تتخوف بلدان آسيوية مسلمة معتدلة مثل ماليزيا واندونيسيا، من أن يؤدي الدفاع في الدول الغربية عن حق صحيفة شارلي ايبدو بنشر رسوم كاريكاتورية للنبي محمد، الى زيادة خطر التطرف على اراضيها الذي يؤججه حتى الآن تنظيم (داعش).


جاكرتا: قد اثار إقدام اسبوعية شارلي ايبدو الفرنسية الساخرة على نشر رسم كاريكاتوري للنبي محمد، ردود فعل قليلة في هذين البلدين في جنوب شرق آسيا، وسلط الضوء على تبايناتها الثقافية والفلسفية مع عدد من البلدان المسلمة الاخرى، حيث اثارت هذه القضية ردود فعل عنيفة.
&
لكنّ ماليزيين واندونيسيين معتدلين عبّروا عن استيائهم من الرسم الكاريكاتوري الذي نشرته شارلي ايبدو في 14 كانون الثاني/يناير، ومن رد الفعل المتمثل بشعار "انا شارلي"، ودانوا في الوقت نفسه الهجوم الذي ادى الى مقتل عدد من افراد هيئة تحرير الصحيفة في باريس قبل اسبوعين.
&
وقال زمفريس انور، الاستاذ المسلم في مدرسة ابتدائية في كوالالمبور، "لا يمكن لاحد أن يبرر هذه الجرائم، لا يسمح ديننا بذلك".
&
لكنه اضاف ان رد الفعل في الغرب "يحمل (المسلمين) على التساؤل +من هم اصدقاؤنا+؟".
&
وقد اندلعت هذه القضية في لحظة بالغة الحساسية بالنسبة الى ماليزيا واندونيسيا، اكبر بلد مسلم في العالم (حوالى 90% من 250 مليون نسمة). ووضع كلاهما في حالة تأهب لمواجهة نفوذ تنظيم الدولة الاسلامية وقدرته الواضحة على اجتذاب مئات من مواطنيهما الى صفوفه.
&
ويعتقد عدد كبير من المسلمين في جنوب شرق آسيا، على غرار بلدان اخرى، بوجود برنامج في الغرب لمحاربة الاسلام، كما يقول نوري هادي حسن المحاضر في جامعة سونان خليججغا الاندونيسية.
&
واضاف "تعزز حادثة شارلي ايبدو الى حد ما اعتقادهم بوجود نظرية المؤامرة". وقال انه اذا ما ترافقت هذه النظرية مع تدهور الوضع الاقتصادي، فقد يؤدي ذلك الى تنامي التطرف.
&
ويقول خبراء إن ماليزيا واندونيسيا المستقرتين اقتصاديًا، وغالبًا ما يطرحهما الغرب مثالاً للبلدان الاسلامية الاخرى، تعيشان وسط تقاليد اسلام معتدل منذ قرون ومن غير المحتمل أن يتغيّر ذلك.
&
لكن اندونيسيا ما زالت تتذكر الاعتداءات الدامية التي شنها متطرفون اسلاميون، وخصوصًا اعتداءات بالي في 2002 (202 قتيل معظمهم من السياح الاجانب)، فيما تنفذ من وقت الى آخر هجمات على نطاق ضيق.
&
وادت تدابير لمكافحة الارهاب اعتمدت في السنتين الماضيتين، الى اضعاف شبكات الناشطين الاسلاميين المتطرفين كثيرًا، لكن الدولة الاسلامية جندت مئات الماليزيين والاندونيسيين، فأثارت بذلك قلق السلطات التي تتخوف من قيام هؤلاء الناشطين بأعمال عنيفة لدى عودتهم الى البلاد.
&
وباتت سلطنة بروناي الغنية بالنفط، شمال ماليزيا، اول بلد في جنوب شرق آسيا تتبنى العام الماضي الشريعة الاسلامية التي تنص على عقوبة القتل رجمًا ضد مجموعة من الجرائم، ولا سيما منها الزنا والمثلية الجنسية.
&
وقد حملت هذه الخطوة حزبًا اسلاميًا محافظاً على الدعوة الى اقامة نظام مماثل في ولاية يشرف عليها بماليزيا.
&
وقدم مؤيدون لخط متشدد في الدين الاسلامي دعمهم على الارجح للهجوم على شارلي ايبدو في باريس، معتبرين ان الصحيفة بالغت كثيرًا، كما قال جوزف ليو، الخبير في الحركات الناشطة في جنوب شرق آسيا.
&
وقد بدا هذا الوضع بالغ الدقة لمسؤولي البلدين. ودان الرئيس الاندونيسي جوكو ديدودو الملقب جوكوي مجرزة شارلي ايبدو، لكنه اضاف انه يجب الا "يشتم" احد الاديان أو "يسخر منها"، مرددًا بذلك صدى دعوات مماثلة وجهها رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق.
&
اما في ماليزيا المتعددة الاثنيات، وحيث يشكل المسلمون الاكثرية، فتطرق البعض الى المجزرة لتوجيه الانتقادات الى الغرب، على غرار وزير الشباب الصغير السن الذي يتمتع بشعبية خيري جمال الدين. فقد وصف بـ"الكريهة" التظاهرة الكبيرة في باريس التي شارك فيها اكثر من مليون شخص، منهم اربعون رئيس دولة، بعد ايام من الهجوم على شارلي ايبدو.
&
وقال محمد زين العابدين، المفتي السابق لولاية برليس في شمال ماليزيا، إن "المسلمين باتوا لا يتحدثون عن الهجوم، بل عن عداء الغرب مما يمكن ان يزيد الافكار المتطرفة".