يشكو الجسم الطبي السوري، وخصوصًا في ريف إدلب، من استهداف الغارات الروسية لمستشفيات وعيادات ومسعفين تابعين للهلال الأحمر أثناء توجههم لإنقاذ مصابين، بدلًا من ضرب عناصر داعش التي تبرر موسكو تدخلها بمكافحتهم، وعبّرت مسؤولة في منظمة طبية حقوقية عالمية عن أسف وأسى لتخلي المجتمع الدولي عن أطباء سوريا.


إعداد عبدالاله مجيد: تعرّضت مدينة سرمين في محافظة إدلب لهجمات بالأسلحة الكيميائية وهجمات بالبراميل المتفجرة وهجمات بالقنابل خلال السنوات الأربع الأخيرة من مواجهات مع نظام بشار الأسد مع المعارضة، لكن أطباء المدينة يقولون إن المستشفى هو أخطر مكان لهذه المعارك العبثية والمأسوية.&
&
كانت القنابل سقطت على مستشفى مدينة سرمين يوم الثلاثاء الماضي، للمرة الحادية عشرة، وأسفر القصف عن مقتل 12 مدنيًا، وتدمير جدران المبنى. لكن شهودًا قالوا إن هذا الهجوم يختلف عن كل الهجمات السابقة بمجيئه، ليس من النظام كالهجمات السابقة، وإنما من حليفته روسيا.

تكتيك جديد
وقال مدير المستشفى الدكتور محمد تناري لصحيفة الديلي تلغراف "حين يقصف، نسمع الطائرة، ونعرف أنها آتية، ولكن هذه المرة لم يكن هناك شيء، بل صمت فقط، ثم انفجار".

سجل أطباء وفرق إنقاذ ومراقبون دوليون ما لا يقل عن ثماني هجمات روسية على مستشفيات وعيادات وغيرها من المنشآت الصحية، منذ بدأت طائرات الكرملين الحربية تحلق في سماء سوريا المزدحمة في 30 أيلول/سبتمبر.

واستهدفت الضربات الجوية الروسية في الغالب قوات المعارضة التي تقاتل النظام، وليس تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، كما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكانت المنشآت الطبية المستهدفة في مناطق خارج سيطرة داعش في محافظات إدلب وحلب وحماه واللاذقية.

المسعفون هدفًا
وتُنفذ الضربات الجوية مرتين، الأولى بقصف عيادة طبية، ثم قصف الذين يأتون لإنقاذ المصابين. وقُتل في غارة الثلاثاء على مستشفى سرمين، عبد الرزاق عبود، الذي كان يعمل في إحدى فرق الإنقاذ المحلية.&

وكان عبود تزوج قبل أسابيع من أرملة شقيقه، الذي قُتل في الحرب أيضًا، بعدما قطع على نفسه عهدًا بالحفاظ على سلامة العائلة وكرامتها. وقال ماجد، أحد أفراد ذوي الخوذ البيضاء، كما تُسمى فرق الإنقاذ، إنه "عندما ذهب الناس لتقديم تعازيهم، لم يجدوا من يعزّونه". وفقد فريق الدكتور تناري أيضًا اثنين من زملائه الأطباء. وقال تناري "لا نعرف ماذا نفعل بعد الآن، وإذا جلسنا على الأرض، نشعر كأن ساعة تدق، والأرض ستنفجر قريبًا".&

وقال خبراء إن نسبة ضئيلة من الذخيرة الروسية كانت "ذكية" أو "موجّهة بدقة". وأكدت ويندي براون مديرة البرامج في منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" إن أي هجوم متعمد على مستشفى هو "جريمة حرب". وأضافت براون إن "سوريا لعلها البلد الوحيد في العالم الذي تكون جمعية الهلال الأحمر هدفًا للهجمات بدلًا من أن تكون درعًا ضد الهجمات".

بلا عون
وأُجبر مستشفى سرمين على غلق أبوابه إلى أجل غير مسمى من دون أن يترك للمدنيين خيارات تُذكر للعلاج حين يقع الهجوم التالي عليهم. وكان المستشفى في آذار/مارس الماضي المركز الرئيس لعلاج المصابين، بعد هجوم كبير شنه النظام بغاز الكلور. وأعلنت براون أن "أطباء سوريا يشعرون بأن المجتمع الدولي تخلى عنهم تمامًا".

وسجلت منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" 313 هجومًا على منشآت طبية، ومقتل 679 كادرًا طبيًا، خلال الفترة الواقعة بين آذار/مارس 2011 عندما انفجرت الانتفاضة الشعبية ضد النظام ونهاية آب/أغسطس 2015.&