صبري عبد الحفيظ من القاهرة: قالت دار الإفتاء المصرية إن العمليات الإرهابية التي ضربت العاصمة الفرنسية باريس، تكشف عن تغلغل فكر تنظيم "داعش" بين الشباب الغربي، مشيرة إلى أن التنظيم الإرهابي يحاول "شرعنة" العنف ضد الجميع.

وأعلن مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية أن بيان تنظيم داعش الإرهابي الذي تم نشره تحت مسمى "غزوة باريس"، "هو من قبيل التلبيس والتدليس على الناس وإلباس الحق بالباطل من أجل تبرير العمليات الإرهابية".

وأوضح المرصد في تقرير له عن الأعمال الإرهابية التي ضربت بارس، أن "الغزوات التي عرفها المسلمون وأقرها الإسلام لم تكن يوما من أجل سفك الدماء وإزهاق الأرواح وترويع الآمنين وهدم البنيان وتضييع المقاصد العليا للدين".

وفندت دار الإفتاء المصرية مزاعم "داعش" وأسبابه في شن الهجمات ضد المدنيين، وقالت: "المسلم مأمور بتأمين الناس على أنفسهم وأهليهم ومن ثم فهو لا يبدأ أحدا بقتال، بل إنه يسعى بكل الطرق لتجنب القتال وسفك الدماء، فالمسلم من سلم الناس من يده ولسانه والمؤمن من أمنه النّاس على دمائهم وأموالهم، وكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يعلم أصحابه ويوجههم فيقول لهم: "لا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ".

وأوضح المرصد: "التنظيم برر هذه العملية الإرهابية بكونها "ردًا على من تصدروا ركب الحملة الصليبية، وسبوا النبي محمد، وضربوا مواقع التنظيم"، إلا أنه تغافل أن هذه الجهود من قبل المجتمع الدولي تصب في مكافحة الإرهاب تهدف بالأساس إلى حماية أرواح وممتلكات المسلمين في الدول العربية والإسلامية، والتي تعرضت لشتى أنواع الدمار والتخريب المتعمد من قبل هذا التنظيم الإرهابي".

شدد المرصد في تعقيبه على بيان "داعش" على أن "الإسلام ترك الناس على أديانهم ولم يُجبِرْهم على الدخول في الإسلام قهرًا، فقد سمح لهم بممارسة طقوس أديانهم في دور عبادتهم، وضمن لهم من أجل ذلك سلامة دور العبادة، وأَوْلاها عنايةخاصة؛ فحرم الاعتداء بكافة أشكاله عليها، بل إن القرآن الكريم جعل الجهاد لرفع الطغيان ودفع العدوان وتمكين الله تعالى لهم في الأرض سببًا في حفظ دور العبادة – سواء أكانت للمسلمين أم لغيرهم - من الهدم وضمانًا لأمنها وسلامة أصحابها. وأشارت دار الإفتاء المصرية إلى أن الأصل في الإسلام حفظ النفس الإنسانية وصيانتها وحمايتها سواء كانت مسلمة أم غير مسلمة، فأمن الإنسان من أجلِّ النعم وانتفاء الخوف من العدوان من ضروريات حياته وحاجياتها".

ولفتت إلى أن "العملية الإرهابية بباريس كشفت بوضوح عن حجم تغلغل التنظيم الإرهابي في الدول والمجتمعات الغربية بشكل لم يكن متوقعا لدى معظم دوائر صنع القرار هناك، كما أنه أكد بما لا يدع مجالا للشك أن السياسات والوسائل المستخدمة لمواجهة التنظيم ليست بالكافية للقضاء عليه، أو حتى حصاره وتقليل نفوذه وقوته، وهو ما يؤكد الحاجة الماسة إلى وضع استراتيجية متكاملة لمعالجة أسباب العنف والتطرف بشكل عام، وأعمال العنف والتدمير على وجه الخصوص، فالحلول الأمنية والعسكرية وحدها لن تحقق الأمن لدول وشعوب العالم الغربي، كما أنها لن تعيد لدول الشرق الأوسط الاستقرار المنشود".

ودعا المرصد كافة الدول والمؤسسات الدولية إلى "سن قوانين دولية تحرم وتجرم المساس بالمقدسات الدينية كافة، لقطع الطريق أمام التنظيمات المتطرفة والتكفيرية التي تستثمر تلك الأحداث لتبرر أعمال العنف والقتل والتدمير بدعوى أنها تثأر لكرامة مقدسات دينية، في حين أنها تستثمر تلك الإساءات التي تصدر من هنا وهناك لتبرر أفعالها الإجرامية وتصبغها بالطابع الديني الذي يلقى صداه عند الكثيريين ممن لا يعرفون حقيقة تلك التنظيمات الإرهابية".

يأتي هذا في الوقت الذي أعرب فيه الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، عن "استنكاره للهجمات الإرهابية وعملية احتجاز الرهائن بالعاصمة الفرنسية باريس وأسفرت عن مقتل& 160 وإصابة العشرات، موضحا أنه آن الأوان ليتحد العالم ضد ما أسماه وحش الإرهاب المسعور".

واضاف الطيب، أن "يد الخسة والإرهاب العابثة بما أقدمت عليه من إراقة الدماء وإزهاق أرواح الأبرياء قد تجردت من أقل معاني الإنسانية، مشددا على أنه إذا لم تتوحد جهود المجتمع الدولي للتصدي لهذا الخطر البغيض فلن يكف عن جرائمه البشعة بحق الآمنين".

وتقدم شيخ الأزهر بـ"خالص العزاء للجمهورية الفرنسية وأهالي الضحايا، سائلا الله تعالى أن يصبر ذويهم، وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل".