انتقدت بريطانيا مساندة روسيا لنظام الأسد وهو ما زال يواصل الترهيب ضد شعبه، وقالت إن الأسد كان وما زال، أحد أكبر عوامل تجنيد (داعش) وإن من حق الشعب السوري علينا أن نؤمِّن لهم مستقبلا يخلو من كل من&إرهاب داعش وطغيان الأسد.

نصر المجالي: ركز وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في الجلسة المفتوحة في مجلس الأمن حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يوم الأربعاء، على الوضع في سورية و(داعش) والتطرف العنيف والتدخل الروسي في سوريا.

وقال ليس لدى أحد منا أدنى شك بأن أيديولوجيات التطرف العنيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشكل تهديدا خطيرا للسلام والأمن الدوليين، ولاستقرار المنطقة، وللحياة المدنية في أنحاء العالم.

صوت عال

وأضاف وزير الخارجية البريطاني في مداخلته: وبمواجهة هذه الأيديولوجيات نشن صراع جيل لن ننتصر فيه إلا في حال تحدثنا بصوت واحد وتصرفنا مدفوعين بإرادة واحدة.

وتابع: وفي الوقت نفسه، علينا منح الأمل لمن باتوا يائسين من فرصة أن يكون لهم مستقبل أفضل، وقد يميلون للانضمام للمتطرفين العنيفين. سواء كانوا فلسطينيين يشعرون بالإحباط ولا يرون أملا باستئناف عملية السلام في الشرق الأوسط، أو عراقيين من السنة الذين ينتظرون تحقق الشمولية التي وعدهم بها رئيس الوزراء العبادي، أو معارضين معتدلين من سورية لا يجدون طريقا آخر لمحاربة الأسد.

وأشار هاموند إلى أن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة للتصدي لداعش جمع ما يفوق 60 دولة من المنطقة وخارجها لمقاتلة داعش، وقال إن المملكة المتحدة لعبت دورا كبيرا في تنفيذ ضربات جوية في العراق، وتظل ملتزمة بجهود التحالف باعتبارها أفضل آلية لشن رد موحد وشامل ضد داعش.

تحقيق نجاح ملموس

وقال وزير الخارجية البريطاني: وقد حققنا بالفعل نجاحا ملموسا، حيث ساعدنا في وقف التقدم المفاجئ لداعش في أنحاء العراق السنة الماضية، ومع مرور الوقت أوقفنا حرية نشاطهم في أكثر من 30% من الأراضي العراقية التي كانت يوما تحت سيطرتهم. هذا إلى جانب قطع موارد تمويلهم ومواجهة حملاتهم الدعائية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وأكد: لكن ما زال هناك الكثير مما يجب عمله، ولا نخفي واقع أن هذه الجهود سوف تستمر على المدى الطويل. كما أننا نتفق جميعا بأن السوريين قد عانوا أكثر مما يُحتمل ولفترة طالت أكثر مما يُحتمل.

ودعا الجميع لمساعدة اللاجئين السوريين، وقال: وأود أن أنتهز الفرصة للإشادة بسخاء تركيا والأردن ولبنان، بشكل خاص، لاستضافة ملايين اللاجئين الذين فروا من عنف الحرب الأهلية السورية طول السنوات الماضية.

وأشار إلى أن المملكة المتحدة قدمت 1.1 مليار جنيه استرليني من المساعدات الإنسانية استجابة للأزمة السورية ولمساعدة الدول المجاورة التي تستضيف اللاجئين.

وليست هناك حلول دائمة لهذه التحديات دون تحقيق السلام الدائم والاستقرار في سورية. ولتحقيق ذلك الاستقرار علينا بذل أكثر من مجرد الاستجابة للعواقب الإنسانية للصراع. "لكن لمساعدة سورية في الخروج من هذه الأزمة، يجب أن نكون واضحين بشأن سبب نشوء الأزمة أصلا".

مسؤولية نظام الأسد

وشدد هاموند على القول: إن نظام الأسد هو من أوصل سورية إلى هذه الأزمة. حيث إن قمعه الوحشي لتظاهرات سلمية، وما أعقبها من سنوات من الاعتداءات العشوائية على المدنيين، خصوصا بالاستخدام العشوائي للبراميل المتفجرة، كان هو السبب الأساسي. لقد هيأ نظام الأسد البيئة لنمو التطرف، ونمو داعش على وجه الخصوص.

وبالتالي نرفض مشورة من يقولون إن سم الأسد هو العلاج لسرطان داعش. حيث&إن الأسد هو من أفرج عن الجهاديين في المراحل الأولى من هذا الصراع.

ونوه الوزير البريطاني بأن الأسد هو من يواصل المتاجرة معهم حتى الآن. كما أن عدد المدنيين الذين تقتلهم قوات الأسد في سورية كل شهر أكبر من المدنيين الذين تقتلهم أي جماعة أخرى.

وقال: إن الأسد كان، ومازال، أحد أكبر عوامل تجنيد داعش، وتظل قواته عازمة على تدمير المعارضة المعتدلة والمناطق المأهولة بالمدنيين.

وأكد هاموند أن كل محاولة للتحالف مع الأسد ضد داعش لن تؤدي سوى لتقوية شوكة إرهابيي داعش، ما يجعلهم بمثابة قادة بحكم الواقع للمقاومة السنية لنظام الأسد.

وقال إن من حق الشعب السوري علينا أن نؤمِّن لهم مستقبلا يخلو من كل من إرهاب داعش وطغيان الأسد. ذلك لأن سورية يمكن أن تكون شريكا فعالا في التغلب على التطرف العنيف إن كان لديها حكومة ممثلة للجميع: حكومة قادرة على العمل مع المجتمع الدولي لمواجهة داعش عسكريا والتصدي لدعايته الملتوية.

التنحي

وتابع الوزير البريطاني في مداخلته: وبالتالي فإن أفضل مساهمة يمكن أن يقدمها الأسد ومن حوله الآن هي وضع مصالح بلادهم قبل مصالحهم الشخصية، والتنحي الآن لإتاحة انطلاق عملية انتقال سياسية تؤدي لإنهاء الحرب الأهلية وتتيح للسوريين الاتحاد في كفاحهم ضد التطرف الإسلامي.

وأشار إلى أن عملية الانتقال يجب أن تتيح تشكيل حكومة جامعة وممثلة لمختلف السوريين، وتتيح للشعب السوري بدء مهمة إعادة بناء بلدهم.

وقال وأفضل مساهمة يمكن أن نقدمها نحن هي مساندة جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، في التفاوض بشأن عملية الانتقال هذه، والوقوف مستعدين للعمل مع كافة الشركاء لتحقيق ذلك.

التدخل الروسي

وأضاف هاموند: في الأسابيع القليلة الماضية تغيرت الوقائع على الأرض في سورية. حيث إن التدخل الروسي قد رفع الروح المعنوية للنظام وعزز قدراته.

ونبه إلى أن روسيا اتخذت قرارا كبيرا واضطلعت بمسؤولية ثقيلة بمساندتها علنا للأسد، بينما يواصل هو ترهيب شعبه. "ويتوقع المجتمع الدولي من روسيا استخدام نفوذها المتنامي لمنع النظام من استخدام أسلحة كالبراميل المتفجرة التي تستهدف وتقتل آلاف المدنيين الأبرياء، واستخدام أي مواد كيميائية كأسلحة".

وقد سمعنا في الأيام القليلة الماضية عزم روسيا على استخدام القوة ضد داعش، ونحن نرحب بتركيزها هذا. لكن، وللأسباب التي أشرت إليها من قبل، ليس بالإمكان أن تكون طرفا فعالا في التصدي لداعش وأن تستخدم القوة نفسها في الوقت نفسه للاعتداء على المعارضة المعتدلة التي تقاوم قمع نظام الأسد.

مساندة النظام

وأقول هنا بوضوح إن الإجراءات المتخذة مساندة للنظام لا تتوافق مع مواصلة الحرب الفعالة ضد داعش في سورية "هذا ليس حكما أخلاقيا، بل هو حكم براغماتي. وقد سمعنا صباح اليوم نبأ شن أول ضربات جوية روسية في سورية. وروسيا مدركة تماما للرسالة التي توصلها تلك الضربات الجوية".

وأشار وزير الخارجية البريطاني إلى أن أهداف تلك الضربات الجوية قد لا تكون قد اختيرت اعتباطا أو عشوائيا؛ ومن الضروري أن تتمكن روسيا من أن تؤكد للمجتمع الدولي أن إجراءها العسكري الذي اتخذته في سورية صباح اليوم موجه ضد أهداف من داعش وجماعات موالية للقاعدة فقط وليس ضد المعارضة السورية المعتدلة لنظام الأسد.

وهم الانتخابات

وقال هاموند: لقد استمعت أيضا لمن قالوا إن على الشعب السوري أن يقرر من خلال الانتخابات ما إذا كان على الأسد البقاء أم الرحيل. إنني أرى ذلك وهما لا أكثر. وهو يخالف الواقع على الأرض. فكيف يمكن إجراء انتخابات نزيهة في بلد فقد ربع مليون قتيل بينما 12 مليونا من مواطنيه باتوا نازحين، والكثير منهم خارج الحدود؟

وأكد وزير الخارجية البريطاني أن إبراء هذه الجروح يبدأ فقط بعد رحيل الأسد، سواء كان ذلك في بداية عملية انتقالية أو في وقت لاحق خلالها.

وأشار إلى أن هناك بالطبع سبيلا للمستقبل في حال شهدنا نهاية لإسقاط البراميل المتفجرة والاعتداءات العشوائية ضد المدنيين… وفي حال الشروع في الوقت نفسه بعملية سياسية تؤدي إلى سورية جديدة لديها حكومة جديدة بدون الأسد، وحينها يمكننا تركيز جهود المعارضة على مكافحة داعش.

وختم هاموند قائلاً: والسؤال المطروح على المجلس هو ما إذا كان من لديهم النفوذ لتحقيق هذه النتيجة لديهم الرغبة باستغلال نفوذهم لتحقيقها. "أدعو أعضاء مجلس الأمن للاتحاد لتحقيق مستقبل لأجل سورية".