في خطوة قال المهندسون إنها استلهمت حدائق بابل المعلقة، تبدأ مدينة هامبورغ الألمانية أول مشروع لنشر الأسطح الخضراء في ألمانيا.


ماجد الخطيب: دشّنت وزيرة البيئة الاتحادية باربا هيندريكس أول مشروع من نوعه في ألمانيا لزراعة أسطح البيوت والمباني الكبيرة بالأشجار والزهور. وقالت الوزيرة إن الهدف من المشروع هو أقلمة المدينة مع البيئة، في خطوة أولى ستحذو المدن الألمانية الكبيرة الأخرى حذوها. وتعتبر هامبورغ ثاني أكبر مدينة في ألمانيا بعد العاصمة برلين بتعداد 1.8 مليون نسمة.

تحسين الهواء
يفترض أن تساهم الأسطح الخضراء بقسطها في تحسين هواء المدينة، الذي تلوّثه السيارات والمصانع والبواخر، باعتبارها الميناء الألماني الأول على بحر الشمال. وفضلًا عن دورها في تقليل ظاهرة الاحتباس الحراري، ستحوّل الأسطح الخضراء مدينة هامبورغ إلى حدائق معلقة، يسترخي فيها أهل البيوت والعاملون في الدوائر والمواطنون عمومًا.

شاركت وزارة البيئة الاتحادية إلى جانب مدينة هامبورغ وشركة "سيتيهافن" ببناء الهياكل الارتكازية، في وضع وتنفيذ وتمويل خطط مشروع الأسطح الخضراء في هامبورغ. وتولت شركة سيتيهافن تطوير مشروعي تصريف المياه والرقابة على قدرة تحمل السطوح، اللذين لا يمكن للمشروع أن ينجح من دون خطة هندسية متقنة للتعامل معهما.

اسندت إلى البروفيسور فولغانغ ديكهاوت مهمة متابعة المشروع علميًا مع شركة سيتيهافن. وتبدأ الحملة بتشجير أسطح الشركة المذكورة، ومن ثم الوزارات والدوائر المحلية، وصولًا إلى العمارات السكنية والمنازل. ومن الطبيعي أن تكون مناطق المدينة المزدحمة، التي تعتبر أكثر تلوثًا من غيرها، في مقدمة المناطق التي سيزحف البساط الأخضر إلى أسطحها.

تمتص المطر
تعتبر مدن هالة وكولون أكثر مدن ألمانيا عرضة للأمطار في السنة، بواقع 263 و260 يومًا ماطرًا في السنة على التوالي. إلا أن عدد الأيام الماطرة في هامبورغ لا يقل عن ذلك كثيرًا، ولهذا يمكن للأسطح الخضراء أن تلعب دورها في امتصاص الأمطار المتساقطة.

ويتوقع مهندسو مشروع الأسطح الخضراء في هامبورغ أن تساهم الحدائق في امتصاص وتبخير من 50 إلى 90 بالمئة من المطر المتساقط على المدينة. وهذا يعني تقليل الضغط على شبكة تصريف المياه، وتقليل خطر الفيضانات في المدينة، وفسح المجال أمام استغلال المزيد من الأراضي في البناء والتوسع.

كما يتوقع المهندسون أن يقلل تشجير السطوح كميات المياه الجوفية تحت المدينة، ويقلص بالتالي احتمال انهيار المباني القديمة، كما يقلل مخاطر المياه الجوفية على المحطات التي تنتج الكهرباء من الطاقة النووية في المنطقة.

الجدير بالذكر أن مشروع حدائق الأسطح الألمانية يمنح جائزة لأفضل حديقة معلقة في ألمانيا منذ العام 2004، واحتضنت هامبورغ في آذار (مارس) 2013 المؤتمر الدولي حول الأسطح الخضراء، حيث ألقيت 28 محاضرة متخصصة حول الموضوع، ونشأت هناك فكرة مشروع تشجير أسطح المدينة.

أشجار صناعية
وإذا كانت حماية البيئة وتجميل المدينة هما الهدف من المشروع، فمن الممكن في المشاريع المقبلة الاستفادة من الأشجار الصناعية البيئية في تشجير الأسطح، إذ نجح العلماء الأميركيون في وضع مخططات إنتاج أشجار من طراز جديد، قادرة على سحب غاز ثاني أوكسيد الكربون من الجو، وبالتالي لعب دور مهم في تنقية البيئة.

وتحدث العلماء عن أشجار صناعية أكثر فعالية 1000 مرة من الأشجار الطبيعية في استخدام غاز ثاني أوكسيد الكربون في عملياتها الحيوية الاصطناعية. ويفترض أن تؤدي المادة الخضراء في الأشجار عملية التركيب الضوئي التي تؤديها المادة الخضراء في النباتات الطبيعية.

ووصف كلاوس ليكنر، العالم الجيوفيزياوي من جامعة كولومبيا في نيويورك، الأشجار البيئية "الخارقة" بأنها لا تقلّ جمالًا ووظيفية عن الأشجار الطبيعية، إلا أنها&ما زالت مشروعًا على الورق، ولم تدخل في مرحلتي التنفيذ والإنتاج. وأكد ليكنر أمام المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية للتقدم في العلوم في نيويورك أن شجرة صناعية كبيرة من الحجم الكبير قادرة كل سنة على امتصاص وتخزين 90 ألف طن من ثاني أوكسيد الكربون. وتعادل هذه الكمية الكبيرة حجم ثاني أوكسيد الكربون الذي تطلقه في الجو 15 ألف سيارة سنويًا.

تحتفظ بنضارتها
تبدو الشجرة الخضراء الصناعية مثل الشجرة الطبيعية، عدا عن أن أوراقها الاصطناعية عبارة عن ريشات مكونة من طبقات رقيقة عدة، تتولى ربط ذرات ثاني أوكسيد الكربون وحفظها.

ويعمل العلماء حاليًا على تطوير الوريقات بما يسمح لها بالاحتفاظ "بنظارتها" وقدرتها وسرعتها على امتصاص الغاز. وعبّر ليكنر عن تفاؤله بإمكانية خفض كلفة إنتاج الأشجار الصناعية بشكل سريع بما يؤهل العلماء لإنتاجها بكميات سوقية.

وبحسب تقدير العالم الأميركي، فإن العالم سيحتاج 250 ألف شجرة كبيرة من أشجاره الصناعية، كي يتمكن من التخلص من كمية ثاني أوكسيد كربون، ترتفع إلى 22 مليار طن سنويًا على المستوى العالمي.
&