قالت بعثة الأمم المتحدة في العراق إن الشرف لا يمكن أن يكون ذريعة لارتكاب جرائم شنيعة ضد النساء، ودعت لإلغاء القوانين التي تخفف عقوبة مرتكبي هذه الجرائم، معتبرة أنها تمييزية.

لندن: دانت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي"، في بيان صحافي تسلمت نصه "إيلاف" الثلاثاء، بأشد العبارات جريمة القتل التي ارتكبت مؤخرًا في محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق، والتي وقعت ضحية لها إمرأة شابة يزعم أنها قد لقيت حتفها على أيدي أفراد أسرتها في ما يعتقد أنها "جريمة شرف".

الشرف ليس حجة لتبرير ارتكاب جرائم

وقالت البعثة إن "الشرف ليس حجة تبرر ارتكاب مثل هذه الأعمال الشنيعة بحق الإناث من أفراد الأسرة ويجب محاسبة مرتكبيها".

وقال فرانشيسكو موتا، مدير مكتب حقوق الإنسان وممثل مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في العراق، "ما يدعو للتفاؤل في هذه القضية أن الشرطة والقضاء في إقليم كردستان لم يتوانيا عن التحقيق النشط في القضية وأصدرا أمراً& بالقبض على الجاني المزعوم، إلاّ أنه يتعين عمل المزيد لمعالجة المواقف الثقافية بين بعض قطاعات المجتمع، والتي ترى أن العنف ضد أفراد العائلة ولاسيما ضد النساء يمكن تبريره على أساس ما يعرف بالشرف".

وأضاف أنه على الرغم من أن إقليم كردستان قد ألغى بعض الفقرات في القانون الجنائي، التي تسمح باتخاذ الأسباب المتعلقة بالشرف ذريعة لتخفيف العقوبة على جرائم العنف المرتكبة ضد أفراد الأسرة، فلا تزال هذه الأحكام معمولاً بها في قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي.

وشدد موتا على أنه "من الضروري أن تزيل حكومة العراق هذه الأحكام التمييزية من القانون الجنائي لضمان محاسبة أي شخص يرتكب عملاً من أعمال العنف ضد أحد افراد الأسرة، وخاصة ضد النساء والأطفال وفقاً للقانون ودون أي عذر".

تعديل قانون الشرف

وفي الاول من ايار (مايو) الماضي، صادق رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني على قانون تعديل قانون العقوبات العراقي لعام 1969 وينص التعديل على عقوبة الحبس 3 سنوات لجرائم الشرف ملغيًا أي اسباب تخفيفية لجرائم الشرف. وتمت المصادقة على القانون الذي تضمن 5 مواد بعد اقراره من برلمان الاقليم، بهدف "ترسيخ العدالة وايجاد مجتمع بعيد عن العنف والتمييز الجنسي في اقليم كردستان".

وتنص المادة 409 من قانون العقوبات العراقية المرقم 111 لعام 1969، التي تم تعديلها، على "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات من فاجأ زوجته أو أحد محارمه في حالة تلبسها بالزنا او وجودها في فراش واحد مع شريكها& فقتلهما في الحال او قتل احدهما او اعتدى عليهما او على احدهما اعتداء افضى الى الموت او الى عاهة مستديمة. ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي ضد من يستفيد من هذا العذر ولا تطبق ضده أحكام الظروف المشددة".

وتسعى سلطات إقليم كردستان العراق إلى مكافحة جرائم غسل العار، حيث بات تعرض النساء إلى القتل أو الاضطهاد أو العنف أمرًا يوميًا من قبل ذويهن، وخصوصًا اللواتي يرفضن عادات العائلة وتقاليدها.

ولا توجد احصائيات حديثة عن ضحايا العنف وجرائم الشرف ضد النساء في اقليم كردستان، حيث ان تقريرًا لوزارة حقوق الإنسان في الاقليم اشار الى انه تم في عام 2007 الاعلان عن تسجيل 289 امرأة أقدمن على الانتحار أو تعرضن للقتل خلال عام 2005 لكن العدد ارتفع& إلى 533 امرأة عام 2006 وازدادت نسبة الانتحار بين الضحايا من 22% عام 2005 إلى 88% عام 2006، كما ارتفعت نسبة القتل من 4% عام 2005 إلى 6.34% في 2006. واوضح أن "غالبية النساء اللواتي يتعرضن إلى العنف تتراوح أعمارهن بين 13 و18 عامًا.

جرائم قتل لزوجات قاصرات

وكانت جريمة ارتكبت في أيار (مايو) عام 2014 قد هزت إقليم كردستان، ضحيتها فتاة قاصر في الرابعة عشرة& اسمها "دنيا " متزوجة من رجل يكبرها بثمانية وثلاثين عامًا، قتلها زوجها المزعوم بأبشع طريقة ومثّل بجسدها بشكل وحشي،&وذلك في قرية بقضاء الشيخان في محافظة دهوك، وأثار الحادث ردود فعل في الإقليم وفي أنحاء العالم.

والملفت للنظر في جريمة قتل المرأة القاصر دنيا أنّ منظمات المجتمع المدني في الإقليم تحركت لوضع القضية أمام أنظار الرأي العام، وتتابع ملف القاتل قانونيًا لينال جزاءه. كما حشدت التنظيمات النسوية تظاهرات عدة&تنديداً بالجريمة البشعة.

فالزوج متزوج بأخرى ولديه 6 أطفال منها، شك في أن زوجته المراهقة تخونه مع صديق لها فقتلها ومثّل بجسدها الصغير ثم سحل جثتها بسيارته وأطلق النار على الجسد، والقي به وهو دامٍ مقطع في شارع بمدينة الشيخان. لكنّ شهودًا اشاروا الى ان الجريمة وقعت لأن الصبية كان لها صديق بعمرها تلعب معه،&فشك الزوج بوجود علاقة غرامة بينهما.

وأثارت الجريمة أسئلة كثيرة عن وضع المرأة في المجتمع العراقي بشكل عام وبالخصوص وضعها في الإقليم، وكذلك أسئلة عن تنفيذ القانون والقائمين على تنفيذه وغيابهم، حيث سحل القاتل ضحيته بالسيارة في الشوارع ثم أطلق عليها النار مرارًا ورمى بجثتها في الشارع دون ان يتعقبه احد.

وتشير مصادر قانونية الى أن المجتمع قد يسمح بجرائم الشرف ولكن القانون لا يسمح بل ينص على وجوب أن تضبط الزوجة متلبسة بفعل الخيانة& وهناك ثغرة في القانون تتعلق بوجود شاهد لأن بوسع القاتل أن يقول" لا شاهد عندي.. ويفلت من العقاب". كما يعاب على القانون تطبيق النص الشرعي والقانوني في "جريمة" الزنا على المرأة فقط، وإغفال الرجل رغم انه يمارس العملية نفسها ومع ذات المرأة المتهمة.

وتنتشر في كثير من دول العالم حاليًا بيوت حماية النساء اللواتي يتعرضن للعنف والتهديد، وهن الموصوفات بالمعنفات، ولا تُعلن في العادة عناوين هذه البيوت بل تتولى مؤسسات حماية الأسرة نقل النساء المعرضات للعنف الى تلك البيوت لحمايتهن.