كشف الباحث أمير جمال أن بعثات أثرية تمارس التجسس وتزييف التاريخ الفرعوني لصالح إسرائيل، وبعضها يسعى إلى الإثبات أن اليهود هم بناة الأهرامات الحقيقيون.

القاهرة: تحتل الآثار المصرية موقعًا مميزًا بين الآثار في مختلف دول العالم، وتستحتوذ على إهتمام العلماء والعامة في الوقت نفسه، إلا أن تلك الآثار تعرضت للنهب والسرقة على مدار التاريخ، بدءًا من العهد الروماني وحتى الآن. وتعتبر البعثات العلمية التي حضرت إلى مصر للتنقيب والبحث أحد أخطر عوامل نهب الآثار المصرية.

اليهود بناة الإهرامات

وكشف الباحث الأثري أمير جمال عن بعثات أجنبية أثرية تمارس ما وصفه بـ"التجسس وتزييف التاريخ الفرعوني لصالح إسرائيل". وأضاف لـ"إيلاف" إن بعض البعثات تسعى إلى إثبات أن اليهود هم بناة الإهرامات، بالإضافة إلى إثبات يهودية الحضارة المصرية جميعها.

وقال جمال إن 11 دولة أوروبية تستحوذ على أهم القطع الأثرية المصرية، مشيرًا إلى أنها تتركز في لندن وبرلين وباريس وفيلاديلفيا ونيويورك وتورين وليدن وأكسفورد وروما وبرشلونة ومدريد. وأضاف أن الجامعات في مختلف أنحاء العالم تستحوذ أيضًا على عشرات الآلاف من القطع، كما تستحوذ المتاحف العالمية على عشرات آلاف أخرى، منها 110 آلاف قطعة فى بريطانيا، و80 ألف فى بيتري، و100 ألف في باريس، و50 ألف في متروبوليتان.

رشوى وخوف

وأوضح جمال أن البعثات فى مصر هي أحد أخطر عوامل سرقة وتهريب الآثار المصرية، وأضاف: "البعثات سيطرت على المواقع الأثرية بدعم من الدولة لسنوات طويلة، رغم انشاء كلية آثار من أجل تخريج أثريين يديرون آثار بلدهم، إلا أن الأثري في مصر ظل تابعًا للأجنبي وحامل للشنطة، ويتم تكليفه بأمور نظرية فقط لكن الامور العلمية والعملية فهو بعيد عنها".

وأشار إلى أن المراقب الأثري المصري، غالبًا ما يتم رشوته بمنح دراسية في الخارج على حساب البعثة، "ويتحول الأثري إلى أسير لفضل تلك البعثة عليه، وبالتالى يفتقد صفته كرقيب على البعثة ويتحول لشخص يستغل سلطته فى الحصول على منفعة شخصية، فيتجاهل المراقب مخالفات البعثة خشية حرمانه من المنحة".

درجات عليا

ضرب جمال مثالًا بوزير الآثار السابق محمد إبراهيم. وقال إن الوزير السابق عمل مفتش آثار فى مواقع مختلفة من 1977 حتى1981، وفي الفترة من 1981 إلى 1983 عمل مفتشًا فى كوم أمبو ثم مدير منطقة آثار سقارة ومشرف على البعثة الفرنسية برئاسة فيليب لاوير.

ولفت إلى أن الأخير رشحه لنيل درجة الماجستير والدكتوراة من إحدى جامعات فرنسا، فأصبح رئيس البعثة مشرفًا عليه بدل من أن يكون هو المشرف على البعثة، منوهًا بأن المراقب الأثري عندما يتولى منصبًا رفيعًا يمنح البعثة التي أعطته الدرجات العلمية مميزات، وهذا ما حدث بالفعل، على حد قوله.

نفوذ البعثات

إتهم جمال البعثات الأجنبية بسرقة وتهريب الآثار للخارج، وقال: "البعثات الأجنبية تمتلك كامل الصلاحيات والنفوذ فى المواقع الاثرية، فعندها أفضل الخبراء والخرائط والمعدات والتسهيلات، ومع ذلك نادرًا ما نجد بعثة تعلن عن اكتشاف أثري، وحتى إذا أعلنت عنه تجد بقايا أخشاب أو حجارة ولا يوجد آثار حقيقية، بينما الآثار الثمينة تجدها مع اللصوص، فالشرطة كل يوم تضبط لصوصًا معهم مئات القطع، بينما البعثات رغم امتلكها تكنولوجيا متطورة وخبراء وخرائط تجد اكتشافتهم فارغة. فعلى ماذا يدل هذا؟ الفضيحة ليست فى وجود آثارنا فى المتاحف الخارجية، إنما فى سرقة آثارنا بنفس الكمية بنفس القدر منذ أزمنة طويلة".

تزييف التاريخ

وكشف جمال أن إسرائيل ترسل بعثات أثرية إلى مصر لإثبات أن الحضارة المصرية يهودية، "وبعض البعثات يعمل من أجل تزييف التاريخ لصالح إسرائيل، فتل أبيب لا ترسل بعثة يهودية كاملة حتى لا ينكشف أمرها، لكن ترسل بعثات تحت ستار جنسيات أخرى، فإما يكون رئيس البعثة يهودي أو يكون عضوًا مؤثرًا فيها".

وأضاف: "إسرائيل تسعى إلى إثبات أن الملك شيشنق الأول، وهو أحد ملوك الأسرة 22، استولى على آثار وذهب الهيكل، لإعتقادهم فى التوراة أن الملك شيشنق الأول كانت له علاقة مع الملك سليمان، وعندما مات الملك سليمان، حارب شيشنق الأول ابنه واحتل فلسطين، واستولى على كنوز بيت الرب، ولهذا يعتبرون الكنوز التى اكتشفت في العام 1940 في صان الحجر هي كنوز بيت الرب ملك لهم".

مدينة الخروج

وكشف جمال أن إسرائيل تسعى أيضًا إلى إثبات أن نبي الله موسى ولد في قرية قنتير مركز فاقوس بمحافظة الشرقية. وأضاف: "إسرائيل أرسلت بعثة أثرية هناك منذ توقيع إتفاقية السلام مع مصر في العام 1977، برئاسة إدجار بوش، وهو ألمانى يهودي". ولفت إلى أن هذه البعثة تجري حفائر بالقرية طوال تلك السنوات.

وأضاف أن السياح اليهود يزورون قنتير بصفة مستمرة، ويطالبون بإقامة مولد لنبي الله موسى عليه السلام، وعادة يزورون أثرًا فى القرية يسمى أبوشافع، وهذا الأثر عبارة عن يد ورجل من أيام الفراعنة. ونبه إلى أن إسرائيل تسعى إلى إثبات أن قرية قنتير بنيت على أنقاض عاصمة الملك رمسيس الثاني، الذي شرد اليهود من مصر، وتحاول إثبات أنها مدينة الخروج، وتروج لتلك المعتقدات عبر وسائل الإعلام العالمية.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أتهم جمال البعثة النمساوية الأثرية برئاسة العالم الأثري مانفريد بيتاك، بالعمل لصالح إسرائيل، واتهم وزيري الآثار السابقين زاهي حواس ومحمد إبراهيم، بالمساهمة في إخفاء هوية بيتاك.

تهويد العصر الفرعوني

وذهب جمال إلى أبعد منذ ذلك عندما أتهم البعثة التشيكية بممارسة التجسس على مصر، وقال: "البعثة التشيكية ليست بعثة أثرية، لكنها شبكة تجسس كبرى"، مشيرًا إلى أن البعثة برئاسة ميروسلاف بارتا، "تسعى بكل قوة لإثبات وجود دور مباشر لليهود فى بناء الحضارة المصرية، وتروج لوجود نجمة داوود فى نهاية الركن الشمالي الشرقي من سور المجموعة الجنائزية للملك زوسر".

وقال إن بارتا إلتقى بالرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز فى أثيوبيا، وهو يحاضر فى جامعات تل أبيب، وليس هذا فقط، بل ألف بارتا في العام 2003 كتابًا بعنوان "سنوحي والكتاب المقدس والأولياء"، ويحاول إثبات أن الملك سنوحي الذى عاش فى عصر الدولة الوسطى لم يهرب إلى فلسطين، ولكن إلى اسرائيل، ويحاول إثبات أن معركة مجدو العظيمة التي قام بها الملك تحتمس الثالث أحد ملوك الدولة الحديثة حدثت في اسرائيل برغم أنها مدينة شهيرة بفلسطين حتى الآن، ويحاول كذلك إثبات أن صوامع الغلال الخاصة بالامبراطورية المصرية القديمة كانت في اسرائيل، وأن المصريين القدماء كانوا يجلبون النحاس من محاجر أراباح باسرائيل.

ودعا جمال إلى تقنين عمل البعثات وايقاف جميع البعثات الأجنبية عن العمل فى الحفائر وتسليمها لمصريين، مشيرا إلى أنه لا يعقل أن توجد 250 بعثة أجنبية& للتنقيب على الآثار، ولا تجد بعثة مصرية واحدة. وقال: "يجب إلغاء بعثات الحفائر وأن تكون مصرية خالصة".