يبدو أن أوروبا مقبلة على عام يطبعه تغييرات سياسية، حيث تشير دراسة أجريت مؤخرًا إلى أنّ صعود الأحزاب الشعبوية يمكن أن يسفر عن فوز بعضها في الانتخابات ويفرض على الأحزاب التقليدية إقامة تحالفات لم يكن يمكن التفكير فيها سابقا.&
إعداد عبد الاله مجيد: تنتظر أوروبا في عام 2015 زلازل سياسية، كما حذرت دراسة جديدة اجرتها وحدة المعلومات في مجلة الايكونومست.&
وقال الباحثون الذين اجروا الدراسة لـ "بي بي سي" إن صعود رصيد الأحزاب الشعبوية يمكن أن يسفر عن فوز بعضها في الانتخابات ويفرض على الأحزاب التقليدية إقامة تحالفات ما كان ليمكن حتى التفكير فيها سابقا.&
أزمة ديمقراطية
وقالت وحدة المعلومات في الايكونومست إن "أزمة الديمقراطية" في أوروبا تتمثل بوجود بون شاسع بين النخب والناخبين وإن هناك "فجوة فاغرة في قلب السياسة الأوروبية حيث ينبغي أن تكون أفكار كبرى". ومن العوامل الرئيسية لهذه الظاهرة ضعف المشاركة في الانتخابات والهبوط الحاد في عضوية الأحزاب التقليدية.&
وقال باحثو وحدة المعلومات في الايكونومست إن بريطانيا التي يتوجه ناخبوها إلى صناديق الاقتراع في آيار (مايو) المقبل "تقف على حافة فترة قد تكون مديدة من انعدام الاستقرار السياسي".&
وأضاف الباحثون إن هناك احتمالا أكبر بكثير من المعتاد ان تتمخض الانتخابات عن حكومة مهزوزة متوقعين ان يسرق حزب الاستقلال البريطاني اليميني المعادي للمهاجرين اصواتا من الحزبين الرئيسيين، المحافظين والعمال.&
اختبار اليونان
ولكن التحدي السياسي الآني واختبار قدرة الأحزاب الشعبوية على ترجمة نجاحها في صناديق الاقتراع هو اليونان حيث ستجري في 25 كانون الثاني (يناير) انتخابات مبكرة بعد فشل البرلمان في الاتفاق على رئيس جديد في كانون الأول (ديسمبر) الماضي.&
وقالت الدراسة إن انتخاب حكومة يقودها حزب سيريزا اليساري الراديكالي من شأنه أن يزعزع استقرار اليونان وأوروبا على السواء "ويكاد ان يكون من المؤكد ان يفجر ازمة في العلاقات بين اليونان ومقرضيها الدوليين، لأن الغاء الديون يشكل أحد البنود الأساسية في برنامجه السياسي".&
وأشارت الدراسة إلى أنّ تداعيات دخول اليونان في فترة طويلة أخرى من الاضطراب يمكن أن تكون كبيرة إزاء تنامي شعبية أحزاب مماثلة معادية للنظام القائم في عدد من البلدان الأخرى.&
ومن الأمثلة الأخرى التي أوردتها دراسة وحدة المعلومات في الايكونومست على انتخابات أوروبية يمكن ان تأتي نتائجها بمفاجآت كبرى انتخابات الدنمارك وفنلندا واسبانيا وفرنسا والسويد والمانيا وايرلندا.& وقالت الدراسة "ان هناك قاسما مشتركا في هذه البلدان هو صعود الأحزاب الشعبوية".&
عداء للنظام
وتابعت الدراسة أن مشاعر العداء للنظام القائم تصاعدت في عموم منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي الأوسع محذرة من "ارتفاع خطر الاضطراب السياسي والأزمات السياسية". وبحسب تحليل الباحثين فان الأحزاب والحركات الشعبوية، اليسارية واليمينية وغير محدَّدة الاتجاه، تملأ المساحة التي نشأت بين الأحزاب القديمة وقواعدها الاجتماعية التقليدية.&
واعتبرت الدراسة ان معارضة السيطرة التي تمارسها المفوضية الأوروبية في بروكسل، والهجرة، والتقشف هي الموضوعات الأساسية والشعارات التعبوية للعديد من هذه الأحزاب. في هذه الأثناء شهدت السنوات الأخيرة هبة من الاحتجاجات الشعبية في مناطق عديدة من العالم إلى جانب صعود الحركات الشعبوية.&
وتقدر الدراسة ظهور حركات احتجاج واسعة في أكثر من 90 بلدا خلال السنوات الخمس الماضية غالبيتها بقيادة شباب متعلمين من الطبقات الوسطى يرفضون زعماءهم السياسيين ويفضلون تويتر وغيره من شبكات التواصل الاجتماعي على الأساليب التقليدية في التنظيم والتحشيد السياسي.&
ولاحظت الدراسة أن الربيع العربي اثمر تغييرًا محدودًا جدًا نحو الديمقراطية وقدرًا كبيرًا من الغليان. وأن الديمقراطية من النمط الغربي في الصين أكبر بلدان العالم سكانا لا تلوح لها أي بوادر في الأفق. واختتمت الدراسة بالإشارة إلى أنّ الحكومات والناشطين على اختلاف اتجاهاتهم السياسية في انحاء العالم سيتابعون عن كثب مصير الديمقراطيات القديمة التي لا يمكن الآن التنبؤ بمآلاتها.
التعليقات