رفض المرجع الشيعي الاعلى في العراق السيستاني استخدام النساء ضحايا لفض نزاعات العشائر في جنوب البلاد، مؤكدًا أن الأمر محرم ويتعارض مع الشرع والاخلاق.. ومن جهتها، أعلنت عشائر الانبار النفير العام لتحرير المحافظة من سيطرة تنظيم "داعش" وطالبت التعجيل بتسليح ابنائها.

لندن: قال معتمد المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني السيد احمد الصافي، خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد)، وتابعتها "إيلاف" اليوم عبر قنوات محلية، إن العشائر العراقية عرفت بتاريخها الحضاري وترسيخ القيم والطباع العربية الاصيلة من شجاعة وكرم واخلاق، ولكن تحدث في ما بينها نزاعات لاسباب شتى، ولذلك يسعى البعض لفض هذه النزاعات وتطويقها وعدم السماح لتوسعها.. لكنه شدد على ضرورة عدم الحاق أي ضرر باشخاص لا علاقة لهم بهذه النزاعات.

وأشار معتمد السيستاني إلى أنّ من هذه الممارسات المرفوضة استخدام عشائر للنساء للتزويج في عشائر أخرى رغمًا عنهن.. وشدد بالقول "ان هذا امر مستنكر اخلاقًا وشرعًا ولا يجوز في أي حال من الاحوال ارغام النساء على تزويج من لا ترغب في ذلك حيث انه لا ولاية للاب أو الاخ في فرض هذه الزيجات على النسوة بالرغم منهن".. وخاطب العشائر قائلا "ابتعدوا عن هذه الممارسة البعيدة عن الشرع والاخلاق".

وحول الاوضاع الامنية في البلاد، فقد أشار الصافي إلى أنّ العراق يواجه حاليًا تحديات أمنية كثيرة وكبيرة في الداخل والخارج في وقت تدافع القوات الامنية والمتطوعون وابناء العشائر عن البلاد لكنه بالرغم من ذلك تتكرر الخروقات الامنية لتحصد ارواح المئات من المواطنين الابرياء، ما يستدعي من اليقظة والحذر ومواجهة الارهابيين بدقة ومهنية وتفعيل جهود الاجهزة الاستخبارية، لتكون منتبهة دائماً لرصد تحركات العدو وافشال مخططاته العدوانية.

ودعا طلبة الجامعات والمدارس الاعدادية إلى استغلال عطلة الصيف للتدرب على السلاح للدفاع عن الوطن، حين يتطلب الامر ذلك، وكذلك الانخراط في دورات تطويرية فكرية وعلمية وثقافية.

وكانت رئيسة منظمة المرأة العربية روناك مصطفى عقيلة الرئيس العراقي فؤاد معصوم وصفت امس تقديم عشائر عراقية نساءها "دية" لفض نزاعاتها بأنه نوع من الرق يسلبهن كرامتهن وانسانيتهن ووجودهن.. ودعت إلى الاسراع بالتحقيق في الامر واتخاذ التدابير اللازمة لحظر هذه الممارسة المنافية للشرائع السماوية ولائحة حقوق الانسان العالمية والدستور العراقي.

وكانت تقارير صحافية أكدت مطلع الاسبوع الحالي أن نزاعًا عشائريًا في قرى بالبصرة انتهى بدفع نحو 50 امرأة "دية" كفصل عشائري له بعد ان أدى إلى مقتل عدد من الاشخاص نتيجة استخدام الرصاص الحي في الاشتباكات.

وقد اثار هذا الامر غضبًا واستنكارًا واسعين حيث وصف البرلمان العملية بأنها سبي للنساء مؤكدا فتح تحقيق في الامر لمقاضاة الفاعلين.. بينما رفض زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر هذه العمليات ودعا العشائر إلى الكف عنها وتحكيم العقل والشرع في الامر.. كما رفضت لجنة العشائر النيابية بشدة قيام عشائر شمالي محافظة البصرة بتقديم 50 امرأة كفصل عشائري نتيجة نزاع مسلح وأكدت عزمها التحقيق في هذه القضية ومنع تنفيذ عملية الفصل هذه.

وكانت محافظة البصرة الجنوبية شهدت مؤخرًا نشوب نزاع عشائري مسلح في منطقة الماجدية التابعة إلى ناحية الهارثة شمال المحافظة. وقد استخدم الطرفان المتنازعان فيه&اسلحة متوسطة وخفيفة وقذائف الهاون، ما تسبب بقطع طريق البصرة بغداد وحرق عدد من الدور السكنية. ودعا أهالي تلك المناطق الجهات الأمنية والحكومية إلى التدخل العاجل لايقاف اطلاق النار.

وتشهد مناطق شمال البصرة وبالأخص الكرمة والقرنة والثغر بين الحين والآخر نزاعات عشائرية مسلحة لاسباب مختلفة تسفر عن مقتل وإصابة العديد من المواطنين، اضافة إلى تسببها بقطع الطرق، فيما يتدخل الوجهاء وشيوخ العشائر سعياً لهدنة عشائرية تجري خلالها مفاوضات لإرضاء الاطراف المتنازعة.

عشائر الانبار تعلن النفير العام لتحرير المحافظة

إلى ذلك، أعلن شيوخ عشائر ووجهاء في محافظة الانبار الغربية النفير العام لتطهير المحافظة من سيطرة تنظيم "داعش"، مطالبين بالاسراع بتسليح ابناء العشائر.

ودعا الشيوخ رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى تمديد العفو عن العسكريين المتسربين، وقالوا خلال مؤتمر صحافي "إن عشائر الانبار تعلن النفير العام في المحافظة للقتال إلى جانب القوات الامنية وتحرير مدينتهم من دنس عصابات داعش الاجرامية".

وأضافوا ان "من اهم اسباب سقوط مدينة الرمادي&مركز المحافظة هو عدم صرف رواتب المنتسبين في الاجهزة الامنية لمدة اربعة اشهر وعدم زج الضباط من منتسبي الجيش السابق بالوحدات العسكرية ورفع الاجتثاث عنهم ممن كانت لهم صولات ومواقف بطولية في قتال عصابات داعش الارهابية".

ودعوا أبناء الانبار إلى الانخراط في الشرطة المحلية أو الحشد الشعبي. وطالبوا القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي بتمديد فترة العفو عن العسكريين من أبناء المحافظة ومحاسبة جميع القيادات الأمنية التي تسببت بسقوط المحافظة بيد "داعش" منذ بداية العام الماضي.

ومن جهته، قال رئيس مجلس المحافظة إن هناك عشرة آلاف مقاتل من أبناء العشائر ينتظرون تجهيزهم بالأسلحة المناسبة لقتال داعش، حيث أنهى 5 آلاف منهم التدريبات اللازمة وأصبحوا جاهزين لمساندة القوات المشتركة في القتال ومسك الأرض. لكن في ظل تردد الحكومة العراقية بتسليح أبناء العشائر لوح أولئك بالانشقاق والنأي بالنفس عن محاربة داعش إذا لم تسلّم حكومة حيدر العبادي السلاح لأبنائها.

وعلى الرغم من هذا التلويح بالانشقاق، من المتوقع أن تلتقي الحكومة المحلية وزعماء عشائر الأنبار في بغداد للتوصل إلى صيغة نهائية حول مطالبة الحكومة المركزية بتسليح أبنائهم من المتطوعين بأسلحة متوسطة وثقيلة تتناسب مع ما يملكه عناصر التنظيم من أسلحة متطورة ساعدته على احتلال مساحات كبيرة في البلاد.

ومن جانبها، أعلنت قيادة الحشد الشعبي للمتطوعين الشيعة اليوم الجمعة وصول تعزيزات عسكرية من الجيش والحشد الشعبي إلى قضاء الكرمة شرق الفلوجة (62 كم غرب بغداد) للمشاركة بمعارك تطهير القضاء، فيما أكدت أن تنظيم "داعش" عزز قواته في القضاء بحوالي 500 مقاتل.

وقال أمر الفوج الثالث "أحرار الكرمة" التابع للواء 30 في قوات الحشد الشعبي العقيد محمود مرضي الجميلي إن "تعزيزات عسكرية وقتالية من قوات الجيش والحشد الشعبي وصلت اليوم إلى قضاء الكرمة قادمة من بغداد استعدادًا لاقتحام مركز قضاء الكرمة وتطهير ما تبقى من مناطقها من عناصر تنظيم داعش الإرهابي".

وأشار الجميلي إلى أن "هناك معلومات استخبارية تؤكد أن التنظيم عزز قواته في القضاء بحوالي 500 مقاتل من العرب والأجانب، والذين تسللوا من الفلوجة إلى القضاء لتعويض خسائر التنظيم".. مؤكدًا& في تصريح نقلته وكالة "المدى بريس" اليوم "أن قوات الحشد الشعبي والقوات الأمنية تسعى لتطهير مركز القضاء والتقدم نحو مدينة الفلوجة لتطهيرها من تنظيم داعش".

وكانت قيادة الحشد الشعبي أعلنت يوم الاثنين الماضي صد هجوم لتنظيم "داعش"، وسط قضاء الكرمة شرق الفلوجة، وفيما أكدت مقتل 13 عنصراً من التنظيم، أشارت إلى استمرار عمليات تطهير القضاء وسط "انكسار كبير" لعناصر التنظيم.

يذكر أن تنظيم "داعش" يسيطر على أهم وأبرز مدن الأنبار منذ عام تقريباً على الأحداث والمعارك والمواجهات بين القوات الأمنية والعشائرية، ومن أبرز المناطق التي هي تحت سيطرة التنظيم هي الفلوجة والقائم الحدودية بين العراق وسوريا وهيت وراوة، ونواحٍ أخرى منها كرمة الفلوجة القريبة من حدود العاصمة بغداد.