أوقفت الولايات المتحدة برنامجًا مثيرًا للجدل لجمع كمية كبيرة من البيانات والمعلومات عن هواتف المواطنين الأميركيين، في خطوة جاءت بعد كشف عميل الاستخبارات السابق إدوارد سنودن عن ذلك البرنامج.


واشنطن: رحّب عدد من أنصار الخصوصية وعدد من شركات التكنولوجيا بإنهاء برنامج جمع المعلومات، إلا أن عددًا من المتشددين في شؤون الأمن أعربوا عن خشيتهم من أن يعوق ذلك الإجراء جهود أجهزة تطبيق القانون لإحباط الهجمات الإرهابية المحتملة.

وابتداء من يوم الأحد أنهت وكالة الأمن القومي برنامجًا كشف عنه سنودن في 2013. وفي وقت سابق من هذا العام، صادق الكونغرس الأميركي على قانون عرف باسم "قانون الحرية في الولايات المتحدة" لوقف البرنامج، وإلغاء بعض من الصلاحيات، التي حصلت وكالة الأمن القومي عليها، في أعقاب هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001.

ينهي القانون الجديد قدرات الوكالة على الحصول على وتخزين البيانات، ومن بينها أرقام الهواتف وتاريخ وأوقات المكالمات الهاتفية، ولكن ليس محتواها - من ملايين الأميركيين الذين ليست لهم علاقة بالإرهاب.

ويقضي القانون بنقل مسؤولية تخزين البيانات إلى شركات الهواتف، ويسمح للسلطات بالحصول عليها فقط عند الحصول على تصريح من محكمة مكافحة الإرهاب، التي تحدد الشخص أو مجموعة الأشخاص الذين يشتبه في علاقتهم بالإرهاب.

الأكثر عرضة للخطر
دان المنتقدون هذه الخطوة، وقالوا إنها تجعل الأميركيين أكثر عرضة لهجمات، مثل تلك التي شهدتها العاصمة الفرنسية في 13 تشرين الثاني/نوفمبر، وأدت إلى مقتل 130 شخصًا. وقال السناتور ماركو روبيو، الذي يأمل في الحصول على ترشيح حزبه الجمهوري لسباق الرئاسة، إن هذه الخطوة تأتي "لقتل برامج استخباراتية في وقت تتصاعد فيه التهديدات الإرهابية على الولايات المتحدة وحلفائها".

أما السناتور الجمهوري ريتشارد بور من نورث كارولاينا فقال لشبكة فوكس نيوز الأحد إن "الولايات المتحدة ارتكبت خطأ حقيقيًا بإلغائها لهذا البرنامج".

لم يمنع مخططات
وذكر ستيوارت بيكر المساعد السابق لوزير الأمن القومي، والذي يمارس المحاماة حاليًا، أنه سيصبح من الأصعب على المحققين جمع "جدول بياني اجتماعي" للمشتبه فيهم، وهو عبارة عن جدول بياني لكل شخص قاموا بالاتصال به أو تحدثوا معه هاتفيًا.

أضاف أن التحقيقات بشأن المشتبه فيهم ستتأخر أيامًا، لأنه بدلًا من البحث في قاعدة بيانات واحدة كبيرة، ستضطر وكالة الأمن القومي للاعتماد على البيانات التي تقدمها إليها شركات الهواتف. أضاف "عليهم الانتقال من قاعدة بيانات إلى الثانية والثالثة وهكذا". إلا أن واضعي "قانون الحرية" يقولون إنه يحمي الأميركيين. فأحد بنود القانون يغلق ثغرة تطلب من الحكومة وقف تعقب الإرهابيين الأجانب المشتبه فيهم عند دخولهم الولايات المتحدة.

وقالت نيما سنغ غولياني من المجلس التشريعي في نقابة الحريات المدنية الأميركية، التي قاضت وكالة الأمن القومي في 2013، بشأن جمع سجلات هواتف المواطنين الأميركيين على نطاق واسع، إنه لا يوجد دليل على أن البرنامج ساعد على منع أية مخططات إرهابية. أضافت "للأسف فبعد هجوم إرهابي أو أية أحداث مأساوية، غالبًا ما نرى أعضاء الكونغرس يسعون إلى إقرار سياسات تؤثر على الحريات المدنية، ولكنها لا تعزز الأمن القومي بالضرورة".

أشارت إلى أنه "هنا لدينا برنامج تم تطبيقه لسنوات، وجمع سجلات الجميع، ولم يسهم مرة واحدة في وقف أي هجوم إرهابي". وقالت إن إحكام القانون الجديد هي خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أنها لفتت إلى أن وكالة الأمن القومي وغيرها من أجهزة الاستخبارات لا تزال تتمتع بصلاحيات واسعة للتنصت، بما في ذلك مراقبة الاتصالات عبر البريد الالكتروني.

مراقبة واسعة
أضافت أن "العمل لم ينتهِ بعد إذا أردنا فعلًا أن نتأكد من أن المعلومات الخاصة بنا لا يتم جمعها بشكل مخالف للدستور". وتسعى جماعات الحقوق الرقمية، مثل مؤسسة "الجبهة الالكترونية" إلى وقف ممارسات رقابة واسعة أخرى تستطيع من خلالها الحكومة التنصت على اتصالات الأشخاص عبر الانترنت.

وقالت المؤسسة على مدونة على الانترنت إنه "رغم أن قانون الحرية في الولايات المتحدة ربما تمكن من تحييد برنامج المراقبة على سجلات الهواتف، ووفر شفافية ضرورية تتمثل في إشراف محكمة على عمليات التجسس، إلا أنه لم يحل مشكلة المراقبة الرقمية الواسعة".

ذاع صيت سنودن بعدما سرّب سلسلة من الأسرار في 2013 كشف خلالها عن عمليات مراقبة واسعة تقوم بها الأجهزة الأميركية. وفر إلى روسيا بعد ذلك، ويواجه المقاضاة في حال عودته إلى الولايات المتحدة.

&