لن يمر التدخل العسكري الروسي في سوريا من دون أن يترك أي تأثيرات سياسيّة للموضوع على لبنان وملفاته الداخليّة، رغم الحديث عن أن لبنان ليس اليوم أولويّة بالنسبة إلى الأجندة الإقليميّة والدوليّة.


ريما زهار من بيروت: يعتبر الكاتب والمحلل السياسي عادل مالك في حديثه لـ"إيلاف" أن الخطوة الروسية في سوريا كانت مفاجئة وفي توقيت بالغ الأهمية على جبهات عدة، ففي الدرجة الأولى، مبرر روسيا في التدخل في سوريا استند إلى إعلان موسكو أن قوات التحالف الدولي، وبعد مرور عام من القصف ضد داعش، لم تقض على التطرف، إذ& لا يزال هناك أثر مباشر أو جدي على "الإرهاب التكفيري" في سوريا، والمتمثل في تنظيم داعش.

حرب استباقية
أما ثانيًا فروسيا تطرح نفسها شريكًا فاعلًا في الشرق الأوسط على قدر المساواة مع النفوذ الأميركي، خصوصًا خلال السنوات الـ5 الأخيرة، مع وجود أكثر من ترجمة للتدخل الجوي الروسي في سوريا، فالتدخل الجوي يجنّب روسيا أي خسائر مباشرة، طالما أن الحرب البرية وعلى الأرض غير موجودة، وكذلك تستفيد روسيا من هذا التدخل، للقول إنها حرب استباقية، وإنه كما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: :علينا أن نقاتل داعش قبل أن يفاجئنا هذا التنظيم بالمجيء إلى روسيا".

ويلفت مالك إلى أن لبنان يتأثر بالتدخل الروسي العسكري في سوريا، من وحي تأثر لبنان بكل مراحل الأزمة السورية، وأي تدخل يتطور في الوضع في سوريا قد ينعكس، إما إيجابًا أو سلبًا على لبنان، بحيث إنه يقال من ضمن خطوات بوتين، إن هذا التدخل، إذا كان ضد داعش، فهو عمليًا يشكل حماية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وهذا القول فيه الكثير من الدقة والصحة، باعتبار أن النظام السوري هو الذي قدم هذا العرض إلى سوريا.

العلاقات الدوليّة
أما على صعيد العلاقات الدولية بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية، بعد التدخل الروسي العسكري في سوريا، فيعتبر مالك أنه لوحظ في البداية رد فعل أميركيا متحفظا أو معارضا على هذا التدخل، لكن في واقع الأمر ليس هنالك تضارب مع المصالح في الشرق الأوسط بين العملاقين الروسي والأميركي، وهنا يعترف بوتين بأنه صاحب حق في اتخاذ هذه الخطوة في التدخل السوري كحرب استباقية، ولحفظ الأمن القومي، على حد تعبير بوتين.

في المقابل، يدفع الأميركيون الآن ثمن سياسة الإرباك، التي وقع فيها الرئيس الأميركي باراك أوباما، وهذا يشمل النقاط المتعلقة بالتدخل الروسي في سوريا، الذي قد يستغرق من 4 إلى 6 أشهر.

حل أم تعقيد؟
هل التدخل الروسي في سوريا هو بداية لحل الملفات الداخلية في لبنان أو لتعقيدها؟. يؤكد مالك أن لبنان على تماس مباشر بكل ما يجري في سوريا، إذا كانت هذه الخطوة ستقوم بحماية لنظام الأسد، فعلى لبنان الرسمي أن يتخذ قرارًا غير النأي بالنفس.

ماذا عن ملف الرئاسة اللبنانيّة، هل يمكن أن يحل نتيجة للتدخل الروسي في سوريا؟، يرى مالك أن هذا الأمر لا علاقة مباشرة له في الشغور الرئاسي للبنان، ورئيس الحكومة اللبناني تمام سلام عاد من نيويورك حديثًا، وهو مصاب بخيبة أمل كبيرة من الوعود التي سمعها من مختلف دول العالم، ولكن يقول سلام إن كل هذه الوعود تبقى معنوية لا يمكن أن تُصرف في أي مكان ولا في أي زمان.

يضيف&أن موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية ليس مرتبطًا بهذا القدر من الطموح الدولي، أكثر مما هو متعلق بالحراك الإقليمي، فموضوع رئاسة الجمهورية في لبنان لا يمكن لأي دولة خارجية أن تتدخل فيه من دون أي حساب معيّن، لذلك حتى الآن لبنان ليس أولوية بالنسبة إلى الأجندة الإقليمية أو الدولية. ويؤكد مالك أن ما قبل التدخل الروسي في سوريا لن يكون كما بعده، والتدخل الروسي أحدث منذ اللحظات الأولى نوعًا من إعادة خلط أوراق جذرية في المنطقة.


&