يستعد سكان عين العرب السورية الحدودية مع تركيا للعودة الى المدينة المدمرة بعد طرد تنظيم الدولة الاسلامية منها، فيما انتقلت المعركة الى القرى المجاورة التي لا تزال تحت سيطرة المتطرفين.

عين العرب: يرتدي الانتصار الذي احرزه المقاتلون الاكراد امس الاثنين اهمية رمزية نتيجة حجم الاسلحة والمقاتلين، الذي وضعه التنظيم للاستيلاء على كوباني من دون ان ينجح في ذلك، واهمية استراتيجية، اذ انه سيحد على الارجح من طموحات التنظيم التوسعية ورغبته بالسيطرة على شريط حدودي واسع في شمال سوريا.

وعمّت الاحتفالات الليلة الماضية المناطق الكردية في سوريا والعراق، وصولا الى بيروت. ونُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور لحشود كبيرة في مدن سورية عدة، تحتفل، وتغني وترقص، وتشيد بوحدات حماية الشعب، القوة الكردية المسلحة التي دافعت عن المدينة.
&
واعلنت وحدات حماية الشعب في بيان اصدرته ليلاً "تحرير مدينة كوباني بشكل كامل"، معتبرة أن معركة كوباني (الاسم الذي يطلقه الاكراد على مدينة عين العرب) كانت مصيرية لمرتزقة داعش (الدولة الاسلامية)" و"هزيمة داعش" في كوباني "تعني بداية النهاية" بالنسبة له.
&
وذكر البيان أن وحدات حماية الشعب ستواصل "حملة تحرير باقي مناطق مقاطعة كوباني"، مضيفًا "نجدد عهدنا بأن نستكمل حملتنا ونكللها بالانتصارات".
&
وتبلغ مساحة عين العرب حوالى سبعة كيلومترات مربعة. وفي الطريق اليها، احتل تنظيم الدولة الاسلامية منذ 16 ايلول/سبتمبر 356 قرية وبلدة في محيطها بعضها صغير جداً.
&
وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان اليوم عن معارك بين الاكراد والتنظيم الى جنوب شرق وجنوب غرب المدينة.
&
وذكر الصحافي مصطفى عبدي الموجود في منطقة حدودية تركية على مسافة قصيرة من عين العرب والمتابع للملف الكردي، أن التحالف الدولي بقيادة اميركية يواصل تنفيذ غاراته الجوية على مواقع وتجمعات التنظيم، وقد نفذ ثلاث غارات مساء امس في مناطق جنوب وغرب المدينة، وثلاث غارات اخرى صباح الثلاثاء على مناطق غرب المدينة.
&
وفور الاعلان عن "تحرير" كوباني، بدأ سكانها يعدون العدة للعودة.
&
وقال نائب وزير خارجية مقاطعة كوباني (الادارة الذاتية) ادريس نعسان في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس "الناس فرحون جداً. وهم يحتفلون. المعنويات مرتفعة". الا انه اشار الى ان السلطات المحلية تطلب من الناس التريث في العودة الى منازلهم.
&
وقال: "هناك دمار كبير. نصف المدينة على الاقل مدمر"، مضيفًا "نطلب منهم عدم التوجه الى المدينة على الفور بسبب غياب الحاجات الاساسية. لا يوجد طعام ولا ادوية، ولا كهرباء ولا ماء".
&
وتابع "نحتاج الى مساعدة والى خبراء في اعادة الاعمار، كما نحتاج الى اسلحة لمتابعة المعركة"، مشيرًا الى ان الحكومة المحلية قد توجه نداء الى المجتمع الدولي للمساعدة.
&
وقال عبدي من جهته إن "عشرات الاشخاص اجتازوا الحدود، لكن لم يتمكنوا من دخول المدينة بسبب الاجراءات الامنية المشددة".
&
واوضح ان "الوضع في داخل المدينة مأساوي. هناك دمار واسع، هناك جثث قتلى داعش تحت ركام المنازل"، مشيرًا الى ان "بعض الجثث متفسخة ومحترقة... هناك كلاب شاردة، وكل هذا يشكل خطرًا على الصحة".
&
كما اشار الى ان "البنى التحتية مدمرة تمامًا. قد تكون هناك قنابل مزروعة في المنازل، أو قذائف لم تنفجر، وهي تشكل خطرًا على حياة الناس".
&
وكان عدد سكان المدينة وصل قبل المعركة الى اكثر من 150 الفاً مع النازحين الذين كانوا لجأوا اليها هرباً من العنف في مناطق اخرى.
&
واجتاز حوالى مئتي الف نازح الحدود في اتجاه تركيا بعد اندلاع المعارك في عين العرب وجوارها.
&
وذكر عبدي انه تم الاعلان اخيرا عن تشكيل مجموعتين لاعادة الاعمار في كوباني، احداهما تابعة للادارة الذاتية الكردية، والثانية مستقلة.
&
لكنه اعتبر أن "دخول مواد البناء الى المدينة والتمويل وعملية اعادة الاعمار برمتها تحتاج الى وصاية دولية لتتم".
&
في الجانب التركي من الحدود، لم يبدِ المسؤولون الاتراك الذين لديهم تاريخ حافل من المواجهات مع الاقلية الكردية في بلادهم، حماسًا للنجاح الذي حققه اكراد سوريا.
&
وصرح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، بحسب ما نقلت صحف تركية، بالقول "لا نريد تكرارًا للوضع في (...) شمال العراق. لا يمكننا الان ان نقبل نشوء شمال سوريا".
&
واضاف "يجب أن نلتزم بموقفنا حول هذا الموضوع، وإلا فسيكون شمال سوريا مثل شمال العراق. هذا الكيان سيكون مصدر مشاكل كبرى في المستقبل".
&
واتهم المقاتلون الاكراد خلال معركة كوباني تركيا بمساندة الجهاديين. وحصلت ضغوط دولية كبيرة على انقرة حتى سمحت بدخول اسلحة ومقاتلين عرب وبشمركة عراقية عبر حدودها الى اكراد كوباني، ما ساهم في تغيير ميزان القوى على الارض اعتبارًا من النصف الثاني من تشرين الاول/اكتوبر.
&
كما كان للغارات الجوية التي نفذها التحالف الجوي على مواقع تنظيم الدولة الاسلامية الدور الاكبر في دعم المقاتلين الاكراد على الارض.
&
وقتل في معارك كوباني 1737 شخصًا، بينهم 1196 مقاتلاً من تنظيم الدولة الاسلامية.
&
بعد خسارته عين العرب،&ما زال تنظيم الدولة الاسلامية يسيطر على مساحات واسعة من شمال وشرق سوريا.
&
وتنامى نفوذ التنظيمات الجهادية في سوريا خلال السنة الماضية، ما ادى الى تعقيدات اضافية في النزاع السوري الذي بدأ منذ اربع سنوات بين النظام ومعارضيه. وقد تسبب بمقتل اكثر من مئتي الف شخص.