تدعي نيجيريا أنها قلّصت كثيرًا إمكانيات بوكوحرام، وتتطلع إلى إنهاء النزاع بحلول أواخر العام، إلا أن هؤلاء ما زالوا يظهرون قدرة على شنّ هجمات. وتسهّل اثنية كانوري التي ينتمي إليها سكان المدن الحدودية التواصل مع المتمردين. كما أن للفساد دورًا في إعاقة مكافحة الجماعة خاصة حين استولت على أراض، وبدا الجيش عاجزًا عن التحرك.


إيلاف - متابعة: منذ تولي الرئيس محمد بخاري منصبه في ايار/مايو الماضي، قتل نحو 1500 شخص في نيجيريا، معظمهم كان ضحية هجمات انتحارية واعتداءات بالقنابل استهدفت بلدات ومدنًا في شمال شرق البلاد. في موازاة ذلك، استهدفت مناطق نائية من الكاميرون وتشاد والنيجر، ما يؤكد التهديد الذي يشكله هذا الفرع، التابع لتنظيم الدولة الإسلامية على الأمن الإقليمي.

في هذا السياق، قتل 18 شخصًا، وأحرقت مئة من&المنازل الخميس، في هجوم دام في جنوب شرق النيجر. لكن العبء الأكبر من المجازر يقع على كاهل مايدوغوري، كبرى مدن شمال شرق نيجيريا، حيث تشكلت بوكو حرام في العام 2002، رغم الاجراءات الامنية المشددة وتواجد القيادة العسكرية العليا في المنطقة منذ ايار/مايو. فيوم الاحد الماضي، قتل ثمانية اشخاص في هجوم انتحاري، نفذته امرأة بين مجموعة من النساء والاطفال اللاجئين القادمين الى المدينة.

وشهدت عاصمة ولاية بورنو في تشرين الاول/اكتوبر ست هجمات، أدت الى مقتل 54 شخصا على الاقل، في حين قتل 117 شخصا على الاقل في 20 ايلول/سبتمبر، ما حض على اطلاق دعوات الى تعزيز عمل الاستخبارات والامن على الأرض.

حسّ الانتماء والفساد
أدت هجمات بوكو حرام، التي تسعى الى اقامة دولة اسلامية متشددة في شمال شرق نيجيريا، الى سقوط 17 الف قتيل على الاقل، وتشريد نحو 2.6 مليون شخص منذ العام 2009. وبالنسبة الى دودا ماندي، وهو زعيم محلي من شمال شرق البلاد، فإن انتماء غالبية اعضاء بوكو حرام الى اثنية كانوري يلعب دورًا في اطالة أمد النزاع.

فمعظم سكان المدن والقرى الواقعة على طول الحدود في نيجيريا والنيجر والكاميرون، والى حد ما في تشاد، ينتمون الى اثنية كانوري، ما يشكل صلة وصل ثقافية ولغوية مع المتمردين. ويقول ماندي لوكالة فرانس برس "انهم يوفرون نوعا من الحماية لبوكو حرام بسبب حس الانتماء الاتني والسكان ليسوا على استعداد للوشاية بسهولة بمن يعبر الحدود".

وفقا لباباكورا كولو، احد اعضاء لجان الامن المدنية المساندة للجيش، فإن الانتحاريين يتسللون الى مايدوغوري من قرى مجاورة، حيث يتم تقديم مأوى إليهم. يضيف ان "المهاجمين عادة ما يدخلون المدينة على الاقدام، متجنبين الحواجز العسكرية بمساعدة شركائهم الذين يعيشون قرب المدينة". وتكررت خلال النزاع الاتهامات بأن بوكو حرام تتلقى "رعاية" من بعض الاشخاص المقتدرين في شمال شرق البلاد.

وفي ايلول/سبتمبر الماضي، اتهم الجيش النيجيري "بعض الشخصيات البارزة والجماعات السياسية" في بورنو وشمال شرق البلاد بالعمل على تقويض عملية مكافحة التمرد لـ"مصالح شخصية". ولم يذكر الجيش حينها اي أسماء أو تفاصيل عن ماهية عمليات التخريب او الغرض منها، ولكن مع استمرار الهجمات يبدو ان هذه الاتهامات لن تتوقف.

للفساد ايضًا دور كبير في إعاقة مكافحة بوكو حرام، وخصوصًا في العام 2014 حين استولت الجماعة على مساحات شاسعة من الأراضي، وبدا الجيش عاجزًا عن التحرك.
وفي الاسبوع الماضي، قال بخاري إن الجنود لم يتلقوا أسلحة للقتال، ما ادى الى ازهاق آلاف الارواح، بسبب فساد في عمليات الشراء.

اضافة الى "عقود وهمية" لشراء طائرات مقاتلة ومروحيات وأسلحة وذخائر، كانت هناك ايضا اتهامات بالتواطؤ. ويقول المحلل الامني المتابع للنزاع عبدالله وازع انه "من الواضح" ان بعض العناصر في الجيش كان أو لا يزال يتعاون بشكل وثيق مع بوكو حرام لتحقيق مكاسب مالية.

أسلحة ومقاتلون
واعلنت نيجريا خلال الاشهر الماضية انها دمرت معسكرات لبوكو حرام في شمال شرق البلاد، وضبطت اسلحة وذخائراضافة الى اكتشاف ما قالت انها "مصانع متفجرات". ولا تزال مسألة الحصول على الاسلحة مشكلة قائمة، ما يجعلها اولوية لتعزيز المراقبة وسط استمرار قدرة المسلحين على ايصال الاسلحة وتعزيز المقاتلين على الخطوط الامامية.

وقد ساهمت سهولة اختراق الحدود النيجيرية منذ فترة طويلة بدخول الاسلحة الآتية من ليبيا وعبر طرق التهريب التي أنشئت في منطقة الساحل ذات الكثافة السكانية المتدنية. كما ان الجماعة استولت سابقًا على اسلحة، من بنادق هجومية وقذائف صاروخية وحتى دبابات وناقلات جند مدرعة من الجيش النيجيري خلال شن الهجمات.

ويشير الاستاذ الجامعي السابق في جامعة مايدوغوري خليفة ان بوكو حرام استخدمت التجنيد الاجباري للرجال والفتيان لتعزيز صفوفها، لكنها أنشأت أيضًا تحالفات مع جماعتي بودوما وكالومبا الاثنيتين في تشاد.

ويوضح ان "لدى بوكو حرام جيش من المرتزقة من تشاد، يعبرون الحدود للانضمام الى صفوفها، بسبب الغنائم التي يحصلون عليها خلال الهجمات على القرى. وهكذا، يمكن لبوكو حرام ان تجدّد صفوفها بسهولة عندما تتلقى خسائر بسبب هجمات الجيش".