يتوقع العراقيون تأزم العلاقات بين أطراف التحالف الشيعي، بسبب الصراع بين إيران والولايات المتحدة الأميركية على الساحة العراقية، مؤكدين أن الشيعة سينقسمون إلى شيعتين، بين إيران وأميركا.


عبد الجبار العتابي من بغداد: تدور في المجالس العامة أحاديث حول الإشكالات، التي تضرب البيت الشيعي العراقي، وتمزق أواصره، بسبب الأحداث العسكرية والسياسية المتلاحقة، التي بدأت تبرز مع دخول تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) إلى الموصل، ومن ثم اختيار حيدر العبادي رئيسًا لمجلس الوزراء. فهناك من يرى الحاجة الماسة إلى الوجود الأميركي للخلاص من داعش، فيما يرفض آخرون هذا التواجد، مهما كان شكله، ما جعل البيت الشيعي ينقسم ما بين مؤيد ورافض.

معسكران شيعيان
أكد حسن خلف محل، رجل دين محسوب على أحد التيارات السياسية، أن الظروف في تسارع للتغيير، معبّرًا عن خشيته من انقسام الشيعة، وقال: "في مرحلة ما بعد دخول داعش إلى الموصل والفتاوى الجهادية، ومن ثم مرحلة ما بعد المالكي، وما صاحب هاتين المرحلتين من بروز واضح للكتائب والجماعات المسلحة وقيامها بعمليات عسكرية في التصدي لداعش، كان هناك من ينظر إلى ظهور معسكرين من الشيعة، هما المعسكر الحكومي والمعسكر غير الحكومي، فهناك من يرى أن الحكومة تعمل ما فيه مصلحة الشعب، حتى وإن تحالفت مع الشيطان الأكبر للخلاص من داعش، فيما يرى الطرف الثاني أن التحالف من جديد مع أميركا وعودة جيشها إلى العراق معناه عودة الاحتلال الذي قاومته".

أضاف: "هذان الطرفان شيعيان، وهما منقسمان، وسيؤدي الخلاف بينهما إلى تشقق في التحالف الشيعي أو في البنية الشيعية بكاملها، وربما تدور صراعات ونزاعات لها تأثير سلبي جدًا على المجتمع الشيعي".

المصالح أولًا
أما أمير حسن، الذي عاش في إيران مدة طويلة، فقد أكد أن السبب يعود إلى انقسام الشيعة بين أميركا وإيران، وقال: "لا شك في أن الأزمات بين إيران وأميركا تلقي بظلالها على العراق، وهذا لا يمكن أن يختلف عليه اثنان، وإيران لها في العراق أحزاب وتنظيمات مسلحة، وخاصة منها من الشيعة، لذلك أي وجود أميركي في العراق ترفضه إيران، ومن هنا فضل بعض الأحزاب أن يقف مع الحكومة مع استمرار الوضع الأمني السيئ بعد دخول داعش وقيامه بانتهاكات لا سابق لها، هذه الحكومة التي تريد أن تلجأ إلى أميركا لحماية الناس، والعمل على تفعيل الاتفاقية الأمنية، التي لا يريدها بعض من ينضوون تحت المظلة الإيرانية".

أضاف: "الشيعة المعتدلون يتمنون أن تقوم قواعد عسكرية أميركية في العراق، بينما الأحزاب التابعة لإيران ترفض ذلك، وسبق أن هدد البعض منهم بسحب عناصره المسلحة المتواجدة في جبهات القتال، أعتقد أن الشيعة سينقسمون إلى أكثر من جزء تبعًا لمصالح كل طرف منهم".

قد تطيح بالعبادي
فسر الكاتب والمحلل السياسي علي رستم ما يحدث من تداعيات، وقال: "يبدو أن جميع الزعامات الشيعية السياسية اليوم تريد الذهاب إلى تسيد زعامة المقاومة، وخاصة هناك مؤشرات أميركية إلى دخول قوات برية قريبًا إلى تكريت. أما في ما يخص الخلاف الأميركي الإيراني، وخاصة ورقة مفاعلها النووي، والذي يحشد مواقف خليجية، وإضافة إلى تركيا في الظل لمواجهة تمدد إيراني، اتضح أكثر بعد تغيير موازنات المنطقة ومشاركة الحوثيين في اليمن في القرار السياسي".

أضاف: "ما يجري من تغيير في التوازنات والسيطرة والنفوذ داخل التحالفات الشيعية - الشيعية يتغير بحسب مكاسب الأطراف في غنيمة الحكومة، وبالتالي هناك تحرك لملء الفراغ لأطراف داخل التحالف الشيعي باتجاه كسب إيراني لدعمها في المرحلة المقبلة للاستمرار في نفوذها. وربما ذهب المالكي باتجاه يتقاطع به مع حزب الدعوة، وخاصة بعد فقدانه ثقة قياداته به، وأعتقد سيذهب ويقترب من خطاب نصر الله، بعد خسارته سلطة يصعب أن يخرج منها بفشل اقتصادي، وفقدان 30 بالمئة من الأراضي العراقية بيد داعش".

ورقة تحترق
وقال رستم إن المجلس الأعلى هو الأكثر مواجهة في مسؤولية إدارة الصراع الآن بين سكوته وقبوله لوجود أميركي تقابله المحافظة على الشماعة الإيرانية في الحفاظ على البيت الشيعي، وهي ورقته في كسب الود الإيراني، على الأقل وجوده في الحكومة يدعم بقائه لفترة، "أما التيار الصدري فهو الأكثر تعرضًا للتحولات، لكنه لا يريد أن يفقد البوصلة الإيرانية، التي تتحرك معه في حال استمرار تمدد داعش".

وتابع رستم: "ما يحصل هو الحفاظ على نفوذ أحد الأطراف الثلاثة، الذي يتمثل في قوته على التأثير في الشارع، والذي هو منقسم بعد تجربة 11 عامًا في إدارة السلطة، غاب عنها أي تحول في حياة الشيعة الجنوبيين، وبالتأكيد سيخرج منه الكثير، تاركين بوصلة الحديث باسم الشيعة، وهي ورقة تبدو تحترق كلما مرّ وقت على نفوذ الجماعات في القرار، وإبعاد الآخرين، وخاصة الليبراليين الشيعة".

وأضاف: "الصراع الإيراني السعودي القطري التركي في المنطقة يبقى يدير ساسة الشيعة، كما يحصل مع الساسة السنة في انتظار توصيات سعودية في الحوار مع ساسة الشيعة المقبل سيأتي بخلافات ربما تطيح بحكومة العبادي، وهي فرصة لبعض الزعامات الشيعية داخل البيت الشيعي السياسي لبداية صراع مسكوت عنه في الواجهة، لكنه يثير غضب البعض في كواليس الحوارات، وربما يخرج بانقسام، بعضه يذهب باتجاه أوروبي أميركي خليجي، والبعض الآخر يرتمي في حضن إيران".

شيعة أميركا وشيعة إيران
أما النائب السابق الشيخ جمال البطيخ، فقد أكد أن هناك ما يهدد وجود الشيعة في العراق، وقال: "الصراع بين إيران والولايات المتحدة في الساحة العراقية يقود إلى تنامي صراع داخلي ضمن البيت الشيعي المهدد بالانقسامات، وسينشأ تحالف جديد واضح المعالم يسمى بتحالف شيعة إيران، وآخر يكنى بتحالف شيعة أميركا، ما يهدد وجود الشيعة في العراق خاصة، والمنطقة عامة، إن لم يتجاوز سياسيو الشيعة العراقيون هذه المرحلة المهمة والحساسة التي سوف تحدد وجودهم وبقاءهم من عدمه".

أضاف: "من علامات هذا الاختلاف تصريحات لكيانات متشددة تجاه عودة التواجد الأميركي والغربي في العراق والتهديد بضربه ومقاومته". وختم بالقول: "إنه صراع إيراني أميركي يتجدد في العراق في هذه المرحلة، التي تمثل خطرًا محدقًا بأمن وسيادة هذا البلد، في خضم حرب عالمية دينية، ساحتها المنطقة العربية، الممتدة من العراق وسوريا شرقًا إلى بلدان شمال أفريقيا غربًا، حيث مركز ثقلها العراق".

&