لندن: شن المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني، هجوما عنيفا ضد الفساد الذي قال إنه استشرى في البلاد بشكل غير مسبوق، وادى الى احتلال تنظيم داعش المدن العراقية، موضحا انه تفشى أولا داخل الكتل السياسية المشاركة بالحكومة ومكاتبها. ووجه انتقادات للاجراءات الأمنية العاجزة عن حماية أرواح المدنيين من التفجيرات، ودعا الى إجراءات حازمة وحقيقية لمواجهة ذلك، محذرًا من انه بدونه فإن البلاد تسير نحو مصير مجهول.

تقصير القوى الامنية
وأشار الشيخ عبد المهدي الكربلائي، معتمد المرجع السيستاني خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم وتابعتها "إيلاف"، عبر قنوات محلية، الى انه في الوقت الذي تحقق فيه القوات العراقية ومتطوعو الحشد الشعبي والعشائر انتصارات على تنظيم داعش، وتحرير مزيد من الاراضي من دنسه وتوقع المزيد من الخسائر في صفوفه فإن هذا التنظيم يحاول اشباع غريزته الاجرامية، من خلال الانتقام الطائفي بقتل المواطنين وتدمير محلاتهم واسواقهم وممتلكاتهم الاخرى مثلما حصل في ناحية خان بني سعد (في محافظة ديالى شمال شرق بغداد حيث قتل في تفجير مفخخة 120 مواطنا واصيب 150 آخرين الجمعة الماضي) وفي بغداد ( الثلاثاء والاربعاء ما ادى الى مقتل واصابة العشرات من الاشخاص في احياء شيعية في العاصمة)، في وقت يفترض ان يعيش هؤلاء الضحايا فرحة العيد لكن الارهاب حولها الى مصائب وويلات كما قال.
واضاف ان هذا الوضع يتطلب من الجهات الامنية المسؤولة اجراءات جدية وحقيقية لحماية ارواح المواطنين .. وقال انه "من غير المنطقي والمقبول&لا شرعا ولا اخلاقيا، انه في الوقت الذي يضحي فيه المقاتلون في جبهات المواجهة مع الارهاب بأرواحهم لتحرير الاراضي من دنس داعش، وقد تركوا مدنهم في حماية القوات الامنية، ثم تصبح عوائلهم وذووهم هناك فريسة لإرهاب الدواعش نتيجة لإهمال او خيانة عناصر في هذه القوات، في اشارة الى اعتراف عنصر في الأمن في ادخال المفخخة التي ضربت ناحية خان بين سعد.&
&
ودعا الكربلائي الحكومة "بقوة" الى اتباع سياسات حازمة في مواجهة العناصر الامنية التي يثبت تورطها او تماهلها في اداء واجباتها، التي تمكن العصابات الارهابية من هذه الخروقات الامنية، وشدد على ضرورة عدم التسامح مع المقصرين وتوفير الاجهزة والمعدات الحديثة والمتطورة، القادرة على كشف المفخخات والعبوات الناسفة، وتدريب العناصر الأمنية على استخدامها بأفضل شكل. كما طالب السلطات بتصعيد الجهد الاستخباري في ملاحقة الارهابيين والكشف عن الاتصالات في ما بينهم من خلال أجهزة متطورة، تمكن من تتبع تحركاتهم وخططهم لضرب المواطنين بالتفجيرات والمفخخات القاتلة.
يشار الى ان العراق يخوض حاليا حربا شرسة ضد تنظيم داعش، منذ سيطرته على مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى الشمالية في العاشر من حزيران (يونيو) عام 2014 وتمددت سيطرته الى مناطق شاسعة من محافظات ديالى (شرق) وكركوك (شمال) والانبار (غرب) وصلاح الدين (شمال غرب) ما ادى الى نزوح اكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون عراقي وتدمير البنى التحتية في المناطق التي يحتلها .
&
الفساد قاد داعش لدخول المدن العراقية
وحول تفشي الفساد في مؤسسات الدولة العراقية وخاصة المهمة منها فقد اعتبر معتمد السيستاني ان هذا الفساد المستشري بشكل غير مسبوق هو الذي قاد تنظيم داعش الى احتلال المدن العراقية.
واضاف ان "المشكلة الكبيرة هي أن الفساد قد انتشر أولا داخل الكتل السياسية المشاركة في الحكومة ومكاتبها، وإذا كانت الحكومة تريد أن تقضي على الفساد لا بد لها أن تبدأ بمكاتب السياسيين والمتنفذين في مؤسسات الدولة الأمر الذي سيعود على البلاد بالخير" .
وقال ان الفساد استشرى بصورة لم يسبق لها مثيل في اغلب مؤسسات الدولة وخاصة المهمة منها... مؤكدا انه قد اوصل الاوضاع في العراق الى ما هي عليه الان "حيث ان هذا الفساد هو الذي مكن تنظيم داعش من احتلال المدن العراقية وسقوطها تحت سطوته". واشار الى انه لولا هذا الفساد المستشري في مؤسسات الدولة المهمة، بشكل خاص، لما دخل داعش للمدن واحتلّها ودفع ثمن ذلك خيرة شباب العراق ورجاله وفقدت عامة المواطنين الخدمات المهمة .
ودعا الى اليقظة مما يحصل من فساد في مؤسسات الدولة والمواقع المهمة في الاجهزة الحكومية... مشددا على ان هذا يتطلب معالجة جدية ووقفة شجاعة وجريئة ووطنية، يشعر من خلالها المسؤولون بالخطر الذي يقود العراق الى مصير مجهول.
وطالب الكربلائي قادة الكتل السياسية وكبار المسؤولين في السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية بالشعور بالمسؤولية الشرعية والوطنية التي يتحملونها والبدء بمرحلة العلاج الحقيقي والجدي لهذا المرض العضال. محذرا بالقول انه "اذا لم يبدأ المسؤولون الكبار بهذه الاجراءات فلا أمل في علاج ازمات العراق واوضاعه الحالية التي ستقوده الى مصير مجهول".
يذكر أن العراق احتل خلال السنوات القليلة الماضية المراتب الأولى بمؤشر الفساد العالمي والتي تقدر فيه بعض التقارير المحلية والدولية سرقة واختفاء ما يقارب 300 مليار دولار من خزينة الدولة منذ عام 2003 وحتى العام الحالي.
وكان مجلس الوزراء العراقي اتخذ الثلاثاء الماضي جملة قرارات تقضي بتخفيض المرتبات الضخمة لكبار المسؤولين بنسبة النصف بدءا من الاول من الشهر المقبل بنسب تتراوح بين 0 و35 بالمائة.&
وتشير مصادر عراقية مطلعة الى أن الرئاسات العراقية الثلاث للجمهورية والحكومة والبرلمان قد كلفت خزينة الدولة العراقية مبلغاً يتجاوز 15 مليار دولار سنوياً خلال السنوات الثلاث الماضية وهو ما يتجاوز ميزانيات سنوية كاملة لدول مجاورة. واوضحت أن هذا يأتي في ظل انخفاض الأجور في الوظائف العامة عموماً وارتفاع نسبة البطالة بين القادرين على العمل وتدهور كبير في قطاع الخدمات. &
&
دعم خفض مرتبات المسؤولين بتشريعات ملزمة
وحول قرار الحكومة العراقية الثلاثاء الماضي بتخفيض مرتبات كبار المسؤولين بنسب تتراواح بين 50 و35 بالمائة فقد اعتبر ممثل المرجعية الشيعية العليا انه خطوة في الاتجاه الصحيح اذا وضع له تشريع الزامي من مجلس النواب حتى لايكون حبرا على ورق ويشغل الناس والاعلام لبعض الوقت ثم لايجد له طريقا في التطبيق.