للمرة الثانية خلال شهر أيلول (سبتمبر) تحركت روسيا بهدف توسيع نفوذها السياسي والعسكري في سوريا، وتركت الولايات المتحدة تتخبط وراءها بعد التوصل إلى تفاهم مع العراق والنظام السوري وايران، لتبادل المعلومات الإستخباراتية عن تنظيم داعش. &

لندن: على غرار خطوة روسيا السابقة لدعم نظام بشار الأسد، بارسال طائرات حربية ودبابات للتمركز في قاعدة قرب اللاذقية، فإن روسيا توصلت إلى الإتفاق على التعاون الإستخباراتي مع الأطراف الثلاثة الأخرى، دون علم الولايات المتحدة. وكان المسؤولون الأميركيون يعرفون بوجود فريق من الضباط الروس في بغداد، ولكنهم فوجئوا عندما أعلنت قيادة العمليات المشتركة للجيش العراقي، عن الإتفاق على التعاون الإستخباراتي مع روسيا يوم الأحد الماضي.&
&
سياسة بوتين مختلفة
وكان ذلك مؤشرًا آخر إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتمد منهجًا يختلف اختلافًا كبيرًا عن سياسة ادارة اوباما، في مواجهة داعش، بتشكيل ائتلاف منافس للتحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة يضم ايران والنظام السوري.
وتطرح التحركات الروسية أسئلة صعبة على ادارة اوباما التي تدور فيها صراعات عميقة، بشأن الدور العسكري الأميركي في النزاع السوري. والتأكد من عدم تعارض العمل العسكري الروسي، مع الضربات الجوية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش، وتفادي التصادم بين أحدهما الآخر، ليس إلا جزءًا من المشكلة المتمثلة بأن إدارة اوباما والكرملين، لا يتفقان حتى على المسؤول الرئيسي عما آلت اليه الأوضاع في سوريا.
&
من المسؤول؟
فالمسؤولون الاميركيون الذين يقولون ان الأسد هو المصدر الرئيسي لانهيار الاستقرار في سوريا، يؤكدون ان حملته القمعية الوحشية ضد شعبه مهدت الطريق لصعود الجماعات الجهادية، وأن لا حل للأزمة إلا بالتفاوض على انتقال سياسي يتضمن رحيله. لكنّ المسؤولين الروس، ينظرون إلى النظام السوري على انه سد يقف بوجه جماعات مثل داعش وجبهة النصرة، التي تنتمي إلى تنظيم القاعدة، ويشيرون احيانا إلى أن هزيمة داعش يجب ان تتحقق قبل التفاوض بشأن حل للنزاع السوري.&
&
استدراج روسيا
ورغم رهان الولايات المتحدة على اعتماد استراتيجية دبلوماسية تحاول استدراج روسيا إلى التعاون بشأن الأزمة السورية، فان الكرملين، استمر في ادارة ظهره للبيت الأبيض بتحركاته العسكرية والسياسية الاحادية. وفي هذا الإطار، يأتي تصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري، يوم الأحد بأن "هذه هي بداية مجهود لايجاد طريق إلى الأمام سيكون فاعلاً في الحفاظ على سوريا علمانية موحدة، يمكن أن يعود اليها السلام والاستقرار دون وجود قوات اجنبية، وهذا هو أملنا". &
وأشار السفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد، إلى ان المسؤولين الروس يقولون منذ زمن طويل، أنهم لا يصرون على بقاء الأسد، ولكنهم يؤكدون أن حكومته حكومة شرعية، ورفضوا المحاولات الرامية إلى فرض بديل عنه.&

&مخاوف اميركية
ومما يزيد مخاوف الولايات المتحدة أن طائرات الاستطلاع الروسية بدون طيار، نفذت نحو 12 مهمة استطلاعية من قاعدة قرب اللاذقية. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول أميركي رفيع، طلب عدم كشف إسمه أن الطائرات حلقت فوق اللاذقية وغرب ادلب وغرب حماة. وان الأجهزة الاستخباراتية الأميركية لم ترصد أي مقاتلين من داعش في هذه المناطق. ويثير هذا احتمال أن تغتنم روسيا الفرصة لاستهداف مقاتلي المعارضة السورية، الذين يحاربون قوات النظام بدعم من الولايات المتحدة رغم تركيز موسكو المعلن على مقاتلة داعش.
وكان الرئيس بوتين استهان ببرنامج البنتاغون لتدريب وتسليح فصائل المعارضة المعتدلة، الذي أسفر عن إعداد حفنة فقط من المقاتلين. وفي المقابل تُرفد صفوف داعش بدفعات جديدة من المتطوعين، تزيد أعدادهم على من تفقدهم الجماعة في ساحات القتال.&
&
توسيع الضربات
في هذه الأثناء، ركزت الولايات المتحدة وبعض حلفائها على توسيع الضربات الجوية ضد داعش في سوريا والعراق، ولكن التحركات الروسية الأخيرة في سوريا اثارت تساؤلات مهمة عن علاقة الولايات المتحدة بحليف آخر ضد داعش، هو العراق، حيث صور رئيس الوزراء حيدر العبادي نفسه عضوًا لا غنى عنه في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش، منوهًا بوجود نحو 3500 مستشار وخبير عسكري اميركي في بلده.
ولكن حكومة العبادي التي تسيطر عليها أحزاب شيعية تخشى أن يؤدي سقوط الأسد إلى تقوية داعش، عملت بهدوء على تيسير بناء الوجود العسكري الروسي في سوريا. &ففي حين أن بلغاريا اغلقت مجالها الجوي بوجه طائرات النقل الروسية إلى سوريا بطلب من الولايات المتحدة، سمحت الحكومة العراقية بمرور الطائرات الروسية عبر الأجواء العراقية. وحين سُئل وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري في مجلس العلاقات الخارجية عن التحليقات الروسية في اجواء بلده، قال إن حكومته "لم تخرق أي التزام من التزاماتها تجاه المجتمع الدولي".
&وقالت قيادة العمليات المشتركة للجيش العراقي إن روسيا وإيران وسوريا والعراق، ستتعاون في جمع المعلومات عن "ارهاب داعش" مؤكدا اهمية الاتفاق، لأن آلاف المتطوعين الذين انضموا إلى داعش جاؤوا من روسيا. &
وحاول المسؤولون الاميركيون أن يقللوا من أهمية الاتفاق، رغم انهم اعترضوا على مشاركة النظام السوري في تبادل المعلومات الاستخباراتية معه. ولكن خبراء قالوا ان تجاوب الحكومة العراقية مع التحركات الروسية، يعكس الانقسام الذي تعاني منه عملية صنع القرار في بغداد، ومحاولتها ارضاء الولايات المتحدة وايران في آن واحد فضلاً عن رؤيتها التي تختلف عن رؤية واشنطن بشأن التعامل مع الملف السوري.&
&
حياد بغداد
وقال رمزي مارديني الباحث في المجلس الأطلنطي إن هناك مراكز قوة وسلطة متعددة في العراق، وإن لاعبين مختلفين يمارسون السلطة احاديًا الآن بشأن استخدام القوة. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مارديني "ان حياد بغداد هو افضل ما يمكن ان تراهن عليه واشنطن لأن العراق ما زال دولة هشة، قادتها محكومون باعتبارات سياسية. وفي الخطاب السياسي العراقي، سيكون اجبار الحيدري على الوقوف مع الولايات المتحدة ضد الأسد، بمثابة إعادة اصطفافه للوقوف مع المحور السني ضد المحور الشيعي". &&
&