قال العاهل المغربي الملك محمد السادس، في خطاب موجه إلى المشاركين في قمة منتدى التعاون الصيني- الإفريقي، الذي افتتحت أعماله الجمعة بجوهانسبورغ، أن تطوير وتنمية العلاقات الصينية- الأفريقية "خيار استراتيجي نلتزم به ونحرص كل الحرص على تحقيقه".
&
وجدد ملك المغرب في هذا الخطاب، الذي تلاه اليوم السبت، رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، التأكيد على عزمه على تنسيق العمل المشترك وإطلاق تعاون براغماتي، ينبني على مبدأ الاستفادة المتبادلة والتنمية المشتركة.
&
وبعد أن ذكر بأن "شراكتنا تستمد نجاعتها من طبيعتها ومن مقاربتها التشاركية وسعيها الدائم نحو الفاعلية"، لأن لكل بلد خصوصياته"، وأبرز العاهل المغربي أهمية هذا المنتدى، الذي "يمزج بتوازن بين كونه منبرًا للحوار السياسي في إطار التعاون جنوب - جنوب، وبين اعتماده كآلية للتعاون الثنائي بين الصين وأفريقيا، على أساس المساواة في التعامل والمنفعة المتبادلة".
&
وعبر ملك المغرب عن اعتزازه بما حققه منتدى التعاون الصيني -الأفريقي من نتائج بعد خمس عشرة سنة من التعاون المثمر والشراكة الاستراتيجية الناجحة، مؤكدًا أن هذا المنتدى بلغ درجة من النضج تخوله المرور لمرحلة أكثر تقدمًا وعمقًا من أجل مواكبة التغييرات الكبرى والتحديات الجسيمة التي يعرفها العالم اليوم.
&
واعتبر أن هذه القمة الثانية، تشكل فرصة لتحقيق هذا الهدف، وقال "أنا على يقين بأن لقاءنا هذا سيمكننا من تطوير نموذج فريد ومتعدد الأبعاد، لشراكة تجمع بين العبقريتين الأفريقية والصينية، وتستفيد من مؤهلات كل بلد من بلداننا ومواطن قوته".
&
وأشاد الملك محمد السادس بالدور الهام الذي تلعبه جمهورية الصين الشعبية، من خلال مساهمتها في تنمية القارة الأفريقية وتضامنها المثالي مع بلدانها، وحيا "التزام هذه الامة العظيمة والعريقة في سبيل بروز عالم متعدد الأقطاب يعيش في سلام، وجهودها الدؤوبة في خدمة المصالح الجوهرية لبلدان الجنوب وتحقيق طموحاتها المشروعة".
&
وأشاد العاهل المغربي ايضًا بمبادرة الرئيس الصيني شي بينغ، الذي أطلق "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير الجديد"، و"طريق الحرير البحري للقرن 21"، معتبرًا أن هذه المبادرة التاريخية تنم عن رؤية استراتيجية حقيقية للعلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف، وتسعى لتعزيز الروابط التي تجمع بين آسيا وأوروبا وأفريقيا.
&
في سياق ذلك ، قال ملك المغرب "يمكن للمملكة المغربية، بفضل موقعها الجيو-استراتيجي، أن تلعب دوراً بناء في ضمان امتداد طريق الحرير البحري، ليس فقط نحو الواجهة الأطلسية لأوروبا، بل وبصفة خاصة نحو بلدان غرب أفريقيا، التي تجمعها ببلدي روابط متعددة الأبعاد".
&
وفي استعراضه للبعد الأفريقي في سياسة المملكة المغربية، جدد الملك محمد السادس التأكيد على أن المغرب حريص كل الحرص على إيلاء أولوية خاصة لتنفيذ مشاريع ملموسة ومهيكلة مع البلدان الأفريقية الشقيقة، في إطار سياسة للقرب، تضع الإنسان في صميم أولوياتها".
&
واستشهد عاهل المغرب ، كدليل على ذلك، بالعدد المتزايد من الشراكات التي تربط المغرب بهذه البلدان، من أجل تحقيق التنمية البشرية، خاصة في مجالات الصحة والسكن الاجتماعي، وتوفير مياه الشرب، والكهرباء والأمن الغذائي، فضلاً عن مشاريع في القطاعات المنتجة التي تساهم في نمو الاقتصاد وتحفز سوق العمل، في كل من الزراعة والصناعة والبنيات التحتية، بالإضافة الى قطاع الخدمات، من أبناك وتأمين واتصالات.
&
وعلاوة على هذه الشراكات الثنائية، أكد الملك محمد السادس أن المغرب سيواصل مشاطرة الصين التجربة التي راكمها، والخبرة التي اكتسبها، وذلك في سبيل تحقيق تعاون ثلاثي غني ومتنوع، على أساس شراكة مربحة لكل الأطراف.
&
وقال العاهل المغربي إن "مشاريعنا وطموحاتنا المشتركة، من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والبشرية في أفريقيا، تظل رهينة بأمن واستقرار بلدانها، واحترام سيادتها ووحدتها الترابية"، فلا أحد يمكنه أن ينكر أن "أمننا اليوم، يواجه تهديدًا إرهابيًا شاملاً ومتناميًا، يضع مجتمعاتنا في خطر، ويتطلب منا تعبئة جماعية وتعاونًا متبادلًا وتشاورًا وثيقًا".
&
وخلص الملك محمد السادس إلى القول إن المغرب، الذي يضع ثقته كاملة في الشراكة الصينية -الأفريقية، " عليه الاستعداد لبذل كل الجهود، من أجل تعزيز هذا المسار، وربح رهان بناء قارة أفريقية تعيش في استقرار وازدهار، وعلينا جميعًا ان ننظر لمصيرنا المشترك بتفاؤل، لأن أفريقيا تثق في مؤهلاتها ومواردها وكفاءاتها".