شدد المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني على ضرورة الإسراع في وتيرة الإصلاحات التي تشهدها البلاد حاليًا بعيدًا عن المحاصصة الطائفية والحزبية، ودعا إلى تقويم أداء المسؤولين وطرد غير الكفوئين، والعودة إلى اعتماد قانون التعليم الإلزامي. وحذر من استيلاء فاسدين على قرض قيمته 5 مليارات دولارات، قدمه البنك المركزي إلى مؤسسات محلية لتحسين أدائها، مؤكدًا ضرورة معالجة نقص الماء في محافظة البصرة.


أسامة مهدي: قال الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني في خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) وتابعتها "إيلاف" عبر قنوات محلية ان قرار الحكومة الأخير بتخفيض مرتبات كبار المسؤولين هو خطوة في الاتجاه الصحيح نحو الاصلاح الذي يطالب به الشعب.. داعيا الى خطوة اخرى تحقق العدالة الاجتماعية، من خلال إقرار سلم الرواتب الجديد الذي يلغي الفوارق غير المنطقية في رواتب موظفي الدولة ومخصصاتهم، وينصف أصحاب المرتبات الصغيرة التي لا تمكن من العيش الكريم.

إسراع في الإصلاح بعيدًا عن المحاصصة
أضاف الكربلائي انه اضافة الى ملاحقة الفاسدين واسترجاع اموال الشعب التي نهبوها، فيجب اعادة النظر في اداء المسؤولين على اساس مهني، واستبدال من يثبت عدم كفاءتهم من خلال تقويم مبني على اساس النزاهة والكفاءة والحرص على مصالح الشعب يقوم به اصحاب الاختصاص حتى لا تُطلق اتهامات بالتفرد بالقرارات.

وشدد على ان التغيير ليس مطلوبًا بحد ذاته، وانما التغيير نحو الافضل هو المطلوب، وهذا لن يتم الا عبر ضوابط مهنية بعيدا عن المحاصصة الحزبية او الانتماء الطائفي والمناطقي والعشائري. وقال ان المطلوب الآن هو اجراءات شاملة تحقق الاصلاح بوتيرة اسرع، عبر قرارات تتخذها الحكومة لإرضاء الشعب وتحقيق تطلعاته.

تحذير من استيلاء فاسدين على قرض
واوضح ان الخطوة الاخيرة التي اتخذتها الحكومة بقيام البنك المركزي باقراض مبلغ 5 ترليونات دينار عراقي (حوالى 5 مليارات دولار اميركي) الى المصارف الزراعية والصناعية والعقارية تحتاج إلى&اجراءات صارمة لمراقبة صرف هذا المبلغ في مواقعه الصحيحة، وعدم السماح لرؤوس الفساد والطامعين الجشعين بأن يمدوا ايديهم اليه، كما امتدت الى مئات المليارات من المبالغ المالية خلال السنوات الماضية باسم مشاريع، ثبت انها كانت وهمية، ولو انفقت بشكل صحيح، لتمت معالجة الكثير من المعضلات التي يواجهها العراق حاليا، وفي مقدمها معالجة البطالة وتقديم الخدمات وتوسيع قاعدة الانتاج المحلية. ودعا الى حماية المنتوج المحلي الذي لا يستطيع الان منافسة المنتوج الاجنبي جودة وسعرا.

البصرة تعاني العطش
وحول ملف الخدمات ونواقصه، فقد أشار الكربلائي الى ان مواطني محافظة البصرة الجنوبية، ثاني اكبر محافظات العراق، تعاني من عدم توافر الماء الصالح للاستخدام البشري.. منوها بان هذا الامر هو من غرائب الاوضاع العراقية.. فالبصرة وبما تملكه من حقول نفطية هي مصدر ثروات البلاد وأموالها، لكن اهلها يعانون العطش ونقص الخدمات. وطالب الحكومة بإيلاء هذه المشكلة اهتماما كبيرا، والعمل على معالجتها ووضع حلول سريعة تعالجها.

دعوة الى التعليم الالزامي
ولمناسبة بدء العام الدراسي في العراق اشار معتمد السيستاني الى ان هذا يتزامن مع ظروف استثنائية تعيشها البلاد، موضحا ان ارقام المنظمات المحلية والدولية المختصة تؤكد تزايد الامية بين العراقيين، وخاصة النساء منهم، وبما يشكل مخاطر مستقبلية على عملية بناء العراق تربويا وعلميا.

ودعا الى اتخاذ الاجراءات اللازمة لتطبيق قانون التعليم الالزامي، الذي كان نظام الرئيس السابق صدام حسين قد أصدره في سبعينات القرن الماضي، واستطاع التخلص من الامية بشكل تام. وطالب بحث الاباء والامهات الى الدفع بابنائهم الى المدارس، ومنع تسرب الطلاب من المدارس لاسباب اقتصادية، حيث يضطر الكثير منهم لترك الدراسة والعمل لإعالة عوائلهم.

وشدد الكربلائي على ضرورة اتباع طرق تدريس حديثة ووسائل متطورة في التعليم ليكسب الطلاب من خلالها مهارات علمية وذهنية تواكب العصر. وأكد أن عملية الاصلاح الشاملة لا بد أن تشمل العملية التربوية والتعليمية في المدارس والجامعات.. اضافة الى إجراء مراجعة شاملة لأسس العملية التربوية لتحسينها والارتقاء بالمستوى العلمي للطلاب وبناء شخصياتهم العلمية والثقافية والوطنية.

تجدد الاحتجاجات بدعوات لسقوف زمنية لتنفيذ الاصلاحات
وستتجدد تظاهرات الاحتجاج ضد الفساد والدعوة إلى الاصلاح في بغداد و10 محافظات اخرى في الوسط والجنوب مساء اليوم الجمعة، حيث اكد الناشطون انهم "مستمرون حتى تحقيق مطالبهم المشروعة".. واشاروا في بيان الى انه قد "مرت 6 أسابيع على انطلاق التظاهرات الاحتجاجية السلمية في بغداد والمحافظات من دون استجابة حقيقية لمطالب المتظاهرين المشروعة في إصلاح النظام ومحاسبة الفاسدين وتقديم الخدمات".

وشددوا على ضرورة الاسراع في اجراءات حقيقية لمكافحة الفساد وتوفير الخدمات الاساسية، داعية الى تحديد سقف زمني لإنجاز الاصلاحات السياسية والادارية التي تنفذها الحكومة.

والاربعاء الماضي، وضمن حزم الاصلاحات التي دأب العبادي على اعلانها منذ التاسع من الشهر الماضي، فقد قرر اعفاء 123 وكيل وزارة ومديرا عاما من مناصبهم واحالتهم الى التقاعد. من جانبها وجهت الأمانة العامة لمجلس الوزراء امس الوزارات والمحافظات والجهات الحكومية كافة العمل بقرار مجلس الوزراء بشأن تخفيض الرواتب والرواتب التقاعدية للرئاسات الثلاث والوزراء الوكلاء ومن بدرجتهم والمستشارين والمديرين العامين ومن بدرجتهم، مؤكدة تطبيقه بدءا من الاول من الشهر الحالي ايلول (سبتمبر).&&

يذكر انه ضمن حملة الاصلاحات التي اعلنها العبادي أخيرا فقد قرر في اواخر الشهر الماضي تقليص عدد المناصب الوزارية الى 22 بدلا من 33 عبر الغاء ثلاثة مناصب لنواب رئيس الوزراء واربع وزارات، ودمج ثماني وزارات وجعلها اربعا فقط.

وكانت الحكومة اقرت في التاسع من الشهر الماضي حزمة اصلاحات لمكافحة الفساد وترهل مؤسسات الدولة ووافق عليها البرلمان بعد يومين، مرفقا اياها بحزمة اصلاحات اضافية مكملة.

اتت هذه الخطوات الاصلاحية بعد اسابيع من التظاهرات في بغداد ومناطق عراقية عدة، طالب خلالها المحتجون بتحسين الخدمات لا سيما المياه والكهرباء ومكافحة الفساد ومحاسبة المقصرين. وتلقى هذه المطالب دعما مهما من المرجعية الشيعية العليا بدعوتها العبادي الى ان يكون اكثر جرأة وشجاعة ضد الفساد.
&


&