يقول النائب العراقي المسيحي، يونادم كنا، لـ"إيلاف"، إنّ ما حصل لبعض المكونات العراقية هو بسبب التمييز والتفرقة والاستعلاء القومي والديني والاستئثار بالسلطة. ويؤكد أنه يخشى العقلية "الداعشية" المتفشية في العراق، بأكثر من خشيته من "الدواعش" الأجانب القادمين للقتل والذبح.
عبد الجبار العتابي من بغداد: أكد النائب العراقي المسيحي، يونادم كنا، رئيس كتلة الرافدين في مجلس النواب أن هناك تمييزًا عنصريًا في الدولة العراقية.
وأشار الى أن ما حصل للمكونات هو سبب التمييز والتفرقة والاستعلاء القومي والديني والاستئثار بالسلطة والجشع والطمع من الحكام، ومن ثم الفساد الكبير في البلد.
وطالب المجتمع الدولي بمساعدة المسيحيين من خلال مساندة الحكومة العراقية مشددًا على ضرورة أن يبقى المسيحيون في بلادهم، عاتبًا على الدول التي تحاول تقديم مساعدات الهجرة للمسيحيين حتى وإن كان لظروف انسانية، لان ذلك يعني افراغ البلد من المكونات.
وفي ما يلي نص الحوار كاملا:
أي رسالة يمكن أن يبعثها المسيحيون الى العالم& مع العام الجديد ؟
رسالة المسيحيين الى العالم أن يدعم العراق ليحل السلم الاهلي والامن والاستقرار وليدعم الدولة بحيث يتحقق الاستقرار والازدهار بالفعل.
ما يخصنا نحن كمسيحيين، فنناشد كل المجتمع الدولي أن يساعدونا لنبقى في العراق وليس لإفراغ البلد من هذا المكون الاصيل، واذا ما استمروا بسياسات التهجير والهجرة ودعوة المسيحيين الى الخارج فهذا يعني انهم يخدمون سياسات الدواعش ويخدمون سياسات القضاء على التعدد والتنوع في العراق وهذه جريمة، لذلك نحن نناشد المجتمع الدولي ان يدعم العراق والحكومة العراقية في استيعاب النازحين ومساعدتها في الاسراع بتحرير مدينة الموصل ومحافظة نينوى كلها، كذلك محافظاتي صلاح الدين والانبار، ومن اجل اعادة مليوني نازح الى اماكنهم، ومن ضمنهم المسيحيون الذين منهم نحو 200 الف انسان خارج بيوتهم وعشرات الالاف في اسطنبول وبيروت وعمان يعانون الكثير، لذلك على المجتمع الدولي مساندة العراق، ومن خلال ذلك مساعدة المكون المسيحي.
كيف تنظر الى عام 2015 في ظل المعطيات الدولية ؟
إن شاء الله يكون المجتمع الدولي جاداً وصادقًا في دعمه للدولة العراقية للتخلص من داعش وعقلية داعش مستقبلاً، فداعش ليس الاجنبي الذي جاء الى العراق ليقتل ويخرب ويدمر، بل العقلية الداعشية الموجودة& اصلاً في هذه المناطق، فلنتخلص منها ونقبل التعددية.
عام 2014 كان مؤامرة لتقسيم وتقطيع اوصال العراق، ولكن بالنتيجة فشلوا وسيفشلون إن شاء الله عام 2015.
كيف تنظر الى الواقع المسيحي مع الاحداث الجارية بالارقام ؟
احصاء عام 1987 يقول كنّا مليونين و300 الف انسان، واليوم اشك بوجود 600 الف انسان مسيحي، فلماذا هذا ؟ لأن هناك فعلا تمييزًا عنصرياً في هذا البلد.
ما المطلوب من الدولة ؟
على الحكومة متمثلة بوزارة حقوق الانسان أن تنتبه وتراجع كل البرامج التربوية بحيث نربي فعلا اجيالاً جديدة تؤمن بالتعددية وتحترم الاخر، وعلى الدولة والحكومة أن تراقب الخطابات التي تصدر من هنا وهناك لأن ثقافة الكراهية والعنف يجب أن تجرّم، عندها يمكننا بناء اجيال مستقبلية تؤمن بالاخر ربما بعد عقد أو عقدين من الزمن.
هل هذا يعني أن هناك قصوراً في الدستور ؟
ما حصل للمكونات هو بسبب التمييز والتفرقة والاستعلاء القومي والديني والاستئثار بالسلطة والجشع والطمع من الحكام ومن ثم الفساد الكبير في البلد، وبالتالي هذه فتنة في البلد ولا توجد فرص عمل ولا عيش كريم، وبالتالي استهداف للاخرين فضلاً عن الضغوطات، وهذه كلها تتجمع وتدفع وتكون عوامل طاردة للمكون الضعيف هذا فيما الجهات المهيمنة تبقى متفرجة.
هل يمكن الاشارة الى ما تتحدث عنه ؟
هناك مواد مهمة لم تشرع الى حد الآن في الدستور وهي من اهم المواد، مثل المادة 14:(العراقيون متساوون امام القانون، من دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الاصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي)، تشريع قانون ضد التمييز العنصري في البلد مثلاً، اول خرق لحقوق الانسان كان تعديل قانون مفوضية حقوق الانسان.
البرلمان يمارس عنصرية في جسم مفوضية حقوق الإنسان مثل ذلك (إذا سقط أحد من الطائفة الفلانية يجب أن يحل بديله من اللون الطائفي ذاته) وكأننا في دولة الطوائف والألوان القومية والعنصرية، فالمواد 2 و6 و15 و17 كلها تعنى بالحرية وهي مهمة جدًا، فالانسان عنده حقوق وحرية، ولكن يتم التجاوز عليه اما بالاستعلاء القومي أو الديني أو الاستئثار بالسلطة، كما يجب تطبيق المادة 23: حماية الفرد من الاكراه الفكري والسياسي والديني (لا اكراه في الدين)، ولكن اليوم يمارس على العكس منه، فإن تزوجت ايزيدية مسلماً أو بالعكس فلا بد لها ان تبدل دينها.
ما الذي يحتاجه البلد برأيك؟
نحن بحاجة الى معالجة العقلية الداعشية، كنت في السابق اقول (الفايروس الصدامي)، اما اليوم فنحن علينا العمل لمعالجة العقلية الداعشية، فالداعشي يذبحني بالسكين وهناك من يذبحني بالخيط، وعلى الحكومة أن تنتبه الى هذا الامر وبعكسه فهي مشتركة في هذه الجريمة، اذا سكتت الحكومة على جرائم التطهير العرقي لمكون اصيل يعني انها مقتنعة بهذا الامر.
قبل ايام كانت هنالك خطبة الجمعة في أحد المساجد يقول فيها الخطيب (لا تصافحوا المسيحيين لانهم كفرة) هذا يجب أن يحاكم وأن يعرض على التلفزيونات لكنهم سكتوا عنه، كما حصل قبل عامين عندما خرجوا من الجامع وبدأوا بحرق المحال، هذه عقليات داعشية تعيش بيننا، ويجب ان ننتبه لها، والا فالحاكم متواطؤ مع هذا الداعشي.
من تخشى اكثر؟
انا لا اخشى الدواعش المسلحين الاجانب بل اخشى العقلية الداعشية المعششة في القلوب التي تعيث في الارض فسادًا، فمثلا ذلك الخطيب الذي خطب وقال (لا تصافحوا مسيحيًا)، هذا هو الداعشي الذي يجلس بيننا بل انه اسوأ من داعش لانه يعلم الاطفال العنف والتفرقة.
كيف تنظر الى دعوات بعض الدول لاحتواء المسيحيين العراقيين؟
لربما من العوامل الجاذبة وليس الطاردة، لان الطاردة موجودة لدينا في العراق، فهناك اجندات خارجية تسعى لافراغ هذه المنطقة من التعدد القومي والديني، وهذه كارثة في المستقبل ستؤدي الى استقطابات سنية شيعية والى حروب لن تنتهي.
أنا انتقدت سياسات بعض الدول حتى لو كانت على خلفيات انسانية، قلت إن فرنسا دعمت جمهورية مالي لترسيخ سلطة القانون ودعم الدولة في الامن والاستقرار، وعليها ان تدعمنا ايضا وان يساعدونا لنبقى لا أن نهاجر لأن الهجرة في النتيجة هي خدمة لسياسات داعش في افراغ المنطقة من مكونات اصيلة سواء الكلدواشوريين او السريان او الايزيديين او غيرهم.
كيف تنظر الى ما فعله داعش وما توصيفك له ؟
جرائم داعش فاقت كل جرائم البشرية، واستطيع ان اقول انها تجاوزت جرائم هتلر وصدام حسين بل ان داعش بيضت وجه صدام حسين، فهي اداة ووسيلة بيد اجندات دولية، او بالاحرى، داعش بندقية للايجار ضحكوا على الجهلة واتوا بهم من كل انحاء العالم، نحو 70 جنسية عالمية، بحجة (يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) وهم يذبحون الناس والاسلام منهم براء.
ما فعله داعش ليس خاصاً بالطائفة المسيحية أو الايزيدية فقط بل انظر ما فعلت بعشائر الدليم من البو نمر والجبور وكل من لا يبايعهم، ولكن ما تعرض له المسيحيون كانت الجريمة الاكبر تاريخيًا وعام 2014 كان العام الاسوأ بين الاعوام لقرون، فللمرة الاولى&منذ الفي سنة لم تقرع اجراس الكنائس في الموصل او سهل نينوى وللمرة الاولى&تعقد اعياد الميلاد تحت خيم النازحين وفي العراء.
هل من اهداف وراء صناعة داعش وظهوره الى الوجود ؟
هناك عدة اهداف، فقد تحقق الهدف الاول في خفض سعر برميل النفط لخدمة ترليونات الدولارات لبعض الجهات الدولية الخارجية ودمرت البلد، داعش خفض سعر النفط الى خمسين دولاراً بينما نظام صدام كان سببًا في خفض سعر النفط حينها من 39 الى 9 دولارات فيما داعش انزلته 50 دولاراً وليس 30 في فترة قصيرة جداً، فخدمت الاحتكارات الدولية ودمرت الشركات الصغرى وانتعشت وازدهرت اقتصاديات بعض الشركات.
والهدف الثاني كان زرع الفتنة وتقسيم البلد ولربما بعض الجهات دعمتها، ليست كداعش وانما كجهات اسلامية من مكون ذي لون محدد لتتخلص من بشار الاسد وتقلص النفوذ الايراني في العراق، ولكنها انقلبت على داعش واصبحت خارجة عن سيطرة هذه الجهات الاقليمية والدولية واصبحت اليوم خطراً عليهم ايضاً.
وهناك هدف آخر، فلربما بعض الصراعات الداخلية استخدمت داعش للضغط لتحقيق اهداف سياسية داخل العراق، ولكن اعود واقول لقد انفلتت وانقلب السحر على الساحر، وحتى بعض الدول التي كانت راعية لداعش صارت ضمن التحالف الدولي ضد داعش، لأن ما هو مرسوم لم يكن هكذا.
أية نظرة لديك للمستقبل ؟
أنا كنت متفائلاً دائما وسأبقى متفائلاً ولكن ما شهدناه خلال عام 2014 كان من اسوأ الاعوام التي مرت على المسيحيين منذ قرون، وقد هجر مئات الالاف من البشر، لذلك 2014 مؤلم جدًا ومؤسف جدا، وهذه مخرجات سياسات، وانا اسف ان اقول هذا الكلام، هي مخرجات سياسات حكامنا أو القيادات السياسية في البلد التي تناغمت مع ما وراء الحدود وبالنتيجة هذه الفتنة التي عصفت بالبلد وجاء تنظيم داعش لتدمير العراق كله وليس لتدمير المسيحيين فقط.
هل تتابعون املاك المسيحيين في الموصل وغيرها؟
نعم، قرارهم كان انهم صادروها لكننا اصدرنا قرارًا عراقيًا أن كل هذه البيوعات باطلة ليس للمسيحيين فقط، بل للمسلمين والايزيدية واتباع اهل البيت، فهي بيوعات باطلة وسترجع الى اهلها.
التعليقات