في حديث خاص لـ"إيلاف"، أكد النائب اللبناني السابق إسماعيل سكرية أن التدخل الروسي في سوريا يأتي أولًا لحماية مصالح الروس، وإثبات حقهم في محاصصة المنطقة ومواردها كالغاز، وتحجيم دور الجهاديين الذين لهم علاقة بالشيشان. كما أشار إلى صراع الجبّارين الروسي والأميركي في سوريا لبناء نظام عالمي جديد.


ريما زهار من بيروت: فتحت "إيلاف" مع النائب اللبناني السابق إسماعيل سكرية ملف التدخل الروسي في سوريا، وكذلك ملف الطبقة السياسية في لبنان، ودور الحراك المدني في الحد من الفساد في البلد.

وفي ما يلي نص الحوار معه:

*يرى البعض في التدخل الروسي في سوريا أنه كان لإنقاذ الحدود الشمالية للبنان أولًا قبل إنقاذ النظام السوري؟
- التدخل الروسي في سوريا يدافع عن مصالحه بالدرجة الأولى، مصالحه الروسية قبل أي مصلحة، وبالتالي يكون بذلك يحمي شمال لبنان بشكل مباشر من التسللات "الإرهابية" إليه.

*هل الهدف من التدخل الروسي كان فقط إنقاذ النظام السوري؟
- الكلام يبقى غير دقيق، وكأن البعض يقول إن روسيا أتت بطائراتها وأسلحتها لتنقذ نظام الأسد، وتثبت أقدامه، وتحمل عتادها وترحل، هذا الكلام مضحك بالفعل، لأن روسيا أتت إلى سوريا، لتثبت موقعها في البحر المتوسط، الموقع الوحيد في المياه الدافئة خارج روسيا، وأتت لتثبت حقها في محاصصة المنطقة ومواردها من غاز وأمور أخرى، وحتى تحجّم دور الجهاديين الذين لهم علاقة بالشيشان.

قوتان كبيرتان
* هل أصبحت سوريا اليوم، كما يقال، متجاذبة بين قوتين كبيرتين الروسية والأميركية؟
- هذا الأمر صحيح، ولا شك أن صراع الجبابرة يجري على أرض سوريا، وينطلق منه لبناء نظام عالمي جديد.

* هل يمكن القول إنه مع التدخل الروسي في سوريا، عاد النظام العالمي الجديد إلى القطبين الكبيرين، ولم تعد هناك أحادية في النظام الكوني كما كان سابقًا؟
- بشكل قاطع لم نصل إلى هذا الأمر، لكنّ هناك إتجاهاً لإنهاء أحادية الزعامة الأميركية، غير أن تموضع المشاركة الثنائية في شكل الاتحاد السوفياتي سابقًا مع أميركا لم نحصل عليه حتى الآن، وهو يسير في هذا الاتجاه.

* هل كان التدخل الروسي في سوريا لتجنب حرب كونية محتملة تهدد المنطقة؟
- لا أحد يمكن أن يتحدث بهذا العنوان الضخم جدًا، والحروب تجري منفصلة، وبالاقتصاد هناك حرب دائرة، وهذه حرب متنقّلة تعبّر منفصلة عن حرب كونية إذا صح التعبير.

لبنان والطبقة السياسية
* كيف يمكن أن يستثمر لبنان هذا التدخل الروسي في سوريا داخليًا؟
- يجب أن يعي سياسيو لبنان خطورة الصراع الضخم، الذي يجري من حولنا، والذي يرسم واقعًا جديدًا للمنطقة، والاتفاق على مبادئ مشتركة وعناوين أساسية لحفظ البلد ومؤسساته الدستورية على الأقل.

* هل الطبقة السياسية الموجودة تستطيع القيام بذلك؟
- لا أعتقد، فهي طبقة سياسية فاشلة وأنانية وفردية، والسياسيون ليسوا رجال دولة بالمعنى الحقيقي، يتنازعون على بقعة معينة ضمن الجغرافيا والطائفة.

* ماذا عن دور الحراك المدني، هل سيوصل إلى نتيجة، وهل يزعزع هذه الطبقة السياسية الموجودة حاليًا؟
- منذ عشرين عامًا وأنا أعمل في موضوع الفساد، وفي لبنان يستحيل عليه التغيير بمفهوم ثوري انقلابي، التغيير يكون نتاجًا طويلًا يتراكم بالخطوات المتتالية الإصلاحية واستمرار ثقافة المواطنة عند اللبنانيين، وتجميع ما أمكن من الناس لكي يعوا حقوقهم، ويكفي أن الحراك أسس لهذا المناخ، وكسر الهيبة المصطنعة إلى حد ما، والتي كانت موجودة، وأصبح بإمكان اللبنانيين التحرك ورفض ما يُفرض عليهم، رغم أن ذلك لا يزال غير كافٍ، لأن المواجهة يجب أن تكون في قضايا أكبر وأهم من النفايات، ولكن لولا النفايات لما تحرك اللبنانيون، وهذا يعني أنه لا توجد ثقافة مواطنية صحيحة.

* كيف تبنى برأيك هذه الثقافة المواطنية الصحيحة؟
- تبنى بتراكم المواقف التي تزيد وعي الناس، وتلفت اهتمامهم إلى حقوقهم، وضرورة حماية تلك الحقوق.

* ما هو دور الطبقة الثقافية في هذا الخصوص في المجتمع اللبناني؟
- الطبقة الثقافية في لبنان بأكثريتها لديها ارتباطاتها الذاتية والسياسية، ولا يمكن الإرتكاز&عليها لإحداث التغيير.