ماكيفكا: على عمق 700 متر تحت سطح الارض يحفر يفغيني كاتشيل وهو منبطح، وسط غبار اسود، طبقة من الفحم، في وضع لم تتغير معالمه منذ خمسين عاما في هذا المنجم بشرق اوكرانيا.
لم يتغير شيء في هذه المنطقة سوى انها اصبحت تحت سيطرة الانفصاليين الموالين للروس الذين يخوضون نزاعا مسلحا مع القوات النظامية اسفر عن سقوط اكثر من 4700 قتيل منذ نيسان/ابريل.
&
وقال كاتشيل (32 عاما) "انها اكثر الفترات التي عرفتها تعقيدا" مؤكدا "لكننا نحتاج الى الفحم وبالتالي نواصل العمل".
واصبح منجم كالينيفسكا-سكيدنا التابع لشركة عامة اوكرانية الواقع في ماكيفكا ممزقا بين تعليمات كييف الواقعة على مسافة 700 كلم وتعليمات المتمردين الذين يسيطرون عليه.
&
وقال العامل في المنجم دميتري "اننا احيانا نشعر بالارتياح في قعر المنجم" اكثر من الخارج.
وقبل اندلاع حركة التمرد الموالية للروس كان المنجم يزود بالفحم الكثير من مصانع الفولاذ العامة والخاصة في المنطقة.
&
لكن اليوم اصبح المتمردون يملون اوامرهم ولا يعمل المنجم لصالح كييف بل للجمهورية المعلنة من جانب واحد في دونتسك، اكبر مدن حوض الدونباس الكبير للمناجم.
وقالت فيرا لياتشكنو الناطقة باسم المجموعة التي تستغل المنجم "اصبحنا تحت سيطرة السلطات التي تتولى الحكم حاليا في المكان" مؤكدة "لا سيما منذ حملهم الاسلحة".
&
واضافت ان "عملنا الاساسي لا يتمثل في القتال او التدخل في السياسة بل مواصلة نشاطاتنا للذين يعملون هنا".
غير ان العمال الذين يقضون معظم اوقاتهم في الظلام تحت الارض يعانون كثيرا من النزاع الذي ادى الى انقطاع رواتبهم.
&
وقال عامل المنجم فلادمير غفرلينكو "لم نتلق رواتبنا منذ اشهر".
وحتى عندما استؤنف دفع الرواتب، تعذر على العمال سحب اموالهم اذ ان آخر بنك في هذه المنطقة علق خدماته المالية نهاية تشرين الثاني/يناير في شرق البلاد الذي يسيطر عليه المتمردون بناء على أوامر كييف.
&
وقال غفرلينكو "يقولون اننا تلقينا جزءا من رواتب تشرين الاول/اكتوبر لكنني لم أتمكن بعد من التأكد من ذلك".
ورغم الصعوبات لم يغلق المنجم مع بداية النزاع سوى بعضة ايام عندما اقتربت المعارك منه كثيرا.
&
وافاد سيرغي غريشانوف، احد مسؤولي المنجم، ان حوالى ثلاثين من العمال ال120 العاملين في المنجم انضموا الى صفوف المتمردين لقتال القوات الاوكرانية في حين يواصل الاخرون عملهم.
وقال العامل اليكسي بوبوف "اعتقد انه على كل واحد ان يقوم بما يحسن القيام به".
&
وتساءل "لو ذهبنا للقتال وقلنا +فلنوقف استخراج الفحم+ ماذا سيحصل؟ كيف ستعمل محطات توليد الكهرباء وكيف يتمكن الناس من تدفئة منازلهم؟"
وتظل هناك اسئلة دون اجوبة، فمن الذي يمول نشاطات المنجم اليوم؟ من الذي يستفيد من الفحم المستخرج؟ ولمن يباع؟
&
وافادت بعثة منظمة الامن والتعاون في اوروبا المكلفة المراقبة في شرق اوكرانيا مرارا ان الفحم المنتج في هذه المنطقة يرسل الى روسيا المجاورة.
غير ان العمال الذي ينزلون كل يوم الى قعر المنجم لا يطرحون هذه الاسئلة وينوون مواصلة العمل رغم تعليمات كييف التي امرت الشركات العامة بوقف نشاطاتها في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون.
&
وقال مسؤول الامن في المنجم الكسندر غوروتسوف "تلقينا رسالة تقول انه يجب ان نتوقف على العمل وان ترحل كل الشركات العامة الى المناطق التي تسيطر عليها القوات الاوكرانية".
واضاف "ماذا يجب ان نفعل؟ هل يمكننا ان نحزم المنجم والمعادن لحملها الى الطرف الاخر من البلاد؟".