دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق السيستاني، الشعب والحكومات المركزية والمحلية إلى استنفار جميع جهودهم لإنقاذ نازحي المخيمات في عموم البلاد، التي أغرقتها الأمطار، متهمًا الحكومات السابقة بعدم إصلاح شبكات تصريف المياه بسبب الفساد.. فيما أعلن قائد عسكري عن توقف عمليات تحرير الرمادي نتيجة سوء الأحوال الجوية.. بينما أكدت الرئاسات الثلاث على ضرورة الاستمرار في الإصلاحات وإجراءات التقشف.


أسامة مهدي: قال السيد أحمد الصافي معتمد السيستاني في خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم، وتابعتها "إيلاف"، ان نعمة الامطار المتساقطة هذه الايام على مناطق واسعة من العراق قد تحولت الى نقمة على المواطنين، ولذلك فإن مسؤولية الحكومات المركزية والمحلية في المحافظات كبيرة لرفع الآثار السيئة عن المواطنين والتي سببتها فيضانات الامطار.

واشار الى ان معاناة المواطنين الحالية سببها عدم قيام الحكومات السابقة مع وفرة الأموال انذاك بإصلاح شبكات تصريف المياه، واليوم سيتذرع المسؤولون بعدم وجود الاموال مع الازمة المالية التي يواجهها العراق حاليًا. واكد انه في جميع الاحوال فإن المواطنين هم ضحايا تقصير وفساد المسؤولين.

واشار معتمد السيستاني الى انه "مع استمرار هطول الامطار تزداد معاناة اهلنا واخوتنا في مخيمات النزوح في مختلف مناطق البلاد، حيث يعيشون أوضاعًا صعبة لا تطاق ومسؤولية إغاثتهم جماعية". ودعا جميع العراقيين الى ان يهبّوا ويقدموا العون بما يتيسر لهم لمساعدة النازحين مع حفظ عزتهم وكرامتهم".. مشددًا على أن هذه المهمة الانسانية والاسلامية تزيد ايضًا من التلاحم بين أبناء الشعب، ولا بد من الاهتمام بهذه المهمة من قبل كل من يحرص على وحدة العراق ارضًا وشعبًا".

يذكر ان في العراق 3.2 ملايين نازح هربوا من مناطق العمليات العسكرية بين القوات العراقية وتنظيم "داعش"، وخاصة في مناطق البلاد الغربية والشمالية. على الصعيد نفسه، فقد اعلن رئيس لجنة الخدمات في مجلس محافظة الانبار راجع بركات العيساوي الجمعة عن وصول 50 شاحنة محملة بالخيام والمساعدات الانسانية والغذائية الى النازحين في المحافظة، وقال إن قسمًا من المساعدات جاء من وزارة الهجرة والمهجرين، والقسم الاخر من حكومة الانبار المحلية.

واليوم اعتصم العشرات من اهالي ثلاث مناطق شرق العاصمة بغداد في الشارع الرئيس احتجاجًا على غرق مناطقهم بمياه الامطار، فيما طالبوا امانة العاصمة بجلب آلياتها لسحب المياه.

واعتصم المتظاهرون من اهالي مناطق حي الرئاسة وشهداء العبيدي والكمالية على الطريق الرئيس المؤدي الى محافظة ديالى احتجاجًا على غرق مناطقهم، مطالبين امانة بغداد بجلب آلياتها من اجل سحب مياه الامطار. وتتعرّض معظم المحافظات العراقية، ومنها بغداد، منذ ثلاثة ايام إلى هطول أمطار غزيرة، أدت إلى حدوث فيضانات في الشوارع الرئيسة والفرعية، كما دخلت هذه المياه إلى بعض الدور الخاصة بالمواطنين.

سوء الأحوال الجوية يوقف عمليات تحرير الرمادي&
من جهته، اعلن قائد عمليات الانبار اللواء الركن اسماعيل المحلاوي اليوم عن توقف عمليات تحرير الرمادي بسبب الظروف الجوية، فيما اشار الى وجود مظلة جوية لطيران التحالف فوق الرمادي.

وقال المحلاوي إن "عمليات تحرير الرمادي توقفت اليوم بسبب الظروف الجوية من العواصف الرعدية والامطار والرطوبة".. مرجّحًا "استئناف عمليات تحرير الرمادي في الاسبوع المقبل". واضاف ان "الطيران الحربي العراقي توقف ايضًا بسبب الظروف الجوية".. لافتًا الى "وجود مظلة جوية لطيران التحالف الدولي فوق الرمادي لقصف أي تحركات لتنظيم داعش".

وكشف المحلاوي في تصريح بثته وكالة "السومرية نيوز" عن انفجار مئات العبوات الناسفة التي زرعها تنظيم "داعش" والبيوت التي فخخها في مدينة الرمادي بسبب الامطار والرطوبة. واشار الى إن "مئات العبوات الناسفة التي زرعها عناصر تنظيم داعش في الطرقات ومداخل مناطق البوذياب والبوفراج والجرايشي في شمال الرمادي والبوعيثة شرقا انفجرت بسبب الامطار والرطوبة". واضاف ان "اعدادًا كبيرة من البيوت المفخخة انفجرت هي الاخرى بسبب الامطار والرطوبة".

وقال مصدر في فرقة الرد السريع للشرطة الاتحادية أمس الخميس إن 45 منزلاً مفخخاً واكثر من 109 عبوات ناسفة انفجرت في منطقة حصيبة الشرقية في اﻻنبار اثر هطول الامطار الغزيرة على محافظة الانبار. كما ان عشرات العبوات الناسفة التي زرعها "داعش" في غرب الرمادي انفجرت نتيجة الأمطار وارتفاع نسبة الرطوبة، بحسب بيان للشرطة الاتحادية. وتشهد مدينة الرمادي عمليات عسكرية واسعة لاستعادة السيطرة عليها وطرد تنظيم داعش منها، والتي انطلقت من بداية مطلع الشهر الحالي.

الرئاسات الثلاث تؤكد استمرار الاصلاحات واجراءات التقشف
أكدت الرئاسات العراقية الثلاث للجمهورية والوزراء والنواب الاستمرار في الاصلاحات واتخاذ اجراءات تقشفية مدروسة، ليتمكن العراق من الخروج معافى من الأزمة المالية الراهنة. جاء ذلك خلال اجتماع للرئيس العراقي فؤاد معصوم ورئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري، بحثوا خلاله الوضع الأمني والاقتصادي وملف الإصلاحات وسبل معالجة القضايا والتحديات الأساسية الراهنة.

وقال بيان رئاسي اطلعت على نصه "إيلاف" إن المجتمعين اكدوا على ضرورة مواصلة السعي إلى توفير أجواء ومتطلبات عودة النازحين إلى مناطق سكناهم الأصلية ومن ضمنها المصالحة المجتمعية والوطنية.

وثمّن الرؤساء الثلاثة "الانتصارات التي حققتها قواتنا المسلحة ضد تنظيم داعش الارهابي، وتحرير كامل قضاء بيجي، ومناطق في جبل مكحول وبلدات في الأنبار وكركوك، كما أشادوا بالعزيمة العسكرية للجيش العراقي والأجهزة الأمنية والحشد الشعبي والبيشمركة وأبناء العشائر". واعربوا عن أملهم في عودة الاستقرار إلى سوريا بعد القضاء على داعش.. مشيرين الى انه سيكون للعراق دور فاعل في تحقيق هذا الاستقرار ضمن الجهود الدولية.

وبحث الرؤساء الثلاثة الوضع المالي والاقتصادي، وتوصلوا إلى ضرورة اتخاذ خطوات تقشفية مدروسة، بجانب خطوات أخرى، لإخراج العراق معافى من الضائقة المالية التي يواجهها.

وكان العبادي اكد خلال اجتماعه امس مع ممثلي الاحتجاجات الشعبية استمراره بالاصلاحات ومحاربة الفساد في جميع مفاصل الدولة.. فيما ابلغه الناشطون استمرارهم في تظاهراتهم حتى تنفيذ مطالبهم، والتي تدور حول إصلاح القضاء وفق آليات قانونية ودستورية، بعيدًا عن أي تأثير حزبي وطائفي، لان ذلك وحده كفيل بضمان استقلال القضاء وعدالته واتخاذ إجراءات جادة لإصلاح هيكلية وعمل الهيئات المستقلة وتوفير الخدمات وضرورة الارتقاء بها ومحاسبة المقصرين فيها وفتح ملفات الفساد ومعاقبة الفاسدين، وإحالتهم الى القضاء، والعمل على استرداد المال العام الذي نهبوه.. اضافة الى استقلالية إعلام الدولة وتحرير شبكة الإعلام العراقي من هيمنة الاحزاب السياسية.

يذكر ان العبادي وضمن حزم الاصلاحات التي اطلقها في التاسع من آب (اغسطس) الماضي قد الغى مناصب نواب رئيس الجمهورية الثلاثة، ومناصب نواب رئيس الحكومة الثلاثة، كما اعفى 123 وكيل وزارة ومديراً عامًا من مناصبهم واحالهم الى التقاعد.. وايضا قرر تقليص عدد المناصب الوزارية الى 22 بدلاً من 33 عبر الغاء ثلاثة مناصب لنواب رئيس الوزراء واربع وزارات ودمج ثماني وزارات، وجعلها اربعًا فقط. كما قام بتقليص مرتبات المسؤولين الكبار والغاء غالبية عناصر حماياتهم واعادتهم الى القوات الامنية.

أتت هذه الخطوات الاصلاحية بعد اسابيع من التظاهرات في بغداد ومناطق عراقية عدة، طالب خلالها المحتجون بمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين وانهاء تسييس القضاء وتوفير الخدمات، لا سيما المياه والكهرباء.


&