تتجه أنظار البريطانيين نحو الاستفتاء المنتظر على استقلال اسكتلندا في 18 أيلول (سبتمبر)، ويدب الذعر في قلوب المسؤولين البريطانيين، بينما تقلق المسائل الدفاعية دعاة الاستقلال.
مروان شلالا من بيروت: في شوارع العاصمة الاسكتلندية أدنبرة، لا شيء يهم إلا استفتاء 18 أيلول (سبتمبر)، ولا كلمة على اللسان إلا "نعم" أو "لا".
أما في العاصمة البريطانية لندن، فلا شيء يهم إلا بقاء اسكتلندا ضمن المملكة المتحدة، حتى وصل الأمر برئيس الوزراء البريطاني دايفيد كامرون إلى توسّل الإسكتلنديين ألاّ يختاروا الاستقلال عن المملكة المتحدة، ساعيًا الى وقف توسّع المعسكر المؤيد لاستقلال إسكتلندا عن بريطانيا، ومجتهدًا في سعيه قبل الاستفتاء القريب.
ذعر إنكليزي
وقد انتابت المسؤولين البريطانيين حال من الذعر الشديد، مع تجاوز المؤيدين لاستقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة نسبة 50 بالمئة في استطلاعات الرأي.
فألغى كامرون وزعيم المعارضة إد ميليباند جلستهما الأسبوعية للإجابة على أسئلة المواطنين، من أجل زيارة اسكتلندا، والطلب من الاسكتلنديين عدم إنهاء الوحدة مع انكلترا، المستمرة منذ أكثر 300 سنة. كما نشر كامرون مقالة في صحيفة دايلي ميل، قال فيها: "لا نريد أن تتقطع أوصال هذه الأمة، فإذا إنقسمت المملكة المتحدة ستظل منقسمة إلى الأبد".
وإلى جانب التوسل، لا يمانع البرلمان البريطاني في منح البرلمان الاسكتلندي سلطات واسعة وحريات كبيرة في إدارة شؤون البلاد، إلا المسائل الدفاعية طبعًا، شرط البقاء في إطار المملكة المتحدة.
أرقام تخيف كامرون
وفي استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "تي. إن. إس" للأبحاث، بدا واضحًا ميل الكفة لصالح مؤيدي الاستقلال، فأصبح معسكرهم متعادلًا مع الراغبين في إبقاء اسكتلندا ضمن المملكة المتحدة، بنسبة وصلت إلى 41 بالمئة لكلا الطرفين، أي أن نسبة الاستقلاليين ارتفعت 3 نقاط، من 38 بالمئة في الشهر الماضي، وانخفضت نسبة الرافضين للانفصال 5 نقاط عن 46 بالمئة قبل شهر.
إذا أجابت غالبية الاسكتلنديين بـ "نعم" على سؤال الاستفتاء، مفضلين الاستقلال عن المملكة المتحدة، تخسر بريطانيا ثلث مساحتها تقريبًا، أي أكثر من 78 ألف كيلومتر مربع من أصل مساحتها البالغة 243,610 كيلومترات مربعة. كما ينخفض عدد سكانها من 64 مليونًا إلى 58,6 مليونًا، وتخسر 245 مليار دولار من دخلها القومي في كل عام.
وفوق كل الأرقام التي سبقت، تخسر بريطانيا الكثير من نفوذها وقوتها واقتصادها، إذ يخسر الجنيه الإسترليني بين 10 و11 بالمئة من قيمته تقريبًا. كما تخشى بريطانيا أن يجر هذا الانفصال عدة انفصالات أخرى، فتستقل أيرلندا الشمالية لتنضم إلى أيرلندا الجنوبية.
التحدي الدفاعي
يبرز التحدي الأكبر بالنسبة إلى بريطانيا، إذا انفصلت اسكتلندا، في قواتها النووية، التي تعتمد على القواعد الاسكتلندية في عمليات الدعم والصيانة.
وأكد الحزب القومي الاسكتلندي، المؤيد للانفصال، أنه لن يسمح ببقاء القواعد النووية البريطانية على أراضي الدولة الجديدة في حال قيامها، وأن لندن ستكون مطالبة بإخلاء هذه القواعد خلال سنوات قليلة، ما يشكل تحديًا حقيقيًا على الحكومة البريطانية مواجهته بهدوء.
لكن تقريرًا للمعهد الملكي للدراسات الدفاعية صدر في آب (أغسطس) الماضي توقع أن يتم نقل هذه القواعد إلى بلايموث جنوبي إنكلترا.
صحيح أن ذلك قد يستغرق وقتاً أطول مما حدده الحزب القومي الاسكتلندي، وهو عام 2020، لكن يمكن تأجيل الأمر كله حتى دخول الأسطول الجديد من الغواصات النووية الخدمة في العام 2028.
لتتدبر شؤونها
في العام 2013، نشرت وزارة الدفاع البريطانية ورقة تم التوصل إليها بتكليف من الملكة شخصيًا، تتحدث فيها عن الشؤون الدفاعية في اسكتلندا المستقلة.
تقول هذه الورقة إن من مسؤوليات أدنبرة في حال اختار الاسكتلنديون الانفصال أن تدبر شؤونها الدفاعية بنفسها، وأن ذلك قد يتم بعيدًا عن حلف شمالي الأطلسي.
وبحسب الورقة، سيكون على الحكومة الاسكتلندية في حال الانفصال ترتيب شؤون القوات المسلحة وتمويلها وتسليحها وتدريبها، والأهم بالطبع اتخاذ القرارات بشأن طبيعة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي.
وتثير هذه الورقة قلق الاسكتلنديين من خيار الانفصال، لكن قادة عسكريين آخرين يحذرون من أن هذا الانفصال سيترتب عليه توجيه ضربة قاصمة لقلب القوة البحرية البريطانية وسيضعف سلاح البحر البريطاني.
التعليقات