائلًا: "ما زال علينا كسر سلسلة انتقال الفيروس من المصابين إلى غير المصابين به".

أضاف: "السيطرة على مرض بدرجة خطورة ايبولا تتطلب طاقمًا مختصًا من الاطباء والممرضات لا يملكه بلدنا حاليًا، وفي الوقت الحالي يمكننا الاعتماد على منظمة اطباء بلا حدود غير الحكومية، التي تنشط ايضًا في ليبيريا وغينيا".

واكدت السلطات الصحية في سيراليون أن 32 ممرضة توفين بعد اصابتهن بالفيروس، يشكلن 10 بالمئة من إجمالي الوفيات. واعلنت مياتا كارغبو، وزيرة الصحة في جنوب أفريقيا، ارسال مختبر متنقل إلى فريتاون، لتحليل عينات من الدم. كما بدأت ليبيريا، التي تسلمت الاربعاء جرعات من المصل التجريبي الواعد لمعالجة الاطباء المصابين، بدأت إشغال توسيع مركز المعالجة الوحيد في مونروفيا الذي تجاوز الوضع قدراته.

بسبب غينيا!

وبالرغم من تضاعف الاجراءات التي تزداد تشددًا، يتقدم الوباء بسرعة في العاصمة الليبيرية، حيث اعلنت حالة الطوارىء في 6 آب (اغسطس)، بعد خمسة ايام على اعلانها في سيراليون. وفي غينيا، التي بدأ فيها الوباء مطلع السنة الجارية، اعلن الرئيس الفا كوندي مساء الاربعاء حالة الطوارىء الصحية الوطنية.

وبين الاجراءات التي اتخذت اقامة شريط صحي يشرف عليه افراد ادارة الصحة وقوات الامن والدفاع على كل المراكز الحدودية لدخول البلاد. كما تنص على فرض قيود على بعض التنقلات، ومنع نقل الجثث من مكان إلى آخر، وأخذ عينات وفرض ادخال أي حالة مشتبه بها إلى المستشفى، حتى اعلان آخر نتائج التحاليل.

وفي كوناكري، عبر الفا بالدي، الذي يعمل في قطاع النقل البري عن أسفه لرد فعل الحكومة المتأخر جدًا، مؤكدًا: "اذا كان العالم يعاني اليوم من هذا الوباء، فذلك بسبب غينيا". وأعلنت الحكومة الكورية الجنوبية أنها أرسلت فريقًا طبيًا مختصًا إلى نيجيريا، لمنع دخول فيروس إيبولا إلى البلاد، والتأكد من أمن المواطنين الكوريين الجنوبيين هناك.

والفريق الكوري يتكون من محقق مختص في علم الأوبئة، وطبيب تخصصي في قسم الأمراض المعدية، ومسؤولين من وزارة الخارجية.

لا إيبولا في الخليج

ونفى مديرو إدارات الصحة العامة في دول الخليج أن يكون إيبولا قد تحور، وأصبح ينتقل عن طريق الهواء، مؤكدين أن دول الخليج خالية من إيبولا، وأن الإجراءات الاحترازية التي تم تنفيذها كافية لمنع الفيروس من الوصول إلى دول الخليج، ومنع الوافدين من غرب أفريقيا من السفر.

ونصح هؤلاء السعودية بالحذر من حجاج نيجيريا في فترة الحج، وطالب بعضهم بمنع التأشيرات عن نيجيريا، على غرار بقية دول غرب أفريقيا.

ونقلت التقارير عن الدكتور يوسف مندكار، مدير إدارة الصحة العامة في وزارة الصحة الكويتية، تأكيده أن في الكويت قرابة 800 عامل من غرب أفريقيا، طلب منهم عدم السفر لبلادهم في تلك الفترة، ومن يقرر السفر فسيتم إلغاء إقامته.

وشدد أنه كان من الأفضل للسعودية منع تأشيرات نيجيريا للحج هذا العام، خاصة أن الحالات في نيجيريا وصلت إلى 13 حالة جميعها أصيبت من حالة واحدة فقط، وفي حال عدم المنع ستضطر السلطات السعودية إلى تكثيف الإجراءات الوقائية والاحترازية لمنع دخول الفيروس للبلاد.

أثر اقتصادي

إقتصاديًا، أفادت دراسة نشرتها وكالة التصنيف الائتماني الاميركية موديز أن إيبولا يمكن أن يترك اثرًا ماليًا مباشرًا على ميزانيات الحكومات بسبب ارتفاع نفقات العناية الصحية.

وقدر أول تقييم لمؤسسات مالية دولية تراجع النمو نقطة واحدة في غينيا إلى 3,5 بالمئة. اما ليبيريا فتتوقع نموًا اقل من 5,9 بالمئة كانت تقديرات تشير اليها من قبل. اما في سيراليون فقد اصبح معدل النمو بنسبة 16 بالمئة في 2013 بعيد المنال.

وقالت موديز إن نشاطات استخراج النفط في نيجيريا، التي تحتل المرتبة الاولى بين المصدرين في أفريقيا، لم تتأثر حتى الآن، لكن هذا الامر يمكن أن يحدث اذا سحبت الشركات النفطية موظفيها الاجانب.
وتعهد الاتحاد الأفريقي بتقديم مليون دولار لمكافحة فيروس إيبولا.

وقالت نكوسازانا دلاميني زوما، رئيسة مفوضية الإتحاد، الجمعة إن تخصيص هذا المبلغ يأتي في إطار حرص الاتحاد على مساعدة الدول التي تأثرت بالمرض القاتل، الذي أدى إلى وفاة أكثر من ألف شخص وإصابة المئات.

منع رياضيين

إلى ذلك، اعلنت اللجنة الاولمبية الدولية الجمعة منع رياضيين من الدول التي يتفشى فيها وباء ايبولا من المشاركة في دورة الالعاب الاولمبية الثانية للشباب، المقررة في مدينة نانجين الصينية من 16 إلى 28 آب (اغسطس) الجاري.

وقال بيان للجنة الاولمبية الدولية: "الرياضيون القادمون من مناطق يتفشى فيها الوباء لن يتمكنوا من المشاركة في الالعاب القتالية أو في السباحة".

واوضحت اللجنة المنظمة للالعاب أن الرياضيين القادمين من دول ينتشر فيها هذا الوباء سيخضعون لاجراءات وفحوص خاصة طوال فترة الالعاب، مؤكدة أن السلطات الصينية جاهزة لمواجهة أية حالة. واسفت اللجنة المنظمة لمعاناة بعض الرياضيين مرتين، من الوباء المنتشر في بلدانهم ومن حرمانهم من المشاركة.