منحت انتقادات حادة للبرلمان العراقي، أطلقها السيستاني الجمعة، لتقييده يدي العبادي عن مواصلة الإصلاحات والالتفاف عليها، منحت دفعة قوية للاحتجاجات الشعبية التي ستخرج في بغداد ومحافظات أخرى مساء اليوم ضد الفساد.. بينما دعا المرجع إلى إجراءات تحمي الأطباء من استهدافهم بالقتل والاختطاف والابتزاز الذي يرغمهم على الهجرة.


أسامة مهدي: قال الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني، خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم، وتابعتها "إيلاف"، عبر قنوات محلية، إن اصلاح المنظومة الحكومية في العراق يتطلب اعتماد الخبرة والنزاهة والكفاءة في تسلم المناصب الحكومية، بدلاً من المحاصصة الطائفية والعرقية، وكذلك محاسبة الفساد والمفسدين، وتخفيض النفقات غير الضرورية، وما اكثرها.

لعدم استغلال القانون لعرقلة الإصلاحات
واضاف الكربلائي أن كل هذه الاصلاحات هي مطالب شعبية اساسية محقة لمعالجة الاوضاع المتأزمة في البلاد التي يعانيها المواطنون، مثل البطالة وسوء الخدمات وانتشار الفقر. واشار الى انه قد لاحت خلال الاشهر الاخيرة بسبب الاحتجاجات الشعبية استجابة للمسؤولين للقيام بالاصلاحات المطلوبة، وصدرت قرارات في هذه المجالات، وان لم تمس جوهر الاصلاح الضروري، لكنها مع ذلك فإنها تقود الى الافضل، وتم التأكيد على ان تسير الاصلاحات بشكل لا يخرج عن الأطر الدستورية والقانونية، لكنه لا ينبغي اتخاذ هذين المسارين وسيلة من السلطة التشريعية (مجلس النواب) للالتفاف على الاصلاحات المتخذة، وتسويف عمليات تنفيذها، بعد تراجع الضغط الشعبي المطالب بها.

وشدد معتمد السيستاني على ان تحقيق الاصلاح ضروري، يجب عدم الرجوع عنه، لذلك يجب ان يؤطّر بإجراءات حقيقية من قبل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، التي عليها التنسيق في ما بينها، لمواجهة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، لأن فاعلية الإصلاح لا تتم الا بالتفاعل بين هذه السلطات الثلاث، وعدم التقاطع في ما بينها، وبالشكل الذي يعرقل الاصلاح.

وكان مجلس النواب العراقي قد اعلن الاثنين الماضي أن الحكومة لا تملك صلاحية تطبيق بعض بنود خطة الاصلاحات التي اعلنها العبادي، لان العديد منها يحتاج قوانين من السلطة التشريعية. وجاء قرار المجلس هذا، الذي يلتف به على الاصلاحات، بعدما كان قد اقر في آب (أغسطس) الماضي خطة الاصلاح، تحت ضغط تحرك شعبي غاضب يطالب بخدمات وبمكافحة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة.

ويعتبر قرار البرلمان الجديد هذا بمثابة عائق اضافي امام تطبيق الاصلاحات، التي تكمن صعوبتها الاساسية في الحد من الامتيازات، التي يتمتع بها المسؤولون الحكوميون الكبار.

لكن العبادي رد على ذلك في اليوم التالي مشددًا على "عزمه واصراره على الاستمرار في الاصلاحات ومحاربة الفساد والفاسدين وعدم التراجع عن ذلك، رغم التحديات والعقبات". وأكد بالقول "لن تفلح محاولات من خسروا امتيازاتهم بإعاقة الاصلاحات او إعادة عقارب الساعة الى الوراء، ونقض ما انجزناه، فإرادة المواطنين اقوى منهم، وستقتلع جذور الفساد، وتحقق العدل في العراق".

يذكر ان العبادي، وضمن حزم الاصلاحات التي اطلقها في التاسع من آب (اغسطس) الماضي، قد الغى مناصب نواب رئيس الجمهورية الثلاثة، ومناصب نواب رئيس الحكومة الثلاثة، كما اعفى 123 وكيل وزارة ومديراً عامًا من مناصبهم، واحالهم الى التقاعد.. وايضا قرر تقليص عدد المناصب الوزارية الى 22 بدلاً من 33 عبر الغاء ثلاثة مناصب لنواب رئيس الوزراء، واربع وزارات، ودمج ثماني وزارات، وجعلها اربعًا فقط. كما قام بتقليص مرتبات المسؤولين الكبار، والغاء غالبية عناصر حماياتهم واعادتهم الى القوات الامنية.

أتت هذه الخطوات الاصلاحية بعد اسابيع من التظاهرات في بغداد ومناطق عراقية عدة، طالب خلالها المحتجون بدعم من مرجعية السيستاني بمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين وانهاء تسييس القضاء وتوفير الخدمات، لا سيما المياه والكهرباء.

دعوة إلى إجراءات أمنية تحمي الأطباء
وحول عمليات القتل والاختطاف والابتزاز، التي يتعرّض لها الاطباء العراقيون، فقد حذر الشيخ الكربلائي من خطورة تزايد هذه المظاهر، التي قال انها تؤدي الى المزيد من الخلل في المنظومة الصحية، التي تعاني اصلا من مشاكل عدة، وبما يعرقل المهمة الانسانية للاطباء في معالجة المرضى وانقاذهم، مما يهدد حياتهم.

واضاف ان هذه المخاطر التي يتعرّض لها الاطباء تدفعهم الى هجرة العراق الى بلدان، يرون انها اكثر امانًا لممارسة مهنتهم، وسبب ذلك هو ضعف هيبة القانون، الذي اتاح للبعض الاعتداء وابتزاز الأطباء.

وشدد على ضرورة تدعيم الإجراءات الأمنية لحماية الاطباء، وتنفيذ القانون في مواجهة سوء استخدام العرف العشائري في ارتكاب الجرائم ضد الاطباء. وناشد الإعلام للقيام بدوره في توعية المواطنين بأهمية الخدمات التي يقدمها الأطباء وكبح جماح محاولات إعاقة عمل المنظومة الصحية. كما اوصى الاطباء، الذين قال انهم يبذلون جهودًا كبيرة في معالجة المرضى، أوصاهم بالتصدي لبعض حالات عدم الاهتمام الكافي بالمرضى ونقص العناية الكافية بهم، وبما يعرّض حياتهم الى الخطر.

واثار معتمد السيستاني اهتمام الاطباء، الذين قال ان بعض الممارسات العدوانية الخاطئة تدفعهم الى الهجرة من العراق، أثار اهتمامهم للادراك بأن بلدهم أحوج ما يكون لخبرتهم في ظروفه الصعبة الحالية، داعيًا اياهم الى الصبر والتأسي بما يقدمه المقاتلون في ساحات المعارك في مواجهة الارهاب والدفاع عن بلدهم، مقدمين اغلى التضحيات في سبيله.

وكانت المحكمة المتخصصة بدعاوى الاعتداء على الأطباء قد اعلنت أخيرا عن تزايد في أعداد الأطباء المراجعين لها، حيث كانت الحكومة قررت تشكيلها للنظر في الاعتداءات التي يتعرّض لها بعض الأطباء من قبل ذوي المرضى، والتي تكاثرت في المجتمع العراقي، نتيجة الانفلات الأمني وانشغال الحكومة بالتحديات الأمنية، إضافة إلى جهل بعض المواطنين، مما تسببت في ترك الكثير من الأطباء للبلد، والتوجه إلى العمل خارج العراق، حيث تتوافر بيئة آمنة مناسبة لعمل الطبيب.

ويوم أمس الخميس، اصدرت الامانة العامة لمجلس الوزراء توصيات، تقضي باتخاذ سلسلة من الإجراءات الجديدة، التي تسهم في توفير الحماية الكافية للمنشآت الحكومية لتأمين سلامة الأطباء من الاعتداءات التي تطالهم من تجاوزات وخطف وابتزاز مادي، وذلك بعدما وجّه مجلس الوزراء الأمانة العامة ووزارات الدفاع والداخلية والصحة العمل من اجل الحد من الاعتداءات على المؤسسات الصحية.

ودعت التوصيات شيوخ العشائر ومنظمات المجتمع المدني والوزارات الى العمل ضمن مساحاتها البشرية بالتثقيف والتوعية والتحذير بخصوص خطورة استهداف الاطباء والطلب من وسائل الإعلام المختلفة لأخذ دورها في الاتجاه نفسه.

&

&

&