أعادت الانفجارات وإطلاق الرصاص الليلية في باريس، ومشهد سيارات الإسعاف تجوب الشوارع، والجثث المدماة الملقاة أرضًا أعادت إلى أذهان الفرنسيين حادثة "شارلي إيبدو"، بعدما اعتقدوا أنها كانت عرضية ولن تشهد هزات ارتدادية.
إيلاف - متابعة: بعيد منتصف ليل الجمعة السبت، تعرّضت العاصمة الفرنسية لسلسلة اعتداءات متزامنة أسفرت عن مقتل أكثر من مئة شخص. وفي مسرح باتاكلان في شرق باريس، هاجم مسلحون الصالة التي كان يوجد فيها حوالى 1500 شخص، واحتجزوا العديد منهم رهائن. في وقت لاحق، اقتحمت الشرطة الصالة، وسمعت اصوات رشقات رشاشة مكثفة ودوي انفجارات.
كان الناس خارج المسرح، معلقين بهواتفهم النقالة. وقال رجل وصل راكضًا الى قرب الشريط الامني، الذي اقامه عناصر الامن، "زوجتي موجودة في باتاكلان، انها كارثة".
وقال رجل أمن كان يحاول مع زملائه ابعاد الناس عن المكان: "حصل تبادل اطلاق نار داخل باتاكلان. كل ما يمكنني قوله هو ان الامر اكثر خطورة من شارلي ايبدو، التي اعتقدنا بعدها أن الأمن استتب"، في اشارة الى الاعتداء على مقر الصحيفة الساخرة في باريس في كانون الثاني/يناير.
وعلى موقع تويتر، بدأ عشرات الاشخاص ينشرون صور اقارب لهم موجودين في الصالة، طالبين معلومات عنهم. وروى لويس، الذي كان داخل الصالة، وتمكن من الفرار مع والدته تحت الرصاص لإذاعة فرانس اينفو، وهو يجهش بالبكاء، ان شبانًا كانوا دخلوا المسرح "وبدأوا اطلاق النار عند المدخل. لقد اطلقوا النار على الجموع هاتفين +الله اكبر+".
وقال "كان هناك الكثير من الناس على الأرض في كل مكان". واضاف الشاهد ان المهاجمين "كانوا مسلحين ببنادق بومب أكشن كما اعتقد (...) لقد سمعتهم يلقمونها، الحفل الموسيقي توقف، الكل رمى بنفسه أرضًا، وهم واصلوا إطلاق النار على الناس... اللعنة، كان الوضع جحيمًا".
اللحظات الثقيلة
وشهدت احياء باريس الشرقية التي توجد فيها نواد ومقاه عديدة يكثر روادها في نهاية الاسبوع، اعتداءات متتالية شبه متزامنة. على الاثر، اقفلت القوى الامنية الشوارع ومنعت الاقتراب من المنطقة.
وقال عنصر امن قرب مستشفى سان لويس "يقوم الجيش بتأمين المنطقة". في الوقت نفسه، بدأ افراد الشرطة العلمية بقمصانهم البيضاء، عملهم على الارض. كان في الامكان رؤية بقع من الدم قرب بوابة مدرسة. وكان رجل يروي باكيًا ان شقيقته قتلت. الى جانبه، تغرق والدته بالبكاء فيضمها بين ذراعيه. ويقول وهو يشير الى مكان قريب "لا يريدون السماح لنا بالمرور".
وقال بيار مونفور الذي يسكن في المنطقة "سمعنا اصوات اطلاق نار، لمدة ثلاثين ثانية ربما، لكن بدا الامر وكأنه دهر". ووصلت فلورانس الى المكان بعد دقيقة واحدة ربما واوضحت ان "الامر بدا خياليًا. كان الجميع ارضًا. عاد الهدوء، ولم يكن الناس يدركون ما حصل. رأيت رجلا يحمل فتاة بين ذراعيه. بدت لي ميتة".
على بعد شارعين من هنا، تجمع قبل عشرة اشهر مليون ونصف مليون شخص للمشاركة في تظاهرة تضامنية مع صحيفة "شارلي ايبدو" التي تعرّضت لاعتداء في كانون الثاني/يناير اوقع قتلى وجرحى. ويروي ماتيو (35 عاما) انه كان يهمّ بالدخول الى مطعم عندما "سمعت صوتا وكأنه مفرقعات. اعتقدت انه احتفال بعيد ميلاد، ثم سمعت صوتا آخر، وثالثا، ثم رايت الدماء، فرميت نفسي ارضا".
لم ير ماتيو المعتدي، لكن شهودا آخرين وصفوه بانه مسلح برشاش، وبانه تمكن من الفرار. وقال ماتيو "كان هناك خمسة قتلى من حولي، وقتلى آخرون في الشارع، ودماء في كل مكان. اما انا فنجوت".
دماء في كل مكان
تكررت المشاهد نفسها في شارع شارون الواقع الى الشرق اكثر.& وروى رجل انه سمع اطلاق نار لمدة "دقيقتين او ثلاث، ثم رأيت اجسادا مدماة. لا اعلم ان كانوا قد ماتوا".
وقال شاهد آخر "كانت الدماء في كل مكان".
اما في استاد فرنسا الدولي، احد اكبر الملاعب الفرنسية الواقع في الضاحية الشمالية لباريس، فقد سمعت ثلاثة انفجارات. وقال شهود ان احد الانفجارات نتج من عملية انتحارية. واحتجز الجمهور، الذي كان يتابع مباراة ودية بين فرنسا والمانيا، داخل الملعب، الذي حلقت فوقه مروحية، قبل ان تبدأ عملية اخلائه اثر عودة الهدوء.
وقال لوفيك كلاين (37 عاما) "سمعنا الانفجارات بعد 25 دقيقة من بداية المباراة التي استمرت بشكل طبيعي. اعتقدت ان الامر مزحة". وكان لودفيك القادم من ليموج يتابع المباراة مع ابنه البالغ من العمر عشر سنوات. وقال مصدر قريب من التحقيق ان اربعة قتلى سقطوا في الملعب "ثلاثة منهم على الأرجح من الارهابيين".
كندا تتضامن
هذا واكدت كندا "تضامنها مع فرنسا" اثر "الاعتداءات الارهابية" التي اوقعت في باريس مساء الجمعة أكثر من 100 قتيل في حصيلة موقتة، مشيرة الى انها "ستعمل مع المجتمع الدولي للمساهمة في منع وقوع مثل هذه الاعمال الرهيبة والعبثية".
وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو قبيل مغادرته الى تركيا، حيث سيشارك في قمة مجموعة العشرين، انه يقدم "باسم جميع الكنديين تعازيه الى عائلات واصدقاء الضحايا". واضاف "لقد تلقيت بمزيد من الصدمة والحزن خبر مقتل واصابة هذا العدد الكبير من الاشخاص في اعتداءات ارهابية في باريس".
من جهتها نشرت وزارة الخارجية الكندية ارشادات لرعاياها الموجودين في باريس اذا ما رغبوا في الحصول على "مساعدة عاجلة " بعد الاجراءات الطارئة التي اعلنت السلطات الفرنسية فرضها، ولا سيما اغلاق الحدود.
&
التعليقات