أنشأت السلطة الفلسطينية غرفة عمليات لتنظيم إرسال التبرعات من الضفة الغربية إلى قطاع غزة بعدما شهدت أرقامًا قياسية تضامنًا مع أهل غزة في وجه الهجمات الإسرائيلية، حتى إن طفلًا يبلغ ثمانية أعوام مصابًا بالسرطان ساهم بزجاجة ماء وآخر معوق لم تتحسن حالته إلا بعدما تبرّع بما لديه من أموال قليلة.


رام الله: أوقف الشاب رأفت خليل سيارته، ونزل يسأل عن صندوق المعونات المالية المخصصة لقطاع غزة، ووضع فيه على عجل 250 دينارًا أردنيًا (330 دولارًا) تحت اسم فاعل خير، تبرعًا لغزة. وقال رأفت، أمام خيمة نصبت لجمع التبرعات في شمال رام الله في الضفة الغربية، لوكالة فرانس برس، "هذه الأموال ليست مني، وإنما متبرعون من قريتي أعطوني إياها، وطلبوا مني إيصالها دعمًا لأهالي قطاع غزة".

أضاف إن المتبرعين طلبوا عدم ذكر أسمائهم "لأن هذه التبرعات أقل شيء ممكن تقديمه لصمود أهلنا في غزة". وخصص القائمون على الخيمة دفترًا بالمتبرعين، ليكتبوا ما في خاطرهم، حيث تكررت عبارة "كلنا معكم أهلنا في غزة". إضافة إلى صندوق خشبي مخصص للتبرعات المالية، خصصت خيمة لتكديس التبرعات، حيث كان عدد من الشبان يقومون بترتيبها وتغليفها خوفًا من تلفها أثناء نقلها إلى غزة.

تضمنت التبرعات مواد غذائية وأغطية وملابس وألعاب أطفال وأحذية ومواد تنظيف ومواد كهربائية، بعضها جديد، وبعضها الآخر قديم. ونتج من الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ الثامن من تموز/يوليو حتى اليوم تشريد الآلاف، بعد تهدم منازلهم بفعل القصف، حسب ما أفاد مكتب تنسيق العمليات الإنسانية التابع للأمم المتحدة، إضافة إلى مقتل أكثر من 2100 فلسطيني، وإصابة أكثر من 10 آلاف آخرين.

قوائم بالأولويات
ووزع ناشطون على المحال التجارية قوائم بما يمكن للناس شراؤه والتبرع به. وعلقت قائمة في إحدى الصيدليات كتب عليها "من أجلهم"، في إشارة إلى أهالي غزة. تضمن الإعلان ما هو مطلوب التبرع به مثل "ملابس داخلية، ملابس أطفال، محارم، حفاضات أطفال، أدوات طبخ بلاستيكية". ترسل هذه التبرعات، بعد تغليفها، من خلال الهلال الأحمر الفلسطيني والصليب الأحمر، على أن يتم تنسيق استلامهم من قبل الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة.

نصبت خيم للتبرع في العديد من مدن وقرى الضفة الغربية، كما يقول الناطق باسم وزارة الشؤون الاجتماعية إحسان الديك، موضحًا أن عدد محطات التبرع لغزة انتشرت لدرجة إنه "لا يمكن حصرها لغاية الآن". ومثلما تتكدس المواد داخل الخيمة المخصصة للتبرع، تتراكم قصص المتبرعين لدى نائل عاصي مدير حملة التبرعات تحت اسم جمعية دير طريف الخيرية.

أقوى من الداء
من هذه القصص، يشير نائل إلى طفل في الثمانية مصاب بالسرطان، وصل إلى الخيمة، وتبرع بزجاجة مياه كتب عليها" كلنا معكم مهما صار". وعلق نائل زجاجة المياه على مدخل الخيمة كـ"أيقونة" حملة التبرعات، حسب قوله. ويحتفظ نائل في هاتفه النقال بصورة طفل آخر معوق من مخيم قلنديا، أصرّ على التبرع بمبلغ زهيد لأطفال غزة. وقال " والده أخبرني أن حالة من البكاء الشديد أصابته، بينما كان يتابع قنوات فضائية لمشاهدة العنف في غزة، ولم تتحسن حالته إلا بعدما تبرّع بما لديه من شواقل".

بحسب وزارة الشؤون الاجتماعية، فإن إرسال التبرعات إلى غزة يتم من خلال برنامج الأغذية العالمي، بالتنسيق مع الصليب الأحمر المحلي والدولي. وقال الديك" العملية تتم من خلال برنامج الأغذية العالمي، الذي يتولى التنسيق مع الصليب الأحمر الفلسطيني والدولي، عبر معبر كرم أبو سالم في جنوب قطاع غزة، ومن ثم يتم تسليمها في غزة إلى الهلال الأحمر الفلسطيني والأمم المتحدة".

غرفة تنظيم
وأنشأت السلطة الفلسطينية غرفة عمليات لتنظيم إرسال التبرعات من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، من مختلف الجهات التي تنشط في هذا المجال. وقال أيمن صوالحة ممثل الشؤون الاجتماعية في الغرفة، لوكالة فرانس برس، إن حجم التبرعات الشخصية من أبناء الضفة الغربية لقطاع غزة "كبير جدًا، بحيث إننا لم نتمكن من معرفته بدقة حتى الآن". وقال "موثق لدينا إرسال أكثر من 84 قاطرة ومثلها مقطورة محملة بالمساعدات العينية إلى غزة عن طريق مؤسسات دولية".

وعن ارتفاع نسبة المتبرعين هذا العام قياسًا على الأزمات السابقة بين العامين 2008 و2012، أجاب صوالحة أن السبب "يعود إلى ارتفاع أعداد الشهداء والمشردين والدمار الذي حل في قطاع غزة بشكل أكثر من السابق".