ينشر تشارلز مور جزءًا ثانيًا من سيرة مارغريت ثاتشر الحديدية، راسمًا صورة وافية للمرأة التي حكمت بريطانيا.

سارة الشمالي: يصدر قريبًا الجزء الثاني من كتاب سيرة حياة مارغريت تاتشر، لرئيس التحرير السابق لصحيفة تليغراف والكاتب المقرب من حزب المحافظين تشارلز مور، مستمرًا في كشف جوانب حميمة للمرأة الحديدية التي حكمت بريطانيا ردحًا من الزمان، واضعًا في الكتاب ذكريات 18 عامًا صرفها الكاتب مع رئيس الوزراء، التي سمحت له، بحسب ما قال، بالاتصال بمقربين منها ليطلعوه على خفايا حياتها، كما وضعت في متناوله مراسلات خاصة ووثائق حكومية، مشترطةً ان يصدر الكتاب بعد وفاتها. وهذا الكتاب سيكون الأساس لمسلسل تلفزيوني شيق، يفصح الكثير عن حياة المرأة الحديدية.

جزء أول

في الجزء الاول، وحمل العنوان "نوت فور رانينغ"، وهي عبارة شهيرة لتاشتر تلخص رفضها التراجع في السياسة، يغطي الكتاب سنوات شباب مارغريت تاتشر ووصولها الى الحكم، وينتهي في العام 1982 بعد حرب المالوين. أما الجزء الثاني فبعنوان "هيرسيلف ألون".

وقال مور لتليغراف إنه تمكن من الاطلاع على نحو 150 رسالة وجهتها تاتشر إلى شقيقتها مورييل في اربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، تتطرق فيها الى علاقة ربطتها بتلميذ ضابط يدعى توني براي، التقته في اكسفورد، واخرى بوليام كولين المزارع من اصل اسكتلندي الذي التقته عام 1949 عندما كانت مرشحة حزب المحافظين في دائرة دارتفورد، ثم حثته على اقامة علاقة مع شقيقتها. وكتبت إلى مورييل تقول: "عرضت عليه صورة تجمعنا وقال انه بالكاد يمكنه التمييز بيننا، لذا اظن انه يمكنك ان تحلي مكاني بسهولة". وفي نيسان (ابريل) 1949، عرفت مارغريت، وليام على شقيقتها فتزوجا بعد سنة.

وفي رسالة أخرى، أسرت لشقيقتها عن رجل اعمال ستتزوجه في 1951: "لا يحظى بشعبية في صفوف العاملين لديه، فهو يعتمد المواجهة في علاقاته معهم وهم لا يحبون ذلك".

جزء ثان

بعيدا عما اعتقده الناس سيكون كتابًا وصفيًا تقريريًا يتناول حياة مارغريت ثاتشر، يأتي الجزء الثالث من كتاب سيرة المرأة الحديدية بقلم توماس مور، يميل إلى الدرامية، يمسرح الخطب التي وضعت تاتشر تحت أمر الملكة.

يقع الجزء الثاني في 821 صفحة، عامرة بالمعلومات عن حياة رئيس الوزراء الحديدية، ضمنه معاناته معها حين كانت تتكلم في العام بينما كان يطلب منها تفاصيل معينة بشأن مسائل محددة. قال لصحيفة تليغراف: "استمرت في الفوز بالانتخابات، فكان العالم أجمع يحتشد أمام بابها، وكانت تعرف كيف تتلاعب بالجميع، من رونالد ريغان إلى ميخائيل غورباتشيوف، بأسلوب مضحك للغاية، كما كانت تعرف كيف تتلاعب بالرجال كلهم، من خلال تفعيل أنوثته في السياسة العامة كما في العلاقات الخاصة بقادة الدول وزعمائه.

يغطي هذا الجزء في أغلبه الحقبة بين نصر بريطانيا على الأرجنتين في حرب الفولكلاند عام 1982، وبين عام 1987 حين كانت ثاتشر في قمة عطائها السياسي والحكومي، مقدمًا نظرة متبحرة في السياسة البريطانية آنذاك، مستندًا على مقابلات أجراها مع 286 شخصًا، وعلى وثائق تحتوي على أكثر من مليون كلمة.

شعور بالذنب

من المقاطع المشوقة في الكتاب تلك المتصلة بعلاقتها بالرجال، وعشقها بحسن معاملة النساء، فهي من وصف الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران بأنه يعرف كيف يعامل المرأة، وحماستها لوجود نساء في الحكومة. يقول مور في كتابه: "حين غزا صديقها ريغان جزيرة غرانادا، وهي مستعمرة بريطانية سابقة، من دون أن يخبرها، شعرت بأنه خانها كما يخون الرجل عشيقته".

ويعتقد مور أن تاتشر كانت تشعر دائمًا بالذنب، طول حياتها تقريبًا، لأنها لم توفر لعائلتها الاهتمام الكافي وتحديدًا لتوائميها مارك وكارول. لم تكن تعتقد بأنها سيئة حقًا، لكن كان هناك دائمًا شعور سيء بشأن هذا الموضوع في ذهنها. وكانت أساسًا زوجة ناجحة وأمًا ناجحة، وقالت إنها تحب أولادها.

على الرغم من أنها أدانت حياتها السياسية، بحسب مور، فهو يرى أنها كانت ماكرة جدًا، وكان سلوكها مستحيلًا على المستوى الشخصي.

قال: "من الواضح أنني معجب بشجاعتها وبغرابة شخصيتها، إلا أن الحصول على كل ذلك في نفسك ليس أمرًا سهلًا".

القصر ينفي

بعد تسريب مقاطع من الجزء الجديد، أصدر قصر باكنغهام بيانًا قال فيه: "كما هو حال جميع رؤساء الوزراء السابقين، كانت الملكة تتمتع بعلاقة سرية جيدة مع السيدة تاتشر، وأي تقارير تدعي خلاف ذلك، وتشي بخلافات في الرأي بين الملكة ورئيسة وزرائه في شأن السياسات الحكومية لا أساس لها من الصحة".

لم يأت صوغ البيان الملكي لينفي تمامًا ما أنبأ به مور في كتابه عن توتر في العلاقة دام طويلًا بين الملكة والمرأة الحديدية، على الرغم من أنها تهدف إلى إعطاء الانطباع بأن التوتر كان موجودًا. كان ميكل شيا، الناطق بلسان الملكة، هو من أبلغ صحيفة صنداي تايمز بذلك، حتى أنه زود الصحيفة بالكثير من التفاصيل الاضافية على ما كتبه مور.

صدّق كثيرون إنكار قصر باكينغهام، وألقى الكثيرون اللوم على صحيفة صنداي تايمز. لكن بما ان القصة جاءت من الناطق الصحفي للملكة فذلك يعني أن الصحيفة وصاحبها روبرت مردوخ قادران على التمسك بما وصل من نفي ملكي. ويبدو أن ثمة بعض الحقيقة في ما نشر.