يصل إلى لندن، اليوم الأربعاء، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في زيارة رسمية له، هي الأولى له إلى المملكة المتحدة، وسط جدل مثير حول ملف القاهرة في حقوق الإنسان، على الرغم من الأهمية التي توليها بريطانيا للزيارة.


نصر المجالي: تعقد غدًا الخميس قمة بريطانية ـ مصرية في مقر رئاسة الحكومة البريطانية في 10 داونينغ ستريت، ستتركز - حسب بيانات الجانبين - على بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، وكيفية مواجهة الإرهاب في المنطقة.

وتشهد زيارة الرئيس السيسي لبريطانيا، التي تستمر ثلاثة أيام، نشاطًا مكثفًا، حيث يجري سلسلة من اللقاءات المهمة، فضلًا عن لقائه مع رئيس الحكومة ديفيد كاميرون، من بينها لقاء مع مايكل فالون وزير الدفاع البريطاني، لبحث أوجه التعاون العسكري والأمني بين البلدين، كما يلتقي مجموعة من أعضاء البرلمان البريطاني، لمناقشة كيفية دعم التعاون مع مجلس النواب عقب تشكيله.

وسيلتقى السيسي أيضًا رئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، إضافة إلى عدد من أبرز المفكرين البريطانيين، لشرح رؤية مصر تجاه تحولها الديمقراطي والاقتصادي. ومن المقرر أن يجري الرئيس لقاءات عدة مع مسؤولي كبرى الشركات البريطانية، ومجتمع المال والأعمال، لاستعراض الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر، خاصة في المشروعات القومية في المرحلة الراهنة، كمشروع إقليم قناة السويس. كما تشهد الزيارة التوقيع على مذكرتي تفاهم بين البلدين في مجالي التعليم العالي والتعاون الأمني.

&

قوانين الإرهاب
إلى ذلك، دافع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عن قوانين مكافحة الإرهاب المشددة، والمطبقة في بلاده، وأصرّ على أنه يسير بمصر على الطريق نحو الديمقراطية. وقال الرئيس المصري في مقابلة مع (بي بي سي) إن مصر مهددة بجماعات متشددة، وتخشى الانهيارات التي شهدتها دول الجوار. وأكد أن وضع مصر يختلف عن وضع أوروبا.

يذكر أنه منذ إطاحة السيسي بالرئيس المنتخب محمد مرسي في عام 2013 عقب احتجاجات واسعة، قتل المئات، واعتقل نحو 40 ألفًا في حملة استهدفت المعارضين. ومعظم هؤلاء من مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، ولكن العديد من الليبراليين والعلمانيين اضطهدوا أيضًا لمخالفتهم القانون، الذي صدر عام 2013، والذي يخوّل وزير الداخلية حظر أي تجمع يضم أكثر من 10 أشخاص.

الديموقراطية
وقال الرئيس السيسي إن مصر ما زالت سائرة على طريق الديمقراطية، وهو الطريق الذي بدأ بثورة عام 2011، التي أطاحت بحسني مبارك، ولكنها بحاجة إلى وقت لتبلغ أهدافها. وأضاف الرئيس المصري "نريد أن نحقق إرادة الشعب المصري، فالشعب يطالب بالتغيير منذ 4 سنوات. نريد أن نحترم خياراته، وسنعمل كل ما بوسعنا لتحقيق مستقبل ديمقراطي أفضل لأفراد الشعب".

الانتخابات
ومضى يقول "ربما لم تكن إنجازاتنا هي الأفضل، ولكننا ماضون بها، وسنحقق المزيد من التقدم". وقال الرئيس السيسي إن نسبة المشاركة الضئيلة في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في الشهر الماضي، لم تكن مفاجئة، كما إنها لم تعد دليلًا على اليأس من حكمه. ودافع الرئيس المصري عن قوانين مكافحة الإرهاب التي سنها في آب (أغسطس) الماضي، وهي القوانين، التي يقول ناشطون إنها تقوّض الحقوق الأساسية، وتشرعن لحالة طوارئ دائمة.

وقال "نريد بعض الاستقرار، ولكننا لا نريد أن نحقق ذلك بالقوة أو الاكراه. بل نريد تنظيم وضبط المجتمع". وقال الرئيس السيسي إن على منتقديه في الغرب تفهم التهديدات التي تواجهها مصر، حيث قتل المسلحون الجهاديون 600 على الأقل من رجال الأمن في السنتين الأخيرتين. وتابع السيسي: "لو توافرت لي الأجواء السائدة في أوروبا هنا في مصر لما احتجنا إلى هذه القوانين". وأضاف ان ما يريده ملايين المصريين أكثر من أي شيء آخر هو أن يحيوا حياة كريمة. وقال "لا بأس أن تتم مراقبة حقوق الإنسان في مصر، ولكن الملايين الذين يعانون من ظروف اقتصادية صعبة، أليس من الأفضل السؤال عنهم؟".

أحكام الإعدام
وأكد الرئيس المصري أن المئات من الذين حكم عليهم بالإعدام في القضايا المتعلقة بالإطاحة بمرسي لن تنفذ فيهم الأحكام، إما لكونهم حوكموا غيابيًا أو لأنهم سيستأنفون الأحكام. وكانت الأمم المتحدة قالت إن ضمانات الحصول على محاكمات عادلة يتم تجاهلها بشكل متزايد في مصر، فيما قالت جماعة الإخوان المسلمين إن المحاكمات التي جرت لقادتها ومؤيديها مدفوعة سياسيًا، وما هي إلا محاولات لإضفاء الشرعية على انقلاب عسكري.

ولدى سؤاله عما إذا كان يمكن للإخوان المسلمين - وهي جماعة تعهد في العام الماضي "بسحقها" - لعب دور في مستقبل مصر، قال الرئيس السيسي "إنهم جزء من الشعب المصري، ولذا فعلى الشعب المصري أن يقرر طبيعة الدور الذي يمكن أن يلعبوه".

سلطوية السيسي
إلى ذلك، انتقدت افتتاحية صحيفة (فايننشال تايمز)، بعنوان "سلطوية السيسي ليست الطريقة لدفع مصر إلى الأمام"، انتقدت زيارة الرئيس المصري، وقالت إن "على رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إيصال رسالة صارمة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال زيارته لبريطانيا". وأضافت الصحيفة أن "زيارة السيسي لبريطانيا لاقت الكثير من الانتقادات حتى قبل أن تبدأ".

وأردفت الصحيفة أن "بريطانيا كغيرها من الدول الأخرى، لديها مصالح، ولها الحق في السعي إلى تحقيقها، سواء مع مصر أو في الشرق الأوسط"، مضيفة إلا أنه يجب التنبه إلى أن تشجيع السلطات الحاكمة في مصر سيؤدي إلى تردي الأوضاع فيها والمخاطرة بانضمامها إلى الدول الفاشلة في المنطقة".

وأشارت الصحيفة إلى أن "السيسي عندما شغل منصب القائد العام للقوات المسلحة المصرية في عام 2013 أطاح بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، مضيفة أن "السيسي عمد بعدها إلى إعادة البلاد خطوات إلى الوراء".

مستقبل قاتم
وقالت الافتتاحية إنه "في حال لم تتمكن مصر من إيجاد طريقة لدفع البلاد إلى الأمام بين التشدد وحكم الفرد المطلق، فإن مستقبلها سيكون قاتمًا". ونوهت الافتتاحية بأن الجيش في مصر هو المؤسسة الوحيدة التي بقي لديها قليل من الحس الوطني".

وأردفت الصحيفة إن "بريطانيا تعد أحد اهم المستثمرين الأجانب في مصر، لاسيما في قطاع الطاقة"، مشيرة إلى أن "الاستثمار جيد لبريطانيا، ومهم جدًا بالنسبة إلى مصر". وختمت بالقول إن "الاقتصاد لن يزدهر في مصر أو في أي مكان في الشرق الأوسط من دون تبني فكرة الانفتاح السياسي، وهذا ما يجب أن يشدد عليه كاميرون خلال لقائه السيسي".

&