تصعد موسكو حملتها الاعلامية لاقناع الروس القلقين بضرورة التدخل العسكري الروسي في الحرب السورية رغم الذكريات المؤلمة التي لا تزال في اذهانهم عن المغامرة الكارثية السوفياتية في افغانستان.


موسكو: دخلت روسيا الاربعاء النزاع المتعدد الاطراف في الشرق الاوسط بشنها اولى غاراتها على أهداف قالت موسكو انها تابعة لمسلحي تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) في حليفتها سوريا.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان موسكو تسعى الى القضاء على الارهابيين قبل ان يصلوا الى روسيا، الا انها تستبعد نشر قوات برية في سوريا.

وعلى شاشات التلفزيون الروسية، لم يعد الحديث عن الازمة الاوكرانية او الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها روسيا يحظى بالاهتمام، وتحول التركيز الى الحشد العسكري الروسي في سوريا.

وبدأ التلفزيون الوطني بعرض صور للمقاتلات الروسية وهي تنطلق في سماء سوريا ليلا، بينما نشرت الصحف على صفحاتها الاولى صورا للمقاتلات.

وعنونت صحيفة كومسومولسكايا برافدا الواسعة الانتشار "السوريون يتطلعون الى السماء بأمل".

وتعتبر الضربات الجوية الروسية في سوريا اول تدخل عسكري كبير لموسكو خارج دول الاتحاد السوفياتي السابقة منذ احتلال افغانستان في 1979.

وأصبح النزاع الذي استمر عشر سنوات وادى الى مقتل اكثر من 14 الف جندي سوفياتي، يعتبر في روسيا خطأ كبير في السياسة الخارجية.

واصبح الاستياء الشعبي من اي تدخل عسكري روسي خارجي يوصف بانه "ظاهرة افغانستان".

ويخشى العديد من الروس ان يعيد التاريخ نفسه مع اندفاع الكرملين الى مسرح حرب خارجية وسط المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها بسبب العقوبات التي يفرضها عليها الغرب بسبب الازمة في اوكرانيا.

وصرحت ماريا بونينا (62 عاما) من موسكو لوكالة فرانس برس "طبعا انا خائفة من ان نكرر افغانستان. كل شيء يعيد نفسه، الفرق هو ان الامور يمكن ان تكون اسوأ في سويا".

واضافت "من الصعب ان نفهم ما يحدث هناك، الحرب في كل مكان والجميع يقاتل الجميع".

اما يلينا كوستيوشينكو مراسلة صحيفة نوفايا غازيتا المعارضة، فقالت على حسابها على فيسبوك "امي اتصلت بي باكية تقول +لماذا ندخل حربا اخرى؟+".

ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي ارسلت موسكو قواتها الى العديد من الدول المجاورة التي تعتبر في نطاق نفوذها، وخاضت حربا قصيرة مع جورجيا في 2008.

ورغم ان معظم الروس رحبوا بالاستيلاء على شبه جزيرة القرم التي كانت جزءا من روسيا حتى عام 1954، وبدعم موسكو للمتمردين الناطقين بالروسية في شرق اوكرانيا، ولكن ربما يكون اقناعهم بالتدخل في سوريا امرا صعبا.

يقدر ليف غودكوف مدير مركز ليفادا للاستطلاع ان واحدا فقط من بين كل ثمانية روس يؤيدون التدخل العسكري في سوريا.

وصرح لوكالة فرانس برس "بالطبع هذه هي +ظاهرة افغانستان+".

واضاف "رغم ان قلة من الروس يفهمون تماما تعقيدات النزاع السوري، فان معدلات التاييد لبوتين لن تتاثر" على الارجح اقله على المدى القصير.

وقد دفع تدخل روسيا في سوريا ببوتين الى مركز الاهتمام العالمي بعد اشهر من عزلته بسبب اوكرانيا، ما ادى الى اتهام العديدين له بانه يتصرف بدافع من المصلحة الشخصية وليس مصلحة البلاد.

وبعد اقل من عام على الاستقبال الفاتر الذي لقيه بوتين في قمة مجموعة العشرين في استراليا، سرق الاضواء في جلسة الجمعية العامة للامم المتحدة عندما دعا الى تحالف واسع لقتال تنظيم الدولة الاسلامية.

وصرح كونستانتين كلاشيف رئيس مؤسسة مجموعة الخبراء السياسيين، لوكالة فرانس برس "لاول مرة تتعارض خطط بوتين مع الراي العام (..) فهذه اول مرة تختلف فيها اراء الروس العاديين عن اراء النخبة الحاكمة".

واضاف ان والده، الذي كان محاربا سابقا في افغانستان، لا يؤيد تدخلا اكبر في سوريا.

ورغم ان السلطات قالت ان تدخل روسيا سيقتصر على ضربات جوية دقيقة ضد مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية، لم يستبعد بعض المسؤولين توسيع العمليات الى ما وراء الحدود السورية.

وصرح كوستانتين كوساشيف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان للتلفزيون "اعتذر عن المقارنة غير المناسبة، لكن اذا اردت القضاء على الحشرات، لا يكفي ان ترسلها الى مطبخ جيرانك".

واتهمت واشنطن روسيا بقصف المسلحين "المعتدلين" الذين يقاتلون ضد الرئيس السوري بشار الاسد تحت غطاء ضرب مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية.

وضجت شبكات التواصل الاجتماع الروسية، التي غالبا ما تعتبر الحصن الاخير لحرية التعبير في البلاد، بالسخرية من خطة الكرملين.

ووصفها احد المغردين على تويتر بانها عملية "انقاذ الجندي الاسد"، على غرار الفيلم الاميركي "انقاذ الجندي رايان".

بينما رحب العديد بتحرك بوتين.

وقال الكوافير ميخائيل كوسيريف (28 عاما) ان "تنظيم الدولة الاسلامية كارثة. وقد خلقت الولايات المتحدة وحشا خرج عن السيطرة".

واضاف "اوافق على بدء الضربات. لماذا ننتظرهم ان يأتوا الينا"، مشيدا بتصريحات بوتين.